جزاء الظالم عند الله وعقابه شديد، فقد حث الله عباده على البعد عن الظلم؛ لأنه من كبائر الذنوب وحرمه الله على نفسه، ثم على عباده، فما جزاء من يتهاون مع هذا ويتبعه؟ هذا ما يُحذرك منه موقع سوبر بابا.

جزاء الظالم عند الله وعقابه

الظلم لغويًا يعني الجور، واصطلاحًا التعدي على حقوق غيره وسلب إياه والتصرف في أملاك الآخرين دون وجه حق، كما يُطلَق على وضع الشيء في غير موضعه ومكانه سواء بالنقصان أو بالزيادة أو بالعدول والتغيير في وضعه أو وقته.

جزاء الظالم عند الله يختلف طبقًا لصاحب المظلمة فجزاء الظالم لعباد الله يستطيع الله مغفرته أمّا جزاء الظالم لنفسه بالشرك بالله لا يغفره الله.

حين يرى المظلوم الظالم ينثر بذور الشر والاستكبار والجبروت والطغيان، يجب عليه ألا ييأس فيتذكر قول المولى سبحانه: (أَلَمْ يَعْلَم بِأَنَّ اللَّهَ يَرَىٰ (14)) سورة العلق.

فليطمئن قلبك أيها المظلوم وتأكد أن دعائك يصل إلى عنان السماء لا يحوله حاجز، وتذكر قول الحق (وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِّأَنفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إِثْمًا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ (178)) سورة آل عمران.

فقد يكون هذا الإمهال فرصة لهم لإصلاح ما أفسدوه وإعطاء المظلوم حقه ورده إليه، وإما أن يكون قدر الله له أن يستمر في طريق الضلال؛ لأنه العليم.

اقرأ أيضًا: دعاء تسخير الزوج الظالم

عقوبة الظالم في الدنيا

يتجلى جزاء الظالم في الحياة الدنيا بصورة واضحة في القصاص، فجعل القصاص سبيل لاسترداده الحق من الظالم حين قال العلي العظيم: (وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنفَ بِالْأَنفِ وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ فَمَن تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَّهُ وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (45)) سورة المائدة.

يبدو أيضًا جزاء الظالم وعقابه في حياته اليومية بشكل جليّ حين يفقد البركة وتزول منه النعم، فلا يفلح في دنياه فتجد كل أمور معقدة وسبله غير يسيره؛ لأن من يسلك طريق الظلم يسد بابه ويفر منه الخير.

لا يقتصر جزاء الظالم في دنياه على ما سلف ذكره، بل يُحرَم من طريق الهداية والتوفيق ويتعثر في طريق التوبة والمغفرة ويسلب لذة الطاعة، فالظلم سبب لكل مصائب الدنيا من أوجاع وأمراض وفقر وفساد الأبناء وتفشي القتل والتعذيب وغلاء الأسعار، وانعدام الرحمة والأخوة والمحبة التي حث عليها ديننا الحنيف.

عقاب الظالم في الآخرة

حين قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (اتَّقُوا الظُّلمَ؛ فإنَّ الظُّلمَ ظُلُماتٌ يومَ القيامةِ، واتَّقُوا الشُّحَّ؛ فإنَّ الشُّحَّ أهلكَ مَن كانَ قبلَكُم، حملَهُم على أنْ سَفكُوا دِمائَهم، واستَحَلُّوا مَحارِمَهم).

أوضح هلاك وسوء خاتمة الظالم وحصوله على الخيبة والندم، فقد قال الله سبحانه وتعالى: (وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ وَقَدْ خَابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْمًا (111)) سورة طه

بالإضافة إلى أشد أنواع العقوبة التي تلحق بالظالم يوم القيامة، وهي اللعنة من الله سبحانه وتعالى، أي الطرد من جنته والحرمان من رحمته، فقال الحق سبحانه: (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَىٰ عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أُولَٰئِكَ يُعْرَضُونَ عَلَىٰ رَبِّهِمْ وَيَقُولُ الْأَشْهَادُ هَٰؤُلَاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَىٰ رَبِّهِمْ أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ (18)) سورة هود.

كما يحرمون من شفاعة الحبيب المصطفى إمام وخاتم المرسلين، كما قال تعالى: (وَأَنذِرْهُمْ يَوْمَ الْآزِفَةِ إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَنَاجِرِ كَاظِمِينَ مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلَا شَفِيعٍ يُطَاعُ (18) سورة غافر ويقول عزو جل: (رَبَّنَا إِنَّكَ مَن تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ (192) سورة آل عمران.

فلم ولن ينسى الله المظلوم فقد ختم على حياة الظالمين، وحكم عليهم بالعذاب الأليم في نار جهنم، فقد ارتدوا اليوم لِباس الحسرة والندم، وخسروا حسناتهم بل قد تضاف سيئاتِه إلى من ظلمه.

قال سبحانه وتعالى في حديث قدسي: (يا عبادي إنِّي حرَّمتُ الظُّلمَ على نفسي وجعلتُهُ بينَكم محرَّمًا فلا تَظالموا يا عبادي إنَّكم تخطئونَ باللَّيلِ والنَّهارِ وأنا أغفرُ الذُّنوبَ جميعًا).

اقرأ أيضًا: العدل في نظر الإسلام

أشكال الظلم

تعددت صور وأشكال الظلم التي تتجلى في أوضح صورها هذه الأيام، ومنها:

أولًا: الظلم النفسي

أي ظلم الإنسان لنفسِه، ويحدث ذلك حين يسيء الإنسان إلى نفسه نتيجة فعل أو قول نهى عنه الشرع، فقد قال سبحانه وتعالى في كتابة الكريم: (إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئًا وَلَٰكِنَّ النَّاسَ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (44)) سورة يونس.

ظلم الإنسان لنفسه من أشد أنواع الظلم وأقساها؛ لِما تحمله من الأثر النفسي السلبي على الفرد والمجتمع، ويتخذ عدة صور منها:

1- الشرك بالله

هو أصعب وأشد وأقسى ظلم على وجه البسيطة، عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال حين نزلت الآية الكريمة: (الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُولَٰئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ (82)) سورة الأنعام.

شعر أصحاب الرسول -صلى الله عليه وسلم- بالمشقة ولكن نزلت عليهم السكينة حين قال الرسول صلي الله عليه وسلم: “ليس كما تظنون إنما هو كما قال لقمان لابنه (يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ (13))” سورة لقمان.

2- التعدي على حدود الله

كيف ومن يجرؤ على ذلك؟ إن التعدي على حدود الله تعني ارتكاب المعاصي والتقرب إلى ما حرم الله تعالى، فتذكر أن الله يغار حين يسبح الإنسان في المعاصي والشهوات ويبتعد عن طريق التوبة.

تجلى ذلك حين قال الله في محكم التنزيل: (تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (229)) سورة البقرة.

البعد عن مساجد الله يعد أيضًا من ظلم الإنسان لنفسه، حيث نهى الله في كتابه العزيز قائلًا: (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن مَّنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَن يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَىٰ فِي خَرَابِهَا أُولَٰئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَن يَدْخُلُوهَا إِلَّا خَائِفِينَ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ (114) سورة البقرة.

3- الإعراض عن ذكر الله وطاعته

فقد ذكر الله في القرآن الكريم: (وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَىٰ (124)) سورة طه.

أوضحت الآية أن المسلم يجب أن يتبع أحكام المشرع وأوامره والبعد عما نهى عنه، ومن يبتعد عن ذكر الله وطاعاتِه سيعرض للعذاب العظيم ويحيى حياة الشقاء في الدنيا، ويحشر يوم القيامة كما صد عن آيات الله ولم يلتفت إليها في الدنيا.

إفشاء الكذب علي الله، ويتجلى ذلك في قوله جل وعلا: (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَىٰ عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ (21)) سورة الأنعام، فمن أظلم ممن نشر الأكاذيب علي الله سبحانه وتعالى ليضل الناس ويبعدهم عن طريق الهدى والصلاح.

اقرأ أيضًا: دعاء اللهم أعوذ بك من قهر الرجال

ثانيًا: ظلم الإنسان لأخيه الإنسان

هو التعدي على حقوق أخيك المسلم، وذلك إما عن طريق إيذائه أو سلب أمواله ومقتنياته دون وجه حق، وأيضًا هذا النوع من الظلم له عدة صور منها:

1- أكل مال اليتيم

قهره ونهره لضعفه وقلة حيلته وعدم استطاعته على إثبات حقه كالراشدين، فاليتيم يعد من المستضعفين.. حيث قال الحق في كتابه المنزه عن الخطأ: (إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَىٰ ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا (10)) سورة النساء.

2- التفرقة بين الأبناء

هو نوع من أنواع الظلم؛ لأنه يثير الضغينة والكراهية والعداوة بين الإخوة، كما يقلل من روح الألفة والمحبة بينهم.

3- التعدي على حقوق الغير

مثل سلب العقارات والأراضي الخاصة بالآخرين، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (مَن أَخَذَ مِنَ الأَرْضِ شيئًا بغيرِ حَقِّهِ خُسِفَ به يَومَ القِيَامَةِ إلى سَبْعِ أَرَضِينَ).

4- قتل النفس

تعد من الكبائر وذكرها بعد الشرك به مباشرةً، قال الله جل وعلا في محكم التنزيل: (وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَمَن قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلَا يُسْرِف فِّي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنصُورًا (33)) سورة الإسراء.

5- عدم الوفاء في المكيال والميزان

حذر الله من اللعب في المكيال والميزان حين قال مشددًا في سورة المطففين: (وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ (1) الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ (2) وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ (3) أَلَا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ (4))، والآية تخاطب الباعة والتجار وأصحاب المحال التجارية؛ لضرورة تقوى الله وعدم ظلم الناس والخوف من عقابه.

6- التعدي على حق الأجير

إن من أشد أنواع الظلم هو تأخير رواتب العمال والموظفين، حيث نهى الرسول -عليه الصلاة والسلام- عن ذلك، وتتجلى أنواع الظلم في شتى التعاملات الإنسانية مثل ظلم الزوجة والجار، ظلم الشريك لشريكه في العمل تأخير رد الدين.

فيجب أن نجعل الآية الكريمة التي تؤكد أن الجزاء من جنس العمل، وجزاء الظالم وعقابه لا يعد ولا يحصى، ولا يقتصر عليه وحده بل يمتد ليصيب مجتمعه بأسره نصب أعيننا.. قال تعالى: (وَإِذَا أَرَدْنَا أَن نُّهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا (16)) سورة الإسراء.

الظالم سبب هلاك أمم بأكملها، كما قال العلي العزيز: (وَكَمْ قَصَمْنَا مِن قَرْيَةٍ كَانَتْ ظَالِمَةً وَأَنشَأْنَا بَعْدَهَا قَوْمًا آخَرِينَ (11)) سورة الأنبياء، ذلك أسند الله إليه جزاء الظالم وجعله شديد عسير.

تعاليم الدين الإسلامي السمحة تحث على نشر المحبة، والسلام، والعدل، والإخوة، المساواة والعدالة بين الناس وخُلِقَ الإنسان لإعمار الأرض؛ فعلينا التمسُك بديننا لنصل إلى السلام الداخلي والخارجي الذي يؤهلنا لجنة الرحمن.