كيف أستشعر عظمة الله في الكون؟ وما أهمية ذلك؟ وهل هي عبادة يثيب الله عليها؟ فكل المسلمين يريدون أن يتقربوا إلى ربهم سبحانه، فيحتاج المُسلم إلى أن يعرف قدر العظمة الهائلة لربه والتي لا يستطيع تقديرها، والضعف الذي هو فيه فيخبت إلى ربه وينكسر له، ولأهمية الموضوع وخطورته سوف نشرحه عبر موقع سوبر بابا.
كيف أستشعر عظمة الله في الكون؟
الإنسان قد يتخيل أنه قادر على فعل الكثير في حياته، ولكن الحقيقة أنه لا يمكنه فعل شيء إلا بإرادة الله وتوفيقه، فالله سبحانه هو الغني الذي لا يحتاج شيئًا من عباده، بينما عباده كلهم مفتقرون إليه في كل أمورهم.
لهذا ينبغي أن يستشعر كل منا المعنى الدقيق لذكر “لا حول ولا قوة إلا بالله“؛ حيث يوقن بالفعل أن الله قادر على كل الأمور، ولا يمكن للعبد أن يتحول من حال إلى حال إلا بمعية ربه سبحانه وبإذنه وبتوفيقه.
بعد أن يستشعر عظمة الله في الكون يدرك يقينًا معنى معصيته له إن سولت له نفسه ارتكاب ذنب، فالمؤمن لا ينظر إلى الذنب بحسب حجمه، ولكن المؤمن الحقيقي ينظر إلى الله فيدرك أنه عصى مالك الملك فيعظم الذنب في نظره وإن كان صغيرًا.
بحسب نظر العبد إلى ذنبه تكون مغفرة الله له، فمن نظر إلى ذنبه باستهتار وتهاون يفاجأ بقدره عند الله، وبالعكس إذا نظر العبد إلى ذنبه باستعظام وخشية وخوف من الله كان جديرًا بأن يغفره الله سبحانه.
القرآن هو أكثر مصدر يجيبك عن سؤال كيف أستشعر عظمة الله في الكون وخاصةً أنه ينادي الناس كلهم قائلًا: “وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ” الزمر: 67.
فعندما ننظر في كل صفحة في كتاب الله الكريم لا نجد صفحة خالية من ذكر جوانب من عظمته سبحانه في كونه، فالله عز وجل مالك الملك خالق كل شيء له صفات حسنى لا يمكننا إدراك عظمتها، وتدل عليها مخلوقاته؛ حيث لم يخلق شيئًا عبثًا.
فكل شيء خلقه بحكمة باهرة لا بُد لنا في التفكر فيها لنستشعر عظمة الله في الكون، ولكي نصل بالفعل إلى مشاهدة آثار عظمة الله في الكون لا بد لنا من الانتباه لعدة أمور:
1- معرفة الله بدراسة أسمائه الحسنى
محرمون من لا يعرفون الله بأسمائه وصفاته، وبالتالي لا يستطيعون الإجابة على السؤال المورق لهم “كيف أستشعر عظمة الله في الكون؟”؛ لأنه حينما يريد المسلم أن يتعرف على أسماء الله وصفاته سبحانه، ويُفكر كذلك في معانيها وآثارها يعرف بها قدر ربه العظيم سبحانه.
فيكفي مثلًا أن يُفكر في اسم الله الرحمن الرحيم وينظر إلى جوانب العظمة في بيان رحمة الله بخلقه، وكذلك برحمة الله التي وضعها بين مخلوقاته، فقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم:
“إنَّ اللَّهَ خَلَقَ يَومَ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأرْضَ مِائَةَ رَحْمَةٍ، كُلُّ رَحْمَةٍ طِبَاقَ ما بيْنَ السَّمَاءِ وَالأرْضِ، فَجَعَلَ منها في الأرْضِ رَحْمَةً؛ فَبِهَا تَعْطِفُ الوَالِدَةُ علَى وَلَدِهَا، وَالْوَحْشُ وَالطَّيْرُ بَعْضُهَا علَى بَعْضٍ، فَإِذَا كانَ يَوْمُ القِيَامَةِ أَكْمَلَهَا بِهذِه الرَّحْمَةِ“.
فكيف يُعصى هذا الإله العظيم ذو الرحمة الواسعة التي شملت كل خلقه وتراحمت بها؟
2 – نظر الإنسان إلى نفسه
الإنسان عندما يغفل عن نفسه ولا يدرك قيمتها الحقيقية يتوهم أنه قادر على الكثير من الأشياء، وهو من أضعف مخلوقات الله، فيتخيل أنه يملك وهو لا يملك شيئًا، فكل شيء تحت يد الإنسان ويظن أنه يملكه تعترضه مشكلتان؛ إما أن يتركه الإنسان ويموت أو يتركه الشيء فيفسد، فكيف يمكنه ظن أنه يملك؟
فالمسلم مثل الزائر في الدنيا كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: “مالي وللدنيا، إنما مثلي ومثل الدنيا كمثل راكب قال -أي نام- في ظل شجرة، في يوم صائف، ثم راح وتركها” رواه الترمذي وأحمد.
3- ضرورة التفكر في مخلوقات الله سبحانه
أمرنا الله لكي نحسن إيماننا به أن نتفكر في مخلوقاته، فعقولنا أقل من أن تتفكر في ذات الله سبحانه، فوجهنا إلى التفكر في مخلوقاته ودقائق ولطائف صنعه وكيف صنعها وماذا بها من الحكم لكي نصل لاستشعار عظمة الله في الكون.
فقال لنا: (أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خلقت* وإلى السماء كيف رفعت* وإلى الجبال كيف نصبت* وإلى الأرض كيف سطحت” سورة الغاشية الآيات من 17:20، فالنظر في تلك المخلوقات يدلك على عظمة الله في خلقه وملكه.
4- فهم واستيعاب الدروس من سير السابقين
من أهم وسائل كيفية استشعار عظمة الله في الكون هو التدارس والتفكر في سير السابقين وكيف كانت مصائر المتكبرين والمتجبرين السابقين وماذا فعل الله بهم؛ ليستخلص منهم المسلم الدروس بأنه لا أحد يجرؤ على معاندة ربه.
فكم قصم الله ظهور جبابرة ظنوا أنه لا أحد أقوى منهم ولا أحد يقدر عليهم، فكان مصيرهم أن أهلكهم الله سبحانه، فلا عظيم سواه ولا قادر غيره، فقال الله سبحانه:
“فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنبِهِ ۖ فَمِنْهُم مَّنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا وَمِنْهُم مَّنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُم مَّنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُم مَّنْ أَغْرَقْنَا ۚ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَٰكِن كَانُوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُون” سورة العنكبوت (40).
اقرأ أيضًا: عظمة الله في خلق السماوات والأرض
ثمار التفكير في عظمة الله
لا شك بعد استشعار عظمة الله في الكون أن ينتج عنها ثمار في قلب المؤمن لا يمكن أن يصل إليها إلا بعد مروره بمثل هذا التفكر، ومنها:
١- الوصول إلى إخلاص التوحيد لله
بهذا الاستشعار لعظمة الله يصل العبد إلى أن الله واحد لا شريك له في ملكه ولا نظير ولا ند في خلقه، وليس له كفؤًا أحد من خلقه، فالله وحده الخالق والرازق والمحيي والمميت وهو القادر على كل شيء، فمن في الكون يضاهي قدرة الله سبحانه؟
٢- الوصول إلى الاطمئنان القلبي بالله
يصل العبد إلى الاطمئنان القلبي أنه ينتمي إلى رب العزة سبحانه، وأنه في كنفه وأن الله يحميه، فهل يُمكن أن تصل قوة تؤذي العبد ما دام في حماية وعصمة ربه العظيم القوي؟
٣- الاجتهاد في طاعة وإرضاء الله
بعد أن يدرك أن الله خالق هذا الكون وهو أعظم من في الكون وأن مصيره كله بيديه سبحانه ولا يملك أي أحد في الكون نفع الإنسان أو ضرره؛ فيجتهد لإرضائه فكل خير سيأتيه منه سبحانه وكل شر سيؤلمه ربه قادر على إزالته فيرضى به ربا ويجتهد في عبادته
فإن تفكرت وتدبرت وجعلت شغلك الشاغل استشعار عظمة الله في الكون أصبحت قريبًا من الله.. من كل غاية تتمناها، وابتعدت كثيرًا عن كل ما تخاف وتحذر، فأنت في أمان كامل في كنف ربك سبحانه.
عند استشعار عظمة الله في حياتك ستجد أن كل ما حولك يجيبك عما يدور في ذهنك عن الكون؛ لأهميته البالغة في عبادتك، فلا تغتر ولا تمن بعبادتك، وتكون دائمًا على حذر بالغ من ربك.