ما هو معنى اللعان في الإسلام؟ وماهي أحكامه؟ يُعتبر اللعان من الأمور المكروهة والمبغوضة، والتي يجب على المسلم الانتباه لعدم الوقوع فيها وله في الإسلام مفهوم يختلف عن اللغة وله أحكام وشروع وهذا ما سنوضحه من خلال موقع سوبر بابا.

معنى اللعان في الإسلام؟

اللعان من اللعن ومعناه في اللغة من الناحية الاصطلاحية يعني الطرد بمعنى الطرد من رحمة الله، عندما لعن الله -سبحانه وتعالى- إبليس طرده من الجنة ويعني السب والدعاء وهو مكروه.

أما من الناحية الشرعية يعني الملاعنة بين الزوجين إذا اتهم الزوج زوجته بالزنا أو نفى ابنه منها وجاء بعض العلماء في معناه شهادة بين الزوجين بالتأكيد من الزوج والغضب من الزوجة ويبرأ كل منهم نفسه من الاتهام.

إذا قامت الزوجة بنفي كلامه وأنكرت هذه الدعوى فإن البينة بينهم فيلجآن حينها للملاعنة على الصفة وجاء بيان ذلك في قول الله تعالى:

{وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُن لَّهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ ۙ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ (6) وَالْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِن كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ (7) وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ أَن تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ ۙ إِنَّهُ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ (8) وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِن كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ (9) وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ حَكِيمٌ (10)} سورة النور.

بينت الآيات اللعان وذكرت أن الرجل الذي يرمي زوجته بالزنى ولم يكن هناك شاهد غيره أن يشهد أربع مرات وحده ويقول “أشهد الله أني صادق فيما رميتها به من الزنا” وفي الشهادة الخامسة يقول “وإني أستحق لعنة الله إن كنت كاذبًا”، وهذه الشهادة يقع العقاب على الزوجة وعقاب الزنا هو الرمي بالجمر حتى الموت ولا يرفع عنها العقوبة إلا بشهادة مقابلة لشهادته.

تقول “أشهد الله أنه كاذب فيما قاله عني وما اتهمني به من الزنا” وفي الشهادة الخامسة تقول “أستحق غضب الله إن كنت كاذبة”، وإن تم اللِعان بينهم يُنفى نسب الولد الذي لاعن فيه الزوج زوجته وكان الفراق بينهم.

اقرأ أيضًا: معنى سبحان الله في اللغة

مشروعية اللعان في الإسلام

استنادًا لما جاء في القرآن الكريم والأحاديث النبوية، يعتبر اللعان مشروع في الإسلام للرجل الذي يتهم زوجته بالزنى ولا يملك شهودًا على هذه التهمة، وأيضًا الزوجة التي تريد إسقاط هذه الجريمة وتبرئة نفسها كما جاء في الحديث الشريف عن عبد الله بن عباس رضي الله عنه.

(أنَّ هِلَالَ بنَ أُمَيَّةَ قَذَفَ امْرَأَتَهُ عِنْدَ النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بشَرِيكِ ابْنِ سَحْمَاءَ، فَقالَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: البَيِّنَةُ أَوْ حَدٌّ في ظَهْرِكَ، فَقالَ: يا رَسولَ اللَّهِ، إذَا رَأَى أَحَدُنَا علَى امْرَأَتِهِ رَجُلًا، يَنْطَلِقُ يَلْتَمِسُ البَيِّنَةَ؟ فَجَعَلَ يقولُ: البَيِّنَةَ وإلَّا حَدٌّ في ظَهْرِكَ فَذَكَرَ حَدِيثَ اللِّعَانِ) رواه عبد الله بن عباس.

حكم اللعان في الإسلام

يختلف حكم اللعان عند المذاهب الأربعة، ولا يمكن أن يتم بين الزاني والزانية، وحرم الزنا على المؤمنين وهذا دليلٌ على تحريم نكاح الزانية حتى تتوب لما جاء في قوله تعالى: {الزَّانِي لَا يَنكِحُ إِلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ ۚ وَحُرِّمَ ذَٰلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ} (النور:3) ولأنه شهادة فهو لا يصح إلا بأهل الشهادة.

أولًا: حكم اللعان في الإسلام عند الشافعية

جاء حكم اللعان في الشافعية بأنه يتعلق بخمس أحكام تثبت بمجرد اللعان ولا ينقص فيه لعان الزوجة، ولا حكم الحاكم لأن حكمه لن يوقعه لأنه وقع حينما انتهى الزوج من الشهادة.

قالوا إن اللعان طلاق بائن لما جاء عن عبد الله بن عمر قال (أنَّ رجلًا لاعنَ امرأتَهُ في زمنِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ وانتفى من ولدها ففرَّقَ بينهما رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ وألحقَ الولدَ بأُمِّهِ) رواه عبد الله بن عمر، وجاء في الشافعية بأن اللعان لا بُد من وقوعه بين الزوج والزوجة، حتى تتمكن من الدفاع عن نفسها والتبرأة من التهمة بالزنا وادعاء نسب ابنها لرجل غير زوجها.

ثانيًا: حكم اللعان في الحنفية

جاء في الحنفية أن اللعان شهادة لوجهين.

1- اللعان بشهادة

الله -سبحانه وتعالى- أوجب لعانهما بشهادة لما جاء في قوله تعالى: {والذين يَرْمُونَ أَزْوَجَهُمْ وَلَمْ يَكُن لَّهُمْ شُهَدَآءُ إِلَّآ أَنفُسُهُمْ فَشَهَٰدَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَٰدَٰتٍ بِٱللَّهِ ۙ إنه لَمِنَ الصدِقِينَ} (النور:6).

كما قال تعالى: {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِن رِّجَالِكُمْ ۖ فَإِن لَّمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّن تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ أَن تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى} (البقرة:282).

فهذا يشير إلى أن اللعان بين الزوجين يستوجب الشهادة إما شهادة الزوج أو يأتي بأربع شهود إذا لم يجد فعليه القسم وفي إثبات الابن له قالوا تأتي به فإذا كان يشبه الرجل الذي اتهمت به كان اللعان.

اقرأ أيضًا: معنى سبحان الله في اللغة

2- اللعان باليمين والشهادة

الرسول -صلى الله عليه وسلم- حين لاعن بين زوجين لم يكتفي بلفظ اليمين وأمرهما بلفظ الشهادة، ولكن ثبوت ذلك في المحدود يثبت الشهادة على الكافر والعبد، وفي إجماع أنهم ليسوا من أهل الشهادة أجاب عنها الشافعية بأن اللعان يمين وليس شهادة فلا يجوز للإنسان أن يشهد نفسه.

جاء في قول الأحناف إذا كان اللعان شهادة فتقول المرأة ثمان شهادات لأنها نصف الرجل، وبالإجماع فإن اللعان يصح من الأعمى والفاسق فلا يجوز لهم الشهادة، حتى لو تاب الفاسق وقبلت توبته لا تقبل شهادته في الحال.

بينما العبد إذا عُتق تقبل شهادته في الحال، والشهادة بين أهل الذمة مقبولة كما جاء في إلزام أبا حنيفة -رحمة الله عليه- أنه يجوز بين الذمية والذمي.

ثالثًا: حكم اللعان في الحنبلية

أكد الحنابلة أن اللعان يجوز بين الزوج وزوجته حتى يتم تبيين حد القذف عن الزوجة حيث يختلف عن ترتيب الشافعية بإيجاز الطلاق عند عدم ثبوت القذف حيث أنه يقدم حكم الفراش على ما يشعر به، من مخالفة الشبه ليتمكن من الزجر عن تحقيق سوء الظن والحفاظ على الأنساب.

رابعًا: حكم اللعان في المالكية

المالكية أوجبوا اللعان بين الأزواج ولكن يرتبط هذا اللعان بثلاث حالات.

  • رأى الزوج زوجته وهي تزني.
  • عندما يقوم الزوج بقذف زوجته واتهامها بالزنا.
  • نفي الزوج أنه زوجته حامل منه.
  • عندما يتهمها بالزنا وهو لم يرى ذلك بنفسه ولم يقوم بنفي الحمل منه.

شروط صحة اللعان

هناك عدة شروط تستوجب صحة اللعان إذا أخل شرك منهم لا يقع اللعان كما جاء في كتب الموسوعة الفقهية.

  • المطلَبُ الأوَّلُ: بين زوجينِ مُكلفين، وذلك لأنه لا تؤخذ شهادة من صبي أو مجنون، ولكن يرى المالكية أن الزوجة يجوز ملاعنتها من زوجها حتى لو لم تبلغ في حال إذا كانت تطيق الجماع.
  • المَطلَبُ الثَّاني: يشترط كذب المرأة، بأن تكذب الزوجة زوجها في قذفه ويستمر تكذيبها له حتى يتم انتهاء اللعان وذلك لأنه لا يتم إلا أن يكون بين الزوجين وفي حال اعتراف الزوجة تعذر اللعان لأن لا أشهدها أو استحلافها على أمر أقرت به باتفاق المذاهب الأربعة” المالكية” و”الحنفية” و”الحنابلة” و”الشافعية”.
  • المَطلَبُ الثَّالِثُ: يجب أن يتم بحكم حاكم بما جاء من حديث النبي -صلى الله عليه وسلم- في قذف هلال بن أمية لزوجته، ودلالة ذلك أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- استدعاه هو وزوجته للملاعنة، كما أنه قام على التأكيد والتغليظ فلا يجوز بغير الحاكم، لأنه شهادة وهذا ما اتفقت عليه المذاهب الأربعة.

اقرأ أيضًا: ما معنى كلمة غرة فتيان قريش

امتناع أحد الزوجين عن اللعان

في حال امتناع الزوج أو الزوجة عن اللعان له عدة أحكام فقد اختلف فيها العلماء.

1- حالة امتناع الزوجة

في مذهب الحنفية في حالة امتناع الزوجة يتم حبسها حتى تقوم بالملاعنة أو تقر بما جاء به زوجها وفي هذه الحالة يتم إبرائها ويُخلى سبيلها كما جاء في قول الله تعالى {وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ أَن تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ ۙ إِنَّهُ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ} (النور:8).

في حالة امتناع الزوج يتم حبسه حتى يقوم باللعان أو يقوم بتكذيب ما جاء به ويقر بكذبه ويقام عليه حد القذف لما جاء في قول الله تعالى {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا ۚ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} (سورة النور:3).

2- امتناع الزوج

يتم عليه حد القذف تعويضًا عن القذف بالزنا وهو من أقوال أئمة المذاهب “المالكية والحنابلة والشافعية”.

اتفق العلماء في وجوب الفرقة بين الزوجين المتلاعنين، ولأن الإسلام دين عدل فقد شرع اللعان ليتمكن الزوج من إثبات دعوته وتتمكن الزوجة من تبرئة نفسها مما قُذفت به.