ما اسم الخط أو الرسم الذي يكتب به القرآن الكريم؟ القرآن الكريم نزل بلغة عربية ويمكن كتابته لأجل التعليم بكل الخطوط العربية المقروءة بلا خلاف، ولكن هل يكتب بها المصحف الشريف أم لا؟ ذلك ما يأتي جليًا من خلال موقع سوبر بابا.

ما اسم الخط أو الرسم الذي يكتب به القرآن الكريم

كان المسلمون في أول عهدهم بالإسلام لا يكتبون ولا يقرأون ويسمون بالأميين وهم الذين وصفهم الله في قرآنه بقوله “هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ”، ولهذا كانوا لا يكتبون القرآن إلا نادرًا ولكن كانوا يحفظونه حفظًا جيدًا في صدورهم فلا يفقدون منه حرفًا، وهكذا ظلوا مدة طويلة.

إلى حرب المرتدين بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم كانت هناك معركة فاصلة تسمى معركة عقرباء مع مسيلمة الكذاب ومعه بني حنيفة في أربعين ألفًا، وكان جيش المسلمين فيها لا يتجاوز عشرة آلاف، فدار القتال فيها داخل حديقة تسمى حديقة الرحمن والتي سميت بعدها بحديقة الموت لكثرة من مات فيها.

استشهد فيها الكثير من حفظة القرآن الكثير، فخشي المسلمون ضياع القرآن بعد موت الكثير من القراء فقال أبو بكر رضي الله عنه: “إنَّ عُمَرَ أتَانِي فَقالَ: إنَّ القَتْلَ قَدِ اسْتَحَرَّ يَومَ اليَمَامَةِ بقُرَّاءِ القُرْآنِ، وإنِّي أخْشَى أنْ يَسْتَحِرَّ القَتْلُ بالقُرَّاءِ بالمَوَاطِنِ، فَيَذْهَبَ كَثِيرٌ مِنَ القُرْآنِ، وإنِّي أرَى أنْ تَأْمُرَ بجَمْعِ القُرْآنِ” فظهرت وقتها فكرة جمع القرآن، فانشرح لها صدر أبي بكر رضي الله عنه وأمر بتنفيذها.

فأمر أبو بكر الصحابي زيد بن ثابت أن يجمع القرآن وقال له “إنَّكَ رَجُلٌ شَابٌّ عَاقِلٌ لا نَتَّهِمُكَ، وقدْ كُنْتَ تَكْتُبُ الوَحْيَ لِرَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَتَتَبَّعِ القُرْآنَ فَاجْمَعْهُ”، فقال زيد عن ذلك مستثقلا المهمة: “فَوَاللَّهِ لو كَلَّفُونِي نَقْلَ جَبَلٍ مِنَ الجِبَالِ ما كانَ أثْقَلَ عَلَيَّ ممَّا أمَرَنِي به مِن جَمْعِ القُرْآنِ”.

ثم في عهد عثمان بن عفان رضي الله عنه اتسعت الدولة الإسلامية جدا وتفرق الصحابة في الأمصار فدخلت لهجاتهم في القرآن الكريم فانزعج المسلمون لذلك خشية من تحريف القرآن، فقال حذيفة بن اليمان لعثمان بن عفان: “يا أمير المؤمنين، أدرك هذه الأمة، قبل أن يختلفوا في الكتاب اختلاف اليهود والنصارى”.

فاستأذن عثمان من أم المؤمنين حفصة وقال لها أرسلي إلينا بالصحف التي جمعها زيد وسنقوم بنسخها وإرسالها إلى الأمصار ليتفق الناس ولا يختلفوا، فأخذ الصحف منها ونسخوها وعممها عثمان على الأمصار آمرًا أن يحرق ما اختلف عليها، فظهرت النسخة التي عممت في عصر عثمان برسم خاص نسب إليه بعد ذلك.

فكانت من أوائل النسخ التي أمر بها سيدنا عثمان أن توزع في ستة مدن إسلامية كبرى، وهي مكة المكرمة والبصرة والكوفة ومصر والشام، وسميت النسخة التي كانت بالمدين المنورة بالمصحف الإمام ليرجع إليها النساخ بعد ذلك وأمر بإحراق كل النسخ غيرهم.

لذا تكون إجابة سؤال ما اسم الخط أو الرسم الذي يكتب به القرآن الكريم؟ هو رسم ثابت وسميت بالمصاحف المكتوبة فيه بالرسم العثماني الذي له شكل وطبيعة تختلف عن الكتابة الإملائية التي نكتب بها حاليًا كتابتنا العربية.

اقرأ أيضًا: كم عدد صفحات المصحف الشريف كامل

هل الرسم العثماني توقيفي؟

بمعنى هل يجوز تغيير الخطوط وطبيعة الرموز التي كتب بها المصحف في الرسم العثماني أم لا؟ وذلك في سياق إجابة سؤال ما اسم الخط أو الرسم الذي يكتب به القرآن الكريم؟

1- الرأي الأول

هو رأي الجمهور الذي قاله العلماء أن هذا الرسم للقرآن الكريم توقيفي وبالتالي فلا يجوز فيه التغيير أو التبديل، واستدلوا بأن هذا الرسم قد كتب به في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وأقره من كتاب الوحي وأقره أيضًا الخلفاء الراشدون.

نظرًا لكون الإقرار عليه من الخلفاء الراشدين ولقد أمرنا نحن باتباع رأيهم واختياراتهم لقول النبي “فإنَّه مَن يَعِشْ منكم فسيَرَى اختِلافًا كثيرًا، فعليكم بسُنَّتي وسُنَّةِ الخُلَفاءِ الرَّاشِدينَ المَهْدِيِّينَ، عَضُّوا عليها بالنَّواجِذِ، وإيَّاكم ومُحدَثاتِ الأُمورِ؛ فإنَّ كُلَّ بِدعةٍ ضَلالةٌ” فكانت كتابة المصحف توقيفية.

فدل عليها أيضًا إجماع المسلمين عليها، ويعتبر الإجماع المصدر الثالث من مصادر الأحكام التكليفية بعد القرآن والسنة، وبالتالي إذا حدث الإجماع من المسلمين في قضية ما في أي عصر من العصور يصير إلزامًا للمسلمين بالعمل بها، لأنه لا ينقض الإجماع إلا بإجماع مثله، وبالتالي وجب أن يكون الرسم العثماني توقيفيًا.

2- الرأي الثاني

أنه ليس توقيفيًا بل هو اصطلاح فقط من الصحابة، وهم كانوا حديثي عهد بالكتابة، وبهذا لا يجب أن نلتزم بالخط العثماني ويمكن حينها تغييره، فقال به ابن خلدون والباقلاني، والدليل على كلامهما أنه لا يوجد دليل على القول الأول أنه توقيفي.

3- القول الثالث

أنه ليس توقيفيًا فيجوز كتابته إملائيًا لعامة الناس في الدروس وغيره، بينما تكون الكتابة فيه في المصاحف ولأهل العلم بالرسم العثماني، وبه قال الإمام العز بن عبد السلام والامام الزركشي، وهو رأي لا يختلف في جوهره عن الرأي الأول بأن كتابته في المصاحف توقيفية لا يجوز لأحد تغييرها.

اقرأ أيضًا: معلومات عن أول من سمى القرآن الكريم بالمصحف

قواعد الرسم العثماني

أثناء التأكد أن إجابة سؤال ما اسم الخط أو الرسم الذي يكتب به القرآن الكريم؟ هو الرسم العثماني، حيث يجب أن هناك بعض المعايير التي يتبعها.

  • الحذف: أي حروف موجودة في النطق لكنها محذوفة في الكتابة مثل حذف حرف الألف في “يأيها”، وحذف حرف الياء في كلمة “باغٍ”، وحذف حرف الواو في كلمة “فأوا”.
  • الزيادة: أي حروف تكتب لكنها لا تظهر في النطق مثل زيادة حرف الألف في نهاية كلمة “تفتؤا”، وزيادة حرف الياء في وسط “بأييد”، وزيادة حرف الواو الأولى في كلمة “أولو”.
  • الهمز: تُكتب في حالة واحدة فقط عندما تكون ساكنة وما قبلها متحرك مثل كلمة “ائذن” وكلمة “اؤتمن”.
  • البدل: فيكتب الألف واوًا في حالة التفخيم في كلمة “الصلوة”، وكتابة النون ألفًا في نون التوكيد المخففة “لنسفعاً”، وهاء التأنيث تاء مفتوحة في كلمة “رحمت”.
  • الفصل والوصل: كوصل كلمة “أن” بـِ كلمة “لا” فتجر ألَّا، و“عن”بكلمة “من” فتصبح “عمَّن”، وكلمة “كل” بـِ كلمة “ما” فتصبح “كلما”.
  • ما فيه قراءتان: فيكتب اللفظ الذي فيه قراءتان برسم إحداهما مثل كلمتي “يخدعون، غيـبت”.

فالرسم الذي كتب به القرآن هو الرسم العثماني وهو توقيفي فلا تجوز كتابة المصاحف إلا به، وذلك وفق الرأي الأشهر لبعض الأئمة.