ما هي كفارة القسم بالله عند الغضب؟ وهل الغضب يعفي الإنسان في كفارة اليمين؟ فإن أقسم المسلم على شيء ليفعله ولم يفعله أو العكس، فماذا يفعل ليكفر عن ذلك؟ فمن المتعارف عليه أن الحلف بالله كذب به إثم عظيم، لذا على الحانث بقسمه أن يكفر إرضاءً للمولى تعالى وطلبًا لمغفرته، ومن خلال موقع سوبر بابا يوضح كفارة القسم بالله.

ما هي كفارة القسم بالله عند الغضب؟

الغضب أحد المشاعر الإنسانية القوية التي تؤثر عليه حتمًا حتى تصل إلى التحكم به وبكل ما يتفوه به، وقد أوصى النبي صلى الله عليه وسلم رجلًا كثير الغضب عندما قال له أوصني فقال: ” لا تغضب” ثلاث مرات، فربما كانت مشكلته كثرة الغضب بحيث يسبب له ذلك الوقوع في المشكلات؛ فعلاجه أن يمسك نفسه ويمنعها من الغضب.

يجب التنويه أن الغضب ليس خلقا ذميمًا على الدوام، بل المذموم هو كثرة الغضب الذي يخرج الإنسان عن اعتداله، مُضافة إلى العواقب التي يترتب عليها الغضب، فهناك غضب محمود مثل الغضب لله إذا انتهك واحدة من محارم الله (ما انتقم رسولُ الله صلى الله عليه وسلم لنفسه في شيءٍ يؤتى إليه حتى ينتهك من حرمات الله، فينتقم لله).

فلا توجد كفارة القسم بالله عند الغضب بحد ذاته، بل كفارة القسم تكون عندما يحنث في القسم، حيث جاءت كفارة اليمين في القرآن الكريم في سورة المائدة كحكم منفصل في قوله سبحانه: “لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَٰكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا عَقَّدتُّمُ الْأَيْمَانَ ۖ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ ۖ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ۚ ذَٰلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ ۚ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ ۚ”

كفارة اليمين تكون في اليمين المستقبلي وحنث فيه الإنسان ولا تكون عن اليمين في الماضي، فاليمين في الماضي بنفي شيء حدث فعلًا أو بإثبات شيء لم يحدث حقيقة ليس لهما كفارة بل يعتبر يمينًا غموسًا يغمس صاحبه في نار جهنم إلا أن يتوب إلى الله منه.

اقرأ أيضًا: دعاء كفارة الكبائر الكبرى والصغرى

أنواع كفارة اليمين

شملت الآية المُوضحة سلفًا أن كفارة القسم بالله عند الغضب أو التكفير عند أي قسم يكون وفق ثلاثة أنواع.

1- إطعام عشرة مساكين

أداء كفارة اليمين إطعام عشرة مساكين بوجبة غداء أو عشاء، فيمكن للإنسان أن يجمع هذا العدد ويطعمهم ويمكنه تفريقهم بأن يعطي كل واحد طعامه بصورة مُنفردة، كما يمكن إعطاء المبلغ المساوي للطعام لهؤلاء المساكين؛ بما يعتبر وسطًا من الطعام فلا هو بالغالي الشديد ولا بالمبلغ المتدني

يجب التنويه أن أول نوع من الكفارة هو إطعام عشرة مساكين لا يُمكن الانتقال لغيره إلا بوجود مانع لإقامته.

2- كسوة عشرة فقراء

يلتزم المسلم بأن يدفع لهؤلاء المساكين العشرة مبلغ لكسوتهم، وشريطة أن يكون ذلك الثوب مُناسب للصلاة سواء للرجل أو للمرأة.

3- تحرير رقبة

أي عتق رقبة وتحريرها من العبودية إلى الحرية، وهذا التشريع فيه رحمة بالناس فجعل وسائل كثيرة لعتق رقاب الأرقاء، مع ملاحظة أن هذا الجانب غير موجود الآن، فالحكم باق وإن غاب المحل، وبقاؤه ثابت حتى إذا جاءت أزمان وظهر فيها الرق مرة أخرى عاد الحكم إلى الاستعمال.

4- صيام ثلاثة أيام كفارة لليمين

يقوم المسلم الذي لم يجد واحدة من الكفارات الثلاث ولم يمتلك أيًا منها أن يذهب إلى صيام ثلاثة أيام، وفي ذلك تكمن الإجابة عن سؤال ما هي كفارة القسم بالله عند الغضب؟ ولم يشترط العلماء كونهم متتابعات لأن الآية لم تشترط ذلك، فمنهم من يرى عدم التتابع فالأمر الإلهي لم يصرح بالتتابع وهو مطلق ولا يقيد إلا بدليل.

اقرأ أيضًا: كيفية التعامل مع من وقع في الكبائر والتوبة منه

أنواع الغضب في الإسلام

الغضب البشري نوعان باعتبار القدرة على التحكم في النفس أثناء الغضب، فمن الناس من يستطيع أن يكبح غضبه ومنهم من يضطره الغضب إلى مستويات لا يدرك تبعاتها وأبعادها.

أولًا: الغضب المغلق

هو الغضب الشديد الذي يجعل صاحبه يثور ويتصرف تصرفات غير منطقية، وربما يقول كلامًا لا يذكره ويصر على عدم حدوثه منه؛ لأن الغضب أغلق كل مسارات تحكمه في نفسه ومسارات عقله، فيسمى هذا الغضب “الغضب المغلق”، وهو الذي جاء الحديث الشريف به فقال صلى الله عليه وسلم: ” لَا طَلَاقَ وَلَا عَتَاقَ فِي إِغْلَاق” حسنه الألباني في سنن أبي داود.

حيث فسر العلماء الإغلاق بأنه الغضب الشديد فأدخلوا يمين شديد الغضب في لغو اليمين، ونسبوا ذلك الرأي إلى الإمام علي وابن عباس رضي الله عنهما.

ثانيًا: الغضب الطبيعي غير المغلق

هو غضب يعتري الناس جميعًا وهو غير مغلق، بحيث إن صاحبه يدرك كل الأحداث من حوله ويرد وفقًا لشخصيته وأفكاره ولا يفقد شيئا منها، فهذا غير ناقص شيء من شخصيته وأفكاره وبالتالي محاسب حسابا كاملًا على كل تصرف، لأن ابن تيمية رحمه الله يقول إن حقيقة الإغلاق أن يغلق الرجل على قلبه فلا يقصد الكلام ولا يعلم به.

اقرأ أيضًا: كيف تتخلص من الغضب المكبوت

حكم اليمين عند الغضب في الإسلام

استكمالًا للإجابة عن ما هي كفارة القسم بالله عند الغضب؟ يجدر بالذكر أن علماء الدين قسموا حكم اليمين وفقًا لنوع الغضب الذي اعترى العبد في وقت القسم.

في حالة الغضب المغلق: فإن هذا القسم ليس له اعتبار وليس فيه كفارة، لأن الغضب أخرجه عن عقله وبالتالي فليست عليه مؤاخذة، لأن العقل مُناط التكليف، ولكن يجب عليه عندما يعود إليه عقله أن يستغفر الله مما حدث ومما قال، وأيضًا يحاول أن يعتذر إلى من أخطأ في حقهم في حالة خروج عقله وعدم تحكمه في نفسه.

أما في حالة الغضب غير المغلق: فيكون الإنسان واعيًا لكل الكلمات والأحداث والمواقف وبالتالي سيكون محاسبًا عليها، فإن أقسم قسمًا وحنث فيه بعد ذلك يلزمه أن يكفر عن هذه القسم وتسمى كفارة الحنث بالقسم أو كفارة اليمين.

على المسلم أن يحافظ على يمينه فلا يقسم كثيرًا لأن الله أمر بالحفاظ على أيمانهم، وفي ذلك توقير لاسم الله سبحانه عن العبث به.