وصايا الرسول في معاملة الزوجة كانت دليلًا لإرشاد كل زوج في حياته الزوجية؛ حتى يصل إلى مرحلة الاعتدال والاتزان الاجتماعي ويهنأ ببيت مستقر وسعيد، كما أن النبي علمنا أدق التفاصيل في إدارة الأسرة من خلال مواقفه الحياتية مع زوجاته وبناته، ومن خلال موقع سوبر بابا نتناول تعاليم النبي في التعامل مع الزوجة.

وصايا الرسول في معاملة الزوجة

العلاقة بين الزوج والزوجة هي الأكثر قربًا وتعقيدًا، كما يترتب عليها العديد من العلاقات الاجتماعية الأخرى مثل الأبوة والمصاهرة والأمومة وتتضمن العديد من القيم المعنوية مثل الحب والإخلاص والثقة المتبادلة، لذلك اهتم الدين الإسلامي بهذه العلاقة لأنها اللبنة الأساسية في بناء المجتمع المسلم وإنتاج أبناء صالحين يحملون هذا الدين.

اقرأ أيضًا: مواصفات الزوجة المثالية في الإسلام

1- الدعم والتعاون مع الزوجة

يجب على كل زوج أن يتعلم من وصايا الرسول في معاملة الزوجة، حيث كان عليه أفضل الصلاة والسلام متعاونًا مع زوجاته في المنزل، ولم يكن هذا السلوك النبوي بهدف تخفيف أعباء المنزل فقط؛ بل لتقديم الدعم النفسي والمعنوي أيضًا وإشعارهنّ بالتعاون والمشاركة وكمظهر من مظاهر التراحم والود.

  • شهدت على ذلك السيدة عائشة رضي الله عنها وأرضاها حين سُئلت عمّا يصنعه النبيّ الكريم في بيته، فقالت: (كانَ يَكونُ في مِهْنَةِ أهْلِهِ تَعْنِي خِدْمَةَ أهْلِهِ فَإِذَا حَضَرَتِ الصَّلَاةُ خَرَجَ إلى الصَّلَاةِ).
  • نعم، كان نبينا الكريم وخير خلف الله بهذه البساطة والتواضع، وعلى كل رجل مسلم أن يتعلم منه هذه الصفات الأخلاقية التي لو شاعت في مجتمعاتنا لانتهت جميع مشاكلنا الاجتماعية.
  • على الرجل المسلم ألا يخجل من مساعدته لزوجته، لأن هذا يدعم العلاقة الزوجية بشكل كبير كما أن الحب والمودة عندما تخيم على المنزل يعود ذلك بالخير والسعادة عليه وعلى كل من بالمنزل.
  • كما أوصانا النبي بتقديم الدعم بشتى أشكاله وأنواعه للزوجة، حيث قال عليه أفضل الصلاة والسلام: (أكْمَل المؤمنين إيمانًا أحسَنُهم خُلُقًا، وخيارُكم خيارُكم لِنِسائهم خُلُقًا)، حديث حسَن صحيح.

2- التسامح مع الزوجة

أكدت الشريعة الإسلامية على أهمية التسامح مع المسلمين وغير المسلمين ومع المقربين على وجه الخصوص ومن أقرب إلى الرجل من زوجته؟ لذلك حثنا نبينا من خلال السنة القولية والفعلية على التسامح مع الزوجة وأوصى بالنساء عمومًا عليه أفضل الصلاة والسلام.

  • علمنا النبي صلى الله عليه وسلم كيف يكون تقويم المرأة في الإسلام وكيف يكون الصبر عليها والتسامح عند خطأها، كما شبه المرأة بتشبيه عظيم يوضح بدقة نفسية وشخصية المرأة والطبيعة التي خلقها الله عليها.
  • عن أبي هريرةَ قَالَ: قالَ رسول ُ اللَّه صلى الله عليه وسلم: (اسْتوْصُوا بِالنِّساءِ خيْرًا، فإِنَّ المَرْأَةَ خُلِقَتْ مِنْ ضِلَعٍ، وَإِنَّ أَعْوجَ مَا في الضِّلَعِ أَعْلَاهُ، فَإِنْ ذَهبْتَ تُقِيمُهُ كَسرْتَهُ، وإِنْ تركتَهُ لَمْ يَزلْ أَعوجَ، فاستَوْصُوا بِالنِّسَاء) متفقٌ عَلَيهِ.
  • من وصايا الرسول في معاملة الزوجة في هذا الحديث الإحسان وعدم الظلم وتقديم الخير لزوجاتنا؛ لأن سعادتهم فيها الخير لنا وللأمة الإسلامية جمعاء.
  • أشار النبي إلى عدم صحة تتبع عثرات النساء وتصيد الاخطاء لأن توقع الخطأ من الزوجة يعتبر من سوء المعاملة وأن الخطأ من أي إنسان واقع وطبيعي.
  • كما يجب على الزوج أن يصبر في معاملة زوجته ويسامحها دائمًا، وألا يتسرع في تقييمها في كل خطأ تقع فيه، وحتى إذا كان الخطأ متعمدًا عليه أن يتناقش معها في هدوء وأن يقومها في ضوء القرآن والسنة.
  • لا يصح أن يهين الرجل زوجته تحت أي ظرف خاصةً أمام الناس، لأن هذا السلوك يدمر الحياة الزوجية وينعكس بالسلب على الأولاد، كما أن الرسول أوصانا بحسن معاملتها وحفظ كرامتها.
  • في حالة غضب الزوج وهو أمر غير مستحب في الحياة الزوجية عليه أن يبتعد عن المرأة حتى لا تخرج منه بعض الكلمات التي تؤذيها وتجرح مشاعرها، لذلك يفضل ألا يأخذ أي إجراء انفعالي ويستعيذ بالله من الشيطان، ثم يناقشها في الأمر عندما تهدأ الأعصاب.
  • من وصايا الرسول في معاملة الزوجة عدم الانتقاد المستمر ونصب المحاكمات طول الوقت، ويجب احترام صفاتها الشخصية وتقبلها، فعن أَبي هريرةَ قَالَ: (قالَ رَسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم: لَا يَفْرَكْ مُؤْمِنٌ مُؤْمِنَةً؛ إِنْ كَرِهَ مِنها خُلُقًا رضِيَ مِنْهَا آخَرَ) رواه مسلم.

3- الإحسان والمعاشرة بالمعروف

أكد ديننا الحنيف على أهمية الاخلاق في جميع المعاملات كافة، وفي معاملة المقربين خاصةً، وحسن المعاملة مع الزوجة تحديدًا لها العديد من المظاهر، التي يجب على الزوج المسلم أن يراعيها في معاشرته لها وكلامه وأفعاله معها.

  • الزواج في الشريعة الإسلامية هي علاقة شديدة الخصوصية، كما أن الله عز وجل اعتبر الزواج معجزة وآية، فقال تعالى (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) [الروم: 21].
  • لذلك أكدت الشريعة الإسلامية على ضرورة حسن المعاملة بين الزوجين، حيث قال سبحانه وتعالى (وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ)، ومعنى العشرة هنا طيب القول لهن والعدل في المعاملات، واللين في النصح والتقويم، والاعتذار عند وقوع أي طرف من الطرفين في خطأ ما.
  • أكد الإسلام على أهمية هذه القيمة لان أهل الجاهلية كانوا يحتقرون ويظلمون النساء، ويقابلون لين وضعف المرأة بالكثير من الإيذاء، لهذا نهى النبي عليه أفضل الصلاة والسلام وما ينطق عن الهوى بالتقليل من شأن المرأة بالقول والعمل.
  • كما أكد رسولنا الكريم على أهمية الإحسان إلى الزوجة في عدّة مواضع، وأن الخيريّة تتمثل في الزوج الذي يعامل زوجته باللين والرفق ويُحسن ويُعاشرها بالمعروف.
  • وصايا النبي عن الإحسان إلى المرأة كثيرة وتدل على أهميتها في المجتمع وليس كما يزعم من يقول إن الإسلام قد ظلم المرأة، حيث قال عليه أفضل الصلاة والسلام (أكْملُ المؤمنينَ إيمانًا أحسنُهُم خلقًا، وخيارُكُم خيارُكُم لنسائِهِم).
  • كما أن الرسول ظل يوصي بحسن معاملة النساء وإنصافهم حتى آخر كلماته في خطبة الوداع، كما كان يُبيّن ضعفهنّ وحاجتهن للإكرام وحماية والاحترام.

اقرأ أيضًا: طرق رومانسية لتجديد الحياة الزوجية

4- العدل والقسط في المعاملة

وصايا النبي في شأن المرأة عمومًا والزوجة خصوصًا يصعب حصرها، دلالة على القيمة الكبيرة للزوجة والأم في المجتمع، وإشارة إلى عدالة الشريعة الإسلامية في تنظيم العلاقات، وعدم تسلط القوي على الضعيف كما كان في عصور الجاهلية، وإنما جاء الإسلام كمنظومة اجتماعية مُقننة لا أحد فوقها.

  • يعتبر ظلم الرجل لزوجته من أشد أنواع الظلم لأن الزوج يجور على من يفترض به أن يحميه من الجور، كما أن فيه من الخسة لأنه من يظلم زوجته يظلم أحوج إليه.
  • لا تنتظر الزوجة من زوجها إلا أن يحميها ويحفظ كرامتها ويرعى حقوقها، ولا تتوقع ذلك من أحدٍ غيره، فإذا خذلها الرجل فيعني ذلك أنه لن تجد ذلك في حياتها مما يصيبها باليأس والقهر وينعكس ذلك على الزوج.
  • الزوج هو الأولى باحتواء زوجته والإصغاء إلى همومها والتخفيف عنها، ولا يصح ألا يكون الرجل ظالمًا مع زوجته وأولاده، فقد نهى نبينا الكريم عن ظلم الزوجة بجميع أنواع سواء الضرب أو السباب أو الأمور المادية.
  • لم تكن سنة النبي بالقول فقط بل كانت بالعمل أيضًا فقد كان عليه الصلاة والسلام أسوة لكل رجال المسلمين، قد ثبت عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها وأرضاها أنّها قالت: (ما ضَرَبَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ شيئًا قَطُّ بيَدِهِ، وَلَا امْرَأَةً، وَلَا خَادِمًا).
  • البعض ممن يقال عنهم رجال يأخذون نقود الزوجة من عمل أو ميراث بغير رضاها أو يقتر على زوجته معاشها حتى تنفق من مالها، فهذا الابتزاز والاستغلال ليس له وصف في الإسلام إلا الظلم، وعلى من يفعل ذلك أن يتذكر قول النبي حين قال (اتقُوا الظُّلم فإنَّ الظُّلم ظُلماتٌ يومَ القيامَة) وعليه الرجوع إلى الله.
  • يجب ألا نغفل أن الله قد أمرنا بالعدل والإقساط في حالة تعدد الزوجات، كما أكد صعوبة الأمر واستحالته لذلك أوصانا القرآن بالزوجة الواحدة يشملها الزوج هي وأولادها بالرعاية والاهتمام.
  • قال الله تعالى (فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة)، كما أكد الله على صعوبة العدل بين الزوجات في سورة النساء حين قال (ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم) بذلك نبهنا القرآن إلى صعوبة تحقيق العدل في حالة التعدد.

اقرأ أيضًا: ميراث الزوجة من زوجها ولها أبناء

5- إكرام الزوجة

الإكرام وتلبية المتطلبات من أهم وصايا الرسول صلى الله عليه وسلم في معاملة الزوجة، حيث ورد إلينا العديد من القول والفعل في السُنة النبوية التي توضح ضرورة إكرام الزوج لزوجته، لأن ذلك ينعكس بشكل كبير على الحياة النفسية والاجتماعية بينهما وينعكس أيضًا على الصحة النفسية للأبناء.

  • قال سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام (ألا وحقُّهن عليكم أن تحسنوا إليهن في كسوتهن وطعامهن)، يوضح الحديث أن إكرام المرأة ليس فضلًا من الرجل وإنما هو حقها على الزوج، وبما أن نبينا أمر به وما ينطق عن الهوى إذن فهو أصبح حق لله.
  • كذلك بينت تعاليم الدين في معاملة الزوجة العديد من الواجبات التي يجب على الزوج أن يلتزم بها ليس فضلًا منه ولكن لكونها من أوامر الله عز وجل، فلا يصح أن يمن الرجل على زوجته بما يجلبه لها من أغراض أو ما يقدمه من نفقات.
  • لا يصح أن يتجاهل الزوج متطلبات زوجته من حيث الكسوة والطعام، وليس الاحتياجات الأساسية فقط فإن كان قادرًا على توفير بعض الكماليات فعليه أن يفعل ذلك كنوع من التقدير وحتى لا تشعر أنها أقل شأنًا من غيرها.
  • كما قال النبي قال -صلى الله عليه وسلم: (إنَّكَ لَنْ تُنْفِقَ نَفَقَةً إلَّا أُجِرْتَ عَلَيْهَا، حتَّى اللُّقْمَةَ تَرْفَعُهَا إلى في امْرَأَتِكَ) صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم، يوضح الحديث أن النفقات الزوجية هي جزء من الدين وليس من الحياة الاجتماعية فقط.
  • قال صلى الله عليه وسلم (دِينارٌ أنْفَقْتَهُ في سَبيلِ اللهِ، ودِينارٌ أنْفَقْتَهُ في رَقَبَةٍ، ودِينارٌ تَصَدَّقْتَ به علَى مِسْكِينٍ، ودِينارٌ أنْفَقْتَهُ علَى أهْلِكَ؛ أعْظَمُها أجْرًا الذي أنْفَقْتَهُ علَى أهْلِكَ).
  • لا يتوقف الأمر على الكرم المادي فقط بل هناك نوع آخر نبهنا له الإسلام وهو الكرم في المشاعر والتي يصدقها العمل، مثل إطعامها من يده أو الشرب من مكانها، وإكرامها بالقول وعدم تقبيح خلقتها، وإعطائها جميع حقوقها حتى بعد الانفصال بالمعروف.

وصايا معاملة الزوجة في الشريعة الإسلامية كثيرة، سواء في سنة النبي أو في القرآن الكريم وتعددت مناحي إرشادات الرسول للزوج وللزوجة أيضًا، بهدف تكوين أسرة إسلامية صالحة وبالتالي أمة قوية.