هل الغناء حرام في القرآن؟ وما حكم سماع الأغاني إذا كانت بدون تمعن؟ اختلف في الإجابة على هذا السؤال جمهور العلماء طبقًا لاختلاف نوع الأغاني، أو إذا كانت باستخدام آلة موسيقية أم بغير آلة بالإضافة إلى كون المغنى رجلًا أم امرأة، وهذا يتبين جليًا عبر موقع سوبر بابا.

هل الغناء حرام في القرآن؟

الغناء لغةً هو صوت الريح في العشب والنبات الملتف.. أما الغناء اصطلاحًا هو تطريب الصوت بكلمات موزونة أما التغني فهو الترنم، حيث قد ذكر الله آية تحريم الغناء واضحة وصريحة في الآية السادسة من سورة لقمان، قال الله تعالى: (ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله بغير علم ويتخذها هزوًا أولئك لهم عذاب مهين) [لقمان:6].

للتأكد من معرفة هل الغناء حرام في القرآن؟ فقد ذكر ابن رجب في كتابه “نزهة الأسماع ” أن الكثير من العلماء اتفقوا على تحريم الغناء، والمراد من خلال الغناء المحرم هو الشعر الرقيق الذي فيه تشبيب بالنساء؛ مما يؤدي إلى تحريك المشاعر إلى الشهوات المحرمة فهذا هو الغناء المنهي عنه.

أما إذا كان الغناء مُلحَّن بشكل يزعج القلوب ويحرك أهواء البشر فهو من الغناء المنهي عنه أيضًا وما غير ذلك ليس محرمًا.. في سنن “ابن ماجه” أن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال لعائشة “أهديتم الجارية إلى بيتها؟ قالت: نعم، قال: فهلا بعثتم معها من يغنيهم يقول: أتيناكم أتيناكم … فحيونا نحييكم فإن الأنصار قوم فيهم غزل”.

أما في مسألة الاستماع إلى الأغاني بدون تمعن فإن الأغاني الموسيقية مُحرمة عند عامة العلماء فلا يجوز الاستماع إليها حتى لو كانت بدون تمعن.

أقرأ أيضًا: معلومات دينية عن حكم الغناء

آراء الأئمة الأربعة في الغناء وسماع الأغاني

في صدد الحديث عن هل الغناء حرام في القرآن فمن المتعارف عليه أن الموسيقى التي يصاحبها المحرمات كالصور وما إلى ذلك فهي محرمة عند الأئمة الأربعة.

أما في مسألة الغناء فقد ذهب الأئمة الأربعة الحنفية والحنابلة والمالكية والشافعية إلى تحريمه إذا كان مصاحبًا بالمعازف، لكن هناك رأي لبعض فقهاء الشافعية يذهبون إلى أن الغناء المصاحب للآلات الموسيقية مكروه بينما العزف على الآلات الموسيقية مُحرم.

أما للراغب في معرفة هل الغناء حرام في القرآن؟ إذا كان بدون معازف أو أي آلات موسيقية، فإذا كان يحتوي على كلام فاحش يثير الغرائز فهو بالطبع من المحرمات، أما إذا كان لا يحتوي على المحرمات فهو مباح كالغناء في المناسبات السعيدة أو في الأحداث التاريخية الذي يحتوي على كلمات التشجيع التي تبث الأمل في القلوب.

حكم الغناء إذا كان غرضه الترويح عن النفس

فالحكم يختلف باختلاف آراء الأئمة الأربعة بين التحريم والإجازة.

  • محرم: عند الحنفية وبعض الحنابلة أمثال إبراهيم النخعي وعامر الشعبي وسفيان الثوري والحسن البصري وحمدان بن أبي سليمان.
  • مكروه: عند الشافعية والمالكية وبعض الحنابلة.
  • مباح: عند عبد الله بن جعفر وعبد الله بن الزبير والمغيرة بن شعبة وأسامة بن زيد وعمران بن حصين ومعاوية بن أبي سفيان وعطاء بن أبي رباح وبعض الحنابلة والغزالي من الشافعية.

حكم سماع الأغاني بالآلات الموسيقية

لم يبيح أي من الأئمة الأربعة الاستماع إلى الأغاني التي تحمل المحرمات من الصور والفيديوهات التي تشيع الفواحش، أما بالنسبة للأغاني التي لا تقترن بالفواحش، لكنها يستخدم فيها الآلات الموسيقية فهي محل خلاف بين العلماء، أما الأئمة الأربعة فقد أفتوا بتحريم الأغاني المقترنة بأي من المعازف.

أقرأ أيضًا: ما حكم في الأفراح والمناسبات

ما حكم سماع الأغاني بدون أي آلة موسيقية عند الأئمة الأربعة؟

أما سماع الأغاني بدون أي آلة موسيقية فقد كانت أيضًا محل للخلاف بين الأئمة الأربعة بين ما هو محرم ومكروه.

  • الحنفية: ذهبت آراء الحنفية إلى أن الاستماع إلى الأغاني المجرد من الآلات الموسيقية معصية.
  • الشافعية: اتجهت آراء الشافعية إلى أن سماع الأغاني بدون الآلات أمر مكروه، ويزداد في الكراهة إذا كان الاستماع لغناء امرأة.
  • المالكية: أقرت أن سماع الأغاني بدون آلات موسيقية فهو مكروه.
  • الحنابلة: انقسم الحنابلة إلى جزأين، فمنهم من يقر بتحريمه ومنهم من يشير إلى كراهيته فقط.

دلائل تحريم الغناء من القرآن الكريم

للإجابة عن سؤال هل الغناء حرام في القرآن؟ لابد من الاستشهاد بالآيات الواضحة التي تؤكد ذلك، وهي قوله تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ اللَّـهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا ۚ أولئك لَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ}.

قال الحسن البصري عن هذه الآية أنه كانت تختص بالغناء والمزامير، لكن فسر ابن القيم هذه الآية موضحًا أن المقصود بلهو الحديث لا شك هو الغناء وفقًا لسؤال أبو الصهباء لابن مسعود عن تفسير هذه الآية فقال: والله الذي لا إله غيره هو الغناء -يرددها ثلاث مرات-، وصح عن ابن عمر رضي الله عنهما أيضا أنه الغناء..”

قوله تعالى: {وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُم بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِم بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ وَشَارِكْهُمْ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ وَعِدْهُمْ ۚ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا}

  • فجاء من خلال تفسير الجلالين أن استفزز بمعنى: استخف، أما صوتك: هو دعائك باستخدام الغناء والمعازف.
  • فسر القرطبي هذه الآية أنها تدل على تحريم الغناء واللهو والمزامير وكل ما يندرج تحت صوت الشيطان.

قوله تعالى: {وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا}

  • ذكر ابن كثير: أن الزور هنا هو الغناء وقيل في تفسير كل من القرطبي والطبري: أن المقصود من الآية هم الذين لا يستمعون إلى الغناء.
  • ذكر الإمام الطبري في تفسير (وإذا مروا باللغو مروا كرامًا) أنها تعني أنهم إذا رأوه أو سمعوه عدلوا عنه ومروا مرور الكرام.

أقرأ أيضًا: حكم التصوير في الإسلام

دلائل تحريم الغناء من السنة النبوية الشريفة

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف، ولينزلن أقوام إلى جنب علم، يروح عليهم بسارحة لهم، يأتيهم لحاجة، فيقولون: ارجع إلينا غدا، فيبيتهم الله، ويضع العلم، ويمسخ آخرين قردة وخنازير إلى يوم القيامة» (رواه البخاري)

في هذا الحديث تم تحريم الآلات الموسيقية على وجهين: إما التحريم التام للمعازف والآلات إما لما اقترنت به من الزنا والخمر والنساء وما إلى ذلك.

روى الترمذي في سننه عن جابر رضي الله عنه قال: «خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم مع عبد الرحمن بن عوف إلى النخيل، فإذا ابنه إبراهيم يجود بنفسه، فوضعه في حجره ففاضت عيناه، فقال عبد الرحمن: أتبكي وأنت تنهى عن البكاء؟ قال: إني لم أنه عن البكاء، وإنما نهيت عن صوتين أحمقين فاجرين: صوت عند نغمة لهو ولعب ومزامير شيطان، وصوت عند مصيبة: خمش وجوه وشق جيوب ورنة» (قال الترمذي: هذا الحديث حسن، وحسنه الألباني)

قال صلى الله عليه وسلم: «صوتان ملعونان، صوت مزمار عند نعمة، وصوت ويل عند مصيبة» (إسناده حسن، السلسلة الصحيحة)

قول رسول الله: «إن الله حرم على أمتي الخمر، والميسر، والمزر، والكوبة، والقنين، وزادني صلاة الوتر».

الكوبة تعني الطبل، أما القنين هو الطنبور بالحبشية

روى أبو داوود في سننه عن نافع أنه قال: «سمع ابن عمر مزمارًا، قال: فوضع أصبعيه على أذنيه، ونأى عن الطريق، وقال لي: يا نافع هل تسمع شيئا؟ قال: فقلت: لا! قال: فرفع أصبعيه من أذنيه، وقال: كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم، فسمع مثل هذا! فصنع مثل هذا» (حديث صحيح).

على كل مسلم أن يحذر من نواهي الدين الإسلامي وأن يخشى الله فيما يرى ويسمع ويفعل ويتجنب التقليد الأعمى الذي يمكن أن يؤدي إلى الهلاك.