لا بُدّ أن يحرص الشيوخ على إلقاء خطبة عن صلة الرحم في المساجد للحد من الهجر والخصام والقطيعة التي نشهدها لأبناء البيت الواحد، والعائلة، من خلال تحذيرهم بما نهى عنه الرسول صلى الله عليه وسلم، ومن خلال موقع سوبر بابا نوفر نماذج مُتعددة لخُطب عن صلة الرحم.
خطبة عن صلة الرحم قصيرة
إنّ الإسلام كان يحرص بعناية على تقوية أواصر التواصل داخل المُجتمع، لتسود المحبة والأُلفة بين الناس، جاء ذلك في إطار التوصية بالإحسان إلى الجار، وصلة الرحم.
كانت صلة الرحم من أبرز أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم، فكيف لا يصل المسلمون رحمهم؟ كيف يُشاع الخطأ والفِتن وينجرف المؤمن تجاهها؟ لذا لا بُدّ من توعيتهم ليدركوا أهمية صلة الرحم بالحديث عن أهميتها في الإسلام في خطبة.
“بسم الله والحمدُ لله، خلق الإنسان وعلمهُ البيّان، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له إرغامًا لِمن جحد به وكفر، وصلى الله على ملائكته، وعلى آله صلى الله عليه وسلم، وجميع الصحابة ومن تبعهم بإحسان يا الله.
أيُّها المؤمنون، في زمن كثر فيه الفِتن، وشاع الحرام بين الناس حتى ارتكبه الكثير في غفلة دون أن يعوا ذلك، علينا الرجوع إليه سُبحانه وتعالى، والإحسان إلى الآخرين.
إنّه من مقاصد الإسلام وركائزه العظام السامية هو نشر المحبة والأُلفة بين الناس، للحد من الحقد والغل في الأنفس والتخاصُم والتدابُر.. فقد قال تعالى في سورة آل عمران الآية 103: “وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا“.
كم من شخص يجلس الآن قاطع لرحمِه؟ يا عباد الله تعالى، إنّ صلة الرحم واجب، وهي أجلّ العبادات والطاعات والأعلى منزلةً عند الله، ولا تحتاج إلى مشقة وجُهد من المرء.. بل يكفي إيصال المنفعة والخير لهم، ودفع السوء عنهُم.
حتى ولو كان الموصول كافرًا، فقد صح أن أسماء بنت أبي بكر جاءت وقال: “قَدِمَتْ عَلَيَّ أُمِّي وهي مُشْرِكَةٌ في عَهْدِ رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَاسْتَفْتَيْتُ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، قُلتُ: وهي رَاغِبَةٌ، أفَأَصِلُ أُمِّي؟ قالَ: نَعَمْ صِلِي أُمَّكِ“.. على الرغم من أن أُمها كانت كافرة.
اقرأ أيضًا: خطبة محفلية عن بر الوالدين
خطبة عن عقوبة قطع الرحم
“الحمد لله الذي خلق فسوى، وقدر فهدى، وأسعد وأشقى، الحمد لله وفق من شاء لمكارم الأخلاق، وبرحمته اهتدى المهتدون، وبعدله وحكمته ضل الضالون، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، لا يُسأل عما يُفعل وهم يُسألون.
يا عِباد الله، أولًا أوصيكم ونفسي المُقصرة بتقوى الله تعالى، فلا نعلم متى يأذن موعد لقائِه، فقد قال تعالى: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ“.
ثُمَّ، إن الله تعالى أمرنا بصلة الرحم، وبرهم، والإحسان إليهم كما أمرنا بالإحسان إلى الجار، ونهى بل وحذرنا من قطيعة الرحم، والإساءة إليهم، فإنه أمر مُحرم، بل ووعد الرسول قاطع الرحم بعدم دخوله إلى الجنة.. وعقوبته جارفة وكبيرة عند الله تعالى.
- فإنه من الخاسرين في الدُنيا والآخرة؛ لقوله تعالى في سورة البقرة، الآية 27: “وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلاَّ الْفَاسِقِينَ الَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِن بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ أُولَـئِكَ هُم الْخَاسِرُونَ“.
- لعنه الله تعالى في كتابِه، فقد قال في سورة مُحمد: “فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ* أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ“.
- يُحرم من دخول الجنة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: “لا يدخل الجنة قاطع”.
- إنّ عملِه في الدُنيا لا يُرفع أو يُقبل.
- يُعاقب في الدُنيا، وفي الآخرة عقوبته أقوى وأشد؛ لِما ورد عن أبي بكر رضي الله عنه، أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: “ما من ذنبٌ أجدرُ أن يُعجِّلَ اللهُ لصاحبِه العقوبةَ في الدنيا مع ما يدَّخِرُ له في الآخرةِ من البغيِ وقطيعةِ الرحمِ“.
- تُقطع صلة الوصل بين العبد والله تعالى، فعن عائشة رضي الله عنها قالت: “الرَّحِمُ مُعَلَّقَةٌ بالعَرْشِ تَقُولُ مَن وصَلَنِي وصَلَهُ اللَّهُ، ومَن قَطَعَنِي قَطَعَهُ اللَّهُ“.
لذا يا عباد الله، أنا أوصيكم وأحذركم، فما نحنُ سوى ضُعفاء أمام القوي القدير، لا ينبغي علينا سوى الامتثال بأوامرِه، والحذر من العقوبة الصارِمة التي لا يقوى عليها مؤمن، ولن يتحملها، والسلامُ عليكُم ورحمة الله وبركاتُه.
اقرأ أيضًا: خطبة محفلية عن حقوق الجار
خطبة عن فضل صلة الرحم
“الحمد لله ذي الجلال والإكرام، حي لا يموت قيوم لا ينام، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن مُحمدًا عبده ورسوله، تركنا على مَحجة بيضاء لا يزيغُ عنها إلا أهل الأهواء والظنون.
أيُها المؤمنون، إنّ صلة الرحم له مكانة عالية في الدين وهذا شأن عظيم، فكيف لا نصل رحمنا؟ فإن قطيع الرحم قد قطع صلة الوصل بينه وبين الله.. وما نحنُ سوى هشة في الدُنيا، نتمسك بحبال الوصل حتى ننال رضاه تعالى.
فمن وصل رحمُه نال رضاه وصلة الوصل بينه وبين الله تعالى، والزيادة في العُمر، والبركة في رزقِه؛ لِما روي عن الرسول -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: “مَن أحَبَّ أنْ يُبْسَطَ له في رِزْقِهِ، ويُنْسَأَ له في أثَرِهِ، فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ“.
فقد منحنّا الله في الدُنيا الحِبال المُساعدة على التقرُب منه، وصلة الرحم هي أفضل وأقل العِبادات والطاعات مشقة، وتُساعد على نشر المحبة والأُلفة والمودة.. لاسيّما علو مكانة الوصل مع المُحيطين بك.
فلا تُقلل من شأن صلة الرحم، واحرص على الفوز بالدُنيا والآخرة، فإن الله وعد من يصل رحمه أنه سينال الفوز بالدخول إلى الجنة؛ لِما روي عن أبي أيوب الأنصاري أنه قال:
“أنَّ رَجُلًا قالَ: يا رَسولَ اللَّهِ، أخْبِرْنِي بعَمَلٍ يُدْخِلُنِي الجَنَّةَ، فَقالَ القَوْمُ: ما له ما له؟ فَقالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: أرَبٌ ما له فَقالَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: تَعْبُدُ اللَّهَ لا تُشْرِكُ به شيئًا، وتُقِيمُ الصَّلَاةَ، وتُؤْتي الزَّكَاةَ، وتَصِلُ الرَّحِمَ، ذَرْهَا قالَ: كَأنَّهُ كانَ علَى رَاحِلَتِهِ“.
خطبة عن الأرحام الواجب صِلتهم
“الحمدُ لله بيده مفاتيح الفرج، وشرع الشرائع، وأحكم الأحكام، وما جعل علينا في الدين من حرج، وأشهد أن سيدنا ونبينا مُحمدًا عبده ورسولِه، أعلى الناس منزلةً وقدرًا، وأوصلهم رحمًا وبرًا.
أمّا بعد يا أيُها العِباد، جميعنا نعلم أهمية صلة الرحم، وأن الإسلام حثنا عليها للفوز برضا الله تعالى، ومن قطع رحمه توعد الله له أشد العقاب في الدُنيا والآخرة.
لكن! إنّ الصلة ذاتها لا تنطبق على جميع الأقارب، فكُلما ازدادت درجة القرابة كُلما كانت الصلة أشد، ولكن لا تختلف في أهميتها، فبالطبع لن تصل رحمك مع أبيك وأُمك كما الأصدقاء والجيران.. فحقهم علينا السؤال عنهُم بين الحين والآخر.
على أن يُراعى اختلاف أوقات الفراغ، وعدم التدخُل فيما لا يُعنينا.. كما على الزوج أن يصل رحم زوجته بالسؤال عن أهلها وأقاربها؛ احترامًا للعشرة، وزيادة المحبة والألفة بينهُم.
اقرأ أيضًا: خطبة محفلية عن الأم
خطبة للموعظة بصلة الرحم
“الحمد لله العلي الأعلى، أعطى كُل شيءٍ خلقه ثُمَّ هدى، ووفق العِباد للهُدى، فمنهُم من ضل ومنهم من اهتدى، وأشهد أن لا إله إلا الله، وأن مُحمد عبده ورسوله، مؤمنين به ومُتبعين لسُنته.
فبعد، يا أيها المؤمنون، هل نظرتم في حالكم؟ هل قُمتم بصلة الرحم؟ هل شرحتم الصدور عند لقائِم؟ هل سألتم عنهم في مرضهم؟ وهل بذلتم ما يجب بذله من سداد حاجتهم؟ علينا أن نسعى لرضا الله تعالى.
عليكم التوبة والعودة إليه، والاستغفار عما اقترفتموه، وأن تصلوا رحمكم بأيٍ من الطرُق التي تتحقق بها، إمّا بالتصدق عليهم بالمال، على أن تُخلص النية لله وتأتي سرًا.
كما علينا نُصحهم وإرشادهم إلى طاعة الله ورسولِه، والتدخل في حال وقوع نزاع فيما بينهم ببث الطمأنينة في قلوبهِم، وتحقيق المصلحة لكافة الأطراف والتخلص من الحقد والكراهية في قلوبهِم.
فقد قال تعالى في سورة النساء، الآية 114: “لَّا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ ۚ وَمَن يَفْعَلْ ذَٰلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا“.
فما نحنُ سوى في دار الاختبار، وعلينا العمل لدُنيانا، والتقرُب إليه تعالى لننال رضاه والثواب العظيم، والابتعاد عما نهى عنه صلى الله عليه وسلم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
إنّ لصلة الرحم فضل عظيم على مُتبعِه، وتزيدُه بركة في مالِه، وصحته، ووقتهِ، وولدِه، وحياتُه بأكملها، وعلى المؤمن اِتباع ما أمرهُ به الدين الإسلامي.