الحكمة من كون لحم الإبل ينقض الوضوء تجعل الكثير من الناس يشعرون بالتردد عند تناول لحم الإبل، فإن صح ذلك التفها يتم الوضوء بعد شرب حليب الإبل أيضًا؟ وجدت بالفعل بعض الدلائل من القرآن والسنة حول الحكمة من كون لحم الإبل ينقض الوضوء، وهذا ما سنعرضه لكم من خلال موقع سوبر بابا.
الحكمة من كون لحم الإبل ينقض الوضوء
بينما نحن بصدد معرفة الحكمة من كون لحم الإبل ينقص الوضوء، فجدير بنا الإشارة إلى أن الفقهاء أصحاب المذاهب الأربعة قد اختلفوا حول تلك المسألة، فاتفق المذهب الشافعي والمالكي والحنفي على أنه لا ينقض الوضوء، وذهبوا إلى استحباب الوضوء بعد تناوله.
بينما أقر بنقضه للوضوء المذهب الحنبلي فقط، وأنه يجب الوضوء بعد تناوله، وهذا استنادًا لحديث أبي هريرة عن النبي – صلى الله عليه وسلم – حيث قال:
“إن لَم تجِدوا إلَّا مَرابضَ الغنَمِ وأَعطانَ الإبلِ، فصلُّوا في مَرابِضِ الغنمِ، ولا تُصلُّوا في أعطانِ الإبلِ؛ فإنَّها خُلِقَتْ من الشَّياطينِ” [رواه أبو هريرة، صحيح الجامع]
كما قال الإمام ابن تيمية – رحمه الله – أن الأشخاص الذين يتناولون لحم الإبل بكثرة يتّسمون بقسوة القلب والغلظة والتكبر، وهذا لقول أبو هريرة عن النبي – صلى الله عليه وسلم -:
“أنَّ رَسولَ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قالَ: رَأْسُ الكُفْرِ نَحْوَ المَشْرِقِ، والفَخْرُ والخُيَلاءُ في أهْلِ الخَيْلِ والإِبِلِ والفَدَّادِينَ أهْلِ الوَبَرِ، والسَّكِينَةُ في أهْلِ الغَنَمِ” [رواه أبو هريرة، صحيح البخاري]
مستندًا إلى أن الحكمة من الوضوء بعد تناول لحم الإبل تساعد دفع هذه الصفات عن المؤمن، وأيَّده في ذلك العديد من الأئمة والفقهاء، كما قالوا إن الحكمة من الوضوء بعد تناول لحم الإبل لا يعلمها إلا الله، وأنه يجب أن يطيع العبد أوامر الله – عز وجل – ويجتنب نواهيه.
فما أمر الله عبده بشيء إلا وفيه خير له سواء في العاجل أم الآجل، ولم ينهَ عن شيء إلا وفيه مضرةٌ للمؤمن على المدى القريب أو البعيد، فهو العزيز الحكيم.
اقرأ أيضًا: هل يجوز صلاة الخسوف منفرداً
الآراء المختلفة حول حكم الوضوء بعد أكل لحم الإبل
ضمن إطار عرض الحكمة من كون لحم الإبل ينقض الوضوء، يجب ذكر بعض الآراء المختلفة حول حكم الوضوء بعد أكل لحم الإبل، فقد انقسم الفقهاء لرأيين، وهما ما سنعرضهم كما يلي:
1- القول بعدم وجوب الوضوء بعد تناول لحم الإبل
ذهب الفقهاء من مؤيدي هذا الرأي بعدم وجوب الوضوء بعد تناول لحم الإبل استنادًا إلى قول جابر بن عبد الله – رضي الله عنه – عن الرسول – صلى الله عليه وسلم – حيث قال: “كانَ آخِرُ الأمرَينِ مِن رسولِ اللَّهِ، تَرْكَ الوضوءِ، مِمَّا مسَّتِ النَّارُ” [رواه جابر بن عبد الله، صحيح النسائي]
واتبع جمهور الفقهاء هذا الرأي من المذهب المالكي والحنفي والشافعي والإمام الثوري وبعض السلف، وقالوا بأن لحم الإبل شأنه شأن الأطعمة الأخرى المباحة، كما قالوا بأنه يُستحب الوضوء بعد تناوله تجنبًا للخلاف.
2- القول بوجوب الوضوء بعد تناول لحم الإبل
قال الفقهاء وخاصة متبعي المذهب الحنبلي إنه يجب الوضوء بعد تناول لحم الإبل، وهذا في حالة العلم أو الجهل بهذا
كما أن هذا الرأي امتثالًا لحكمة ما عند الله ورسوله، واستنادًا لقول جابر بن سمرة عن الرسول – صلى الله عليه وسلم -:
“أنَّ رَجُلًا سَأَلَ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ أأَتَوَضَّأُ مِن لُحُومِ الغَنَمِ؟ قالَ: إنْ شِئْتَ فَتَوَضَّأْ، وإنْ شِئْتَ فلا تَوَضَّأْ قالَ أتَوَضَّأُ مِن لُحُومِ الإبِلِ؟ قالَ: نَعَمْ فَتَوَضَّأْ مِن لُحُومِ الإبِلِ قالَ: أُصَلِّي في مَرَابِضِ الغَنَمِ؟ قالَ: نَعَمْ قالَ: أُصَلِّي في مَبَارِكِ الإبِلِ؟ قالَ: لَا“ [رواه جابر بن سمرة، صحيح مسلم]
اقرأ أيضًا: حكم أكل التمساح عند الشافعية
حكم الوضوء بعد شرب حليب أو مرق الإبل
متابعة للحديث عن الحكمة من كون لحم الإبل ينقض الوضوء، وذكر الآراء المختلفة حول حكم الوضوء بعد تناول لحم الإبل، نتطرق إلى عرض حكم الوضوء بعد شرب الحليب أو مرق الإبل، وهذا ما سنعرضه لكم في الفقرة القادمة:
قال جمهور الفقهاء إنه لا يجب الوضوء بعد شرب حليب الإبل أو مرق لحم الإبل، فضلًا عن اعتبار الطعام المطبوخ مع هذا المرق لا ينقض الوضوء أيضًا، وإنما يُفضَل الوضوء بعد شرب حليب أو مرق لحم الإبل.
كما أن هذا الرأي استنادًا لقول أنس بن مالك عن الرسول – صلى الله عليه وسلم -:
“قَدِمَ أُنَاسٌ مِن عُكْلٍ أوْ عُرَيْنَةَ، فَاجْتَوَوْا المَدِينَةَ فأمَرَهُمُ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، بلِقَاحٍ، وأَنْ يَشْرَبُوا مِن أبْوَالِهَا وأَلْبَانِهَا” [رواه أنس بن مالك، صحيح البخاري]
بهذا نجد أن الرسول – صلى الله عليه وسلم – لم يأمر المسلمين بالوضوء بعد شرب حليب الإبل أو مرق لحمها، وإنما أشار لتفضيل الوضوء بعدها وليس وجوبه، كما أن الكبد أو الطحال أو السنام أو الكرشة لا تدخل ضمن حكم اللحم، والذي أمر الرسول – صلى الله عليه وسلم – بأنه ينقض الوضوء لحكمة ما يعلمها الله ورسوله.
الحكمة من كون لحم الإبل ينقض الوضوء لا يعلمها إلا الله ورسوله، فيجب الامتثال لأوامر الله، لنيل رضاه في الدنيا والآخرة، وإن كان في آراء الفقهاء خلاف فهو رحمة للعالمين، على أي حال كن في الجانب الأسلم والأصح بوضوئك بعد تناول لحم الإبل.