معلومات عن الوقف الخيري وانواعه المتعددة في الإسلام، فلا يقتصر الحث على الوقف الخير على الدين الإسلامي الحنيف فقط، بل جميع الشرائع والأديان السماوية، وتعددت صور الأعمال الخيرية في الدين الإسلامي لفتح سبل النجاح والفوز بالدنيا والآخرة للمسلم الواعي بتعاليم دينه، ومن خلال موقع سوبر بابا يُمكن معرفة أبرز المعلومات عن أنواع الوقف الخيري.

معلومات عن الوقف الخيري وانواعه المتعددة في الإسلام

قبل سرد معلومات عن الوقف الخيري وانواعه المتعددة في الإسلام، يجدر الإشارة إلى أن المصطلح الإسلامي المقصد اللغوي له هو الحبس والمنع وتعني منع تملك العين لأي فرد من الأفراد والتصدق بالمنفعة العائدة منها على مصرف مشروع.

فينطبق هذا المصطلح على الأصول الثابتة مثل العقارات والمزارع والأراضي والأصول المنقولة التي تظل كما هي بعد الاستفادة منها كالآلات الصناعية والأسلحة والمعدات.

اقرأ أيضًا: فوائد فعل الخير في الإسلام

أنواع الوقف الخيري في الإسلام

يجب التنويه أن الوقف يختلف عن التبرع من حيث صفة الاستمرارية، فالوقف يعتبر تبرع دائم والمال أو العين الموقوف ثابت لا يجوز فيها البيع ولا التصدق ولا الهبه.

أما التبرع هو إنفاق المال أو المنفعة للغير بدون مقابل وانتظار الأجر بقصد البر والمعروف ويأخذ عدة أشكال منها الصدقة، الهبة، والوصية، والقرض، والكفالة.. فالوقف الخيري والمال أو العين التي يصرف ربحها وريعها ومنافعها على الجهات الخيرية له عدة أنواع.

  • الوقف الأهلي (الذري): وتعود فيه المنفعة لأفراد معينين أو أبنائهم وذرياتهم سواء من الأقرباء أو غيرهم.
  • الوقف الخيري: الذي تعود فيه المنفعة لجهات البر سواء كجهة واحدة أو أكثر ويكون فيه الإنفاق لوجه الله تعالى.
  • الوقف المشترك: يجمع هذا النوع بين الوقف الأهلي والخيري.

حكم الوقف الخيري في الإسلام

حث الدين الإسلامي الحنيف على عمل الخير وبذل الكثير والكثير من المال والجهد، وتجلي ذلك حين جعل الزكاة من الفروض على المسلم العاقل البالغ والتي تجعلنا نشعر بالمحتاجين والمساكين والأدلة من القرآن التي دلت على مشروعية الوقف كثيرة.

  • قول المولي عزو جل ﴿لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ﴾ سورة آل عمران: 92
  • أيضًا قول الحق في سورة البقرة ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا بَيْعٌ فِيهِ وَلَا خُلَّةٌ وَلَا شَفَاعَةٌ وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ﴾
  • قول العزيز ﴿وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ﴾ [البقرة: 110].
  • قوله تعالى ﴿إِنْ تُقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا يُضَاعِفْهُ لَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ شَكُورٌ حَلِيمٌ﴾ [التغابن: 17].

الأدلة من السنة على مشروعية الوقف

لم يشتمل القرآن الكريم فقط على معلومات عن الوقف الخيري وانواعه المتعددة في الدين الإسلامي، بل أتت السنة النبوية الشريفة مؤكدة على وجوبه، والتي نقلها الصحابة الكِرام رضوان الله عليهم.

  • عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ – رَضِيَ اللَّهُ عَنْه – أَنَّ رَسُولَ اللهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم – قَالَ: “إِذَا مَاتَ الإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إِلَّا مِنْ ثَلَاثَةٍ: إِلَّا مِنْ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ” [16].
  • عَنْ أبي هُريْرَةَ، قالَ: قالَ رَسُولُ الله: مَنْ احتَبَس فَرسًا فِي سبيلِ اللَّهِ، إيمَانًا بِاللَّهِ، وتَصدِيقًا بِوعْدِهِ، فإنَّ شِبَعهُ ورَيْهُ وروْثَهُ وبولَهُ في مِيزَانِهِ يومَ القِيامَةِ رواه البخاريُّ.

أول وقف خيري في الإسلام

أثناء تناول معلومات عن الوقف الخيري وانواعه المتعددة في الإسلامي يجب ذكر أن مسجد قباء في المدينة هو أول وقف في الإسلام، والمؤسس هو الرسول عليه الصلاة والسلام حين نزل المدينة مهاجرًا من مكة، ثم المسجد النبوي الذي بناه المصطفي أيضًا.

كما يُعتبر وقف السبع بساتين هو أول وقف خيري بالمعني المعروف، وقد كانت السبع بساتين لرجل يهودي اسمه مخيريق، أوصى بها النبي عليه الصلاة والسلام حين قرر القتال مع المسلمين في غزوة أحد، حيث قال في وصيته (إن أصبت -أي قتلت، فأموالي لمحمد -يضعها حيث أراه الله) فقتل وحاز المصطفى عليه السلام والصلاة تلك البساتين السبعة وتصدق بها.

كما استمر الصحابة رضوان الله عليهم على ما سار عليه الرسول وعملوا ولم يحيدوا عنه بل حثوا على الإكثار من الصدقة والإنفاق مما يحبون.

مظاهر تطور الوقف في العصور المختلفة

لم يقتصر الوقف على بناء المسجد وإخراج الأموال في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، بل تغير الأمر وشهد تطور كبير خاصةً أثناء الخلافات للدولة الإسلامية.

  • الوقف في العصر الأموي: حدث تطور ملحوظ فبعد أن كان صاحب الوقف مسئول عن وقفه بنفسه وشرف على رعايتها وإدارة شئونها، انشأت الدولة الأموية هيئات خاصة مسئولة عن الإشراف عليها، وأنشأوا ديوان خاص مستقل بها.
  • الوقف في العصر العباسي: في هذا العهد استقلت الأوقاف عن القضاء وأصبح لها رئيس يسمى (صدر الوقوف) وصحب هذا التطور الملحوظ تطور علمي ضخم ومفيد مما حث الفقهاء والعلماء بضرورة وضع مؤلفات خاصة لضبط أحكام الوقف وكيفية التصرف فيه وحماية أملاكه من الضياع.
  • الوقف في العصر المماليك: لوحظ التوسعات على نطاق أوسع منه في العصور السابقة وتم إنشاء ثلاثة دواوين لإدارتها والإشراف عليها وهي ديوان خاص بالمساجد وديوان خاص بالحرمين الشريفين وجهات البر الأخرى وديوان خاص بالأوقاف الأهلية.
  • الوقف في العصر العثماني: اهتم سلاطين العصر العثماني بالأوقاف وخصوصًا النساء حيث شملت ريع الوقف لتحتضن كليات الطب والخدمات الطبية للمستشفيات القائمة.
  • الوقف في العصر الحاضر: منحت كثير من الدول الإسلامية في العصر الحديث اهتمامًا بالغ بالأوقاف في المجالات المختلفة، وأنشأوا وزارات خاصة تهتم بشؤونها وترعاها وسنت القوانين لحماية هذه الأموال وطرق التصرف فيها.

اقرأ أيضًا: أمثلة على الصدقة الجارية

صور الوقف في الإسلام

إن الأعمال الخيرية بالأخص أعمال الوقف لها مزايا عديدة وفوائد جمة ينالها العبد في حياته، وتتعدى إلى ما بعد الممات فيحظى بالبركة في المال والصحة في الدنيا والثواب الذي لا ينقطع أجره بعد الموت ويستمتع ببعض المزايا في الدنيا.

  • بناء المساجد: فهو دور عبادة وله العديد والعديد من سبل الصدقات والمساعدات ويشمل العديد من الوظائف منها (الإمامة – الأذان- الصيانة- النظافة – الخطابة – الوعظ والإرشاد – قراءة القرآن – تعليم أبناء المسلمين) لهذه الأهمية كان أول وقف في الإسلام.
  • الوقف والمواسم الدينية: إن المواسم والأعياد الدينية الإسلامية من الشعائر التعبدية التي فضلها الله وحث على إحيائها من هذه المواسم شهر رمضان وعيد الفطر وعيد الأضحى ويوم عاشوراء وحرصًا على إقامة هذه الشعائر تنص الوثائق على أن يصرف ريع الوقف كل عام على المحتاجين.
  • الوقف على المدارس: شهد التاريخ الإسلامي إيقاف أموال المسلمين على التعليم وبناء المدارس، وهناك دليل على عظمة ورقى المسلمين في هذا الشأن، وهو ما ذكره ابن جبير حينما شاهد المدارس الوقفية النظامية في القاهرة ودمشق الخاصة بأبناء الفقراء والأيتام واللقطاء.
  • الوقف على المكتبات: تعددت المكتبات في بلاد المسلمين ذات المستوى الراقي حيث كانت تضم قاعات خاصة للمحاضرات والمناظرات والباحثين والناشئين والتي كانت يتوافد عليها العلماء وأهل الخبرة من شتي بقاع الأرض لما تحويه من ملايين الكتب للاستفادة منها.
  • الوقف في المجال الصحي: لقد كانت الأوقاف هي الوقود المحرك لقطار التقدم الطبي ونهضته؛ وذلك لأن دورها لم يقتصر على تقديم العلاج بل امتد إلى تدريس علم الطب وتخصص قاعات لإلقاء المحاضرات والدروس.
  • الرعاية الاجتماعية: تتعدد صور الوقف في هذا النوع ولكن أهمها إنشاء دور لإيواء اليتامى ورعايتهم، أوقاف إنشاء دور الضيافة والاستراحات، أوقاف قضاء الدين عن المعسرين، أوقاف لتزويج الشباب والفتيات الذين تتعثر ظروفهم ولا يستطيعون تحمل تكاليف الزواج.

شروط الواقف (مانح الوقف)

أثناء سرد معلومات عن الوقف الخيري وانواعه المتعددة في الإسلام يُمكن الإشارة إلى الشروط الموضوعة التي تفرض بعض الأمور على مانح الوقف.

  • أن يكون كتابيًا، أي يكون مسلم أو مسيحي أو يهودي.
  • وجوب أن يكون كامل الأهلية، أي بالغ عاقل راشد مسئول عن تصرفاته.
  • غير مقيد بدين يغطي كل أمواله، ألا يكون له أعمال جنائية سابقة أو مقيد الحرية.
  • مالك للعين محل الوقف.

متطلبات العين محل الوقف

أما العين التي تُخرج فيها الوقف فيجب أن تكون مستوفية الشروط بالكامل الموضوعة من قِبل الجهات المعنية والأوقاف.

  • ألا تكون العين الموقوفة محجوز عليها.
  • بعيدة عن أي خلاف قضائي.
  • لا تشوبها عيوب.
  • أن تكون العين محل الوقف ملكًا خالصًا للواقف وقت إبرام العقد.
  • لا يجوز القسمة فيها لتحديد الجزء الموقوف.

طريقة إنشاء الوقف

حددت القانون طريقة مثالية يتم من خلالها إقامة الوقف بشكل مثالي لضمان فضائل ذلك الأمر.

  • التوثيق: حيث ينظم القانون كل ما يتعلق بالإشهادات المسئولة عن الوقف وما يتعلق بالتعامل مع الأوقاف.
  • الـتأبيد والتوقيت: يجب لكي يكون الوقف صحيح أن يكون إلى أجل غير مسمي أي مؤبدًا، إلا أن الواقف يجوز اشتراط العقد بوقت سواء كان هذا الوقف خيريًا أم أهليًا، ولكن في حالة المساجد لا يجوز إلا مؤبدًا.
  • لا يصح وضع شروط فاسدة: لا تصح الوقفية إذا كان هناك شرط منافيًا لأصل العقد أو الشرع أو لا فائدة منه.
  • التوافق من أحكام الشريعة الإسلامية: يجب أن تتفق الأحكام مع شريعة الواقف على أن الجهة الموقوفة جائزة في الشريعتين.

اقرأ أيضًا: الفرق بين الهدية والصدقة والهبة

ثمار الوقف الخيري

تنعكس آثار الوقف الخيري على المجتمع فتعمل على ترابطه وتماسك البناء، دعم قوة المسلمين، صلة الأرحام والأقارب، إحياء التكافل، سبب لتشييد دور العبادة، إثراء وازدهار العلم في شتى المجالات والفنون.

لذلك كان ولا زال الدين الإسلامي هو مهد الحضارات، ومنبع الأخلاق فعندما يتحدث دول العالم الغربي عن الإنسانية وحقوق الإنسان نكتشف أن بين أيدينا كتاب مقدس وسيرة نبوية حثت على ذلك، وحضارة وتاريخ إسلامي شرع كل قوانين التكافل الاجتماعي والإنسانية بأبسط وأرقى السبل وأبسطها.

على المسلمين الوعي الكامل بأن الدين الإسلامي من له البادرة في أي أسس إنسانية توضع الآن من قِبل زعماء الغرب، فقد حث على أمور تراعي الإنسانية والمساواة الاجتماعية قبل بزوغ حضاراتهم.