لماذا خلق الله الجبال؟ ماذا يحدث لو لم توجد على سطح الأرض؟ لا شك أن في خلق الله –سبحانه وتعالى- كلّه حكمة بالغة لا يعلمها إلا هو.. فلا يخلق شيئًا عبثًا حاشاه، وهذا الإبداع المُتقن تقف أمامه العقول حائرة، مما يدل على عظمة الخالق وقدرته، لنا أن نوافيكم بالمزيد في موقع سوبر بابا.

لماذا خلق الله الجبال؟

تلك الجبال التي أرساها الله على الأرض من تضاريسها، ربما ينحصر الأفق البشري في تخيل أنه يراها كاملة.. بيد أنّ لها امتدادات تحت سطح الأرض تزيد عن ارتفاعها المرئي الظاهر أضعافًا مضاعفة.

  • الرعاية والحكمة الإلهية التي خلق الله الجبال من أجلها تكمن في ترسية الأرض، أي منعها من أن تميد بالناس، حتى لا يحدث اضطرابَا.
  • لأن لها أوتاد وجذور راسخة في باطن الأرض لحفظ توازنه، وتوازن الأرض يحفظ توازن البشر والكائنات.
  • تُثبت الجبال القشرة الأرضية تمامًا كما تثبت السفن بمراسيها في الماء.
  • ناهيك عن أنّ تلك الجبال تُعتبر مصدات للرياح المحمل ببخار الماء، فيتمكن من الصعود لأعلى ويبدأ رحلته مع التكاثف لإنزال المطر.. الذي يُسقى به كل كائن حي.
  • جعلها الله أعلامًا ليستدل بها الناس قديمًا في سيرهم.
  • في حصونها الكهوف والحصون “وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُم مِّمَّا خَلَقَ ظِلَالًا وَجَعَلَ لَكُم مِّنَ الْجِبَالِ أَكْنَانًا” سورة النحل.
  • تكسر حدة الرياح العاصفة، فلا تكون صادمة لما تحتها.
  • أنها سببًا في ألا تنزل السيول جملة واحدة، فتودي بما تحتها، بل تأخذ يمينًا وشمالًا لتكون موزعة.
  • لو لم يكن لها جذور وطالت على سطح الأرض لسترت عن الناس الشمس.
  • خلق الله في الجبال دواء لا ينبت في رمال وسهول.
  • من منافعها أحجار المباني والأصباغ.
  • أودع الله فيها الجواهر والمعادن النفيسة.

اقرأ أيضًا: قصص الأنبياء ومعجزاتهم

ماذا يحدث لو لم توجد الجبال على سطح الأرض؟

  • لولا الجبال لذابت الثلوج كافتها وسقطت على الأرض مباشرة.
  • ستخلف على الأرض سيولًا عارمة هالكة فانية للكائنات.
  • لظلت الأرض تتحرك بمن فوقها.

مع العلم أنّ الجبال هي نتيجة طبيعية لحركة الصفائح التكتونية، فحتى إن كان لعوامل التعرية أثرًا في إزالة الجبال فإن حركة تلك الصفائح تعمل على تجديدها.

بكل الطرق العلمية.. إنّ عدم وجود الجبال سيؤدي إلى انتهاء الحياة كما نعيشها هكذا على كوكب الأرض، كذلك فإن عدم وجودها سيقلل من عمليات التنقيب عن المعادن، وما كنّا شهدنا بالأخير تطورًا في الحضارات البشرية جمعاء.

الجبال أوتادًا للأرض من رؤية علمية

لم يتطرق العلماء إلى حقيقة خلق الله للجبال وما يحدث إن لم توجد على سطح الأرض إلا في النصف الأخير من القرن التاسع عشر.. فقد ارتأى “جورج ايري” إلى نظرية مفادها أن الجبال أوتادًا للأرض، فقال:

  • إنّ القشرة الأرضية لا تُعتبر أساسًا يُناسب ما يعلوها من الجبال.
  • القشرة وما فوقها ما هي إلا جزء فقط ظاهر أمامنا وتحته صخور كشفية مرنة.
  • للجبال جذور في الأعماق.. لضمان ثباتها واستقرارها.
  • الجزء المغروس من الجبال في باطن الأرض مدبب كالوتد، حتى يكون الجبل راسخًا مكانه.
  • يُلاحظ أنّ الجذور أسفل الجبل تُعتبر أكثر عمقًا.

الجبال تمر مر السحاب.. تفسير الشعراوي

قال الله تعالى في سورة النمل: “وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ ۚ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ ۚ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ (88)“.

فسر الشعراوي الآية الكريمة بأنّ الجبال الرواسي للأرض يُخبرنا الله أنها ليست جامدة بل تتحرك من مكان لآخر، أي تتحرك بحركة الأرض، وهنا يشير إلى دوران الأرض.

إلا أنّ ما يسبق الآية من وصف لأهوال يوم القيامة، يأتي بتفسير آخر لها، بالإشارة إلى النفخة الأولى في الصور، فما إن تبصر الجبال في تلك النفخة، تظنها ثابتة إلا أنها تسير كحركة الريح إذ تستوي بالأرض من هول الأمر.

لكن أضاف الشعراوي إلى أن الصاعد للفضاء يرى دوران الأرض حول نفسها ودوران الجبال معها، إلا أنّ المتأمل في الآية الكريمة يجدها تتناول حركة الجبال بالتحديد لا حركة الأرض كاملة.

اقرأ أيضًا: حقائق عن معجزات الرسول صلى الله عليه وسلم في الغزوات

هل الجبال ثابتة أم متحركة؟

قال الله تعالى في سورة الطور: “يَوْمَ تَمُورُ السَّمَاءُ مَوْرًا (9) وَتَسِيرُ الْجِبَالُ سَيْرًا (10)“، وكذلك في غير موضع آخر من القرآن الكريم، نصل فيما ذكر فيهم من تفسيرات إلى حقيقة مفادها أنّ الجبال تتحرك وليست ثابتة.

على أنّ تشبيهها بالغيوم صحيح علميًا.. لأن فروقات درجات الحرارة تنتج تيارات هوائية تدفع الغيوم، وهو الحال ذاته بالنسبة للجبال، التي تُدفع بالتيارات الحرارية على عمق مئات الكيلو مترات.

فكما أنّ حركة الغيوم عادةً ما تكون بطيئة بشكل انسيابي تأتي حركة الجبال انسيابية إلى الدرجة التي تجعلنا لا نشعر بها مطلقًا ونظنّها ثابتة!

لماذا ذكر الله حقيقة الجبال في كتابه؟

اختتم الله سبحانه وتعالى الآية الكريمة بقوله: “إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ” فهي تحمل رسالة للمؤمنين، فليعلموا أنّ الله يعلم حركة الجبال وهم لا يرونها، وأن حركتها حقيقة مؤكدة وهم لا يشعرون بها.

فالله خبير عليم، بالظواهر والبواطن، يعلم الغيب وما في الأرحام، لذا على المؤمن التدبر في آيات الله، والتأمل في الحكمة من ورائها، وأن يستشعر مراقبة الله له ولحركاته وسكناته.

كما أنّ الله ذكر مثل تلك الحقائق الكونية وغيرها في مُحكم التنزيل حتى نقف في خشوع وخضوع أمام عظمة القرآن، والإعجاز في آياته.. التي سبقت العلوم والعقول بأزمنة.

ما يتوقع أن يحدث للجبال بعد ألف عام

استخدم العلماء مراصد فلكية لحركات النجوم، وتوصلوا إلى نتائج دقيقة، ووجدوا أنّ الجبال تتحرك بمقدار 18 مم في السنة، وحركتها تكون في أي جهة من الجهات.

كما ذهبوا إلى أنها بعد ألف عام ستتحرك بمقدار 18 م.. على إثر حركة القارات، التي تعزو إلى التأثيرات الحرارية في باطن الأرض، فتأثيرها يظهر بعد آلاف السنين.

اقرأ أيضًا: من أول من كتب بسم الله الرحمن الرحيم

ذكر الجبال في القرآن

ذكر في غير آية مُحكمة خلق الله الجبال والحكمة من خلقها، لتكون من الشواهد على القدرة الإلهية، فهي تُسبح بحمد ربها وتخشاه.

  • سورة الأحزاب: “إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا (72)”.
  • سورة الأنبياء: “وجَعَلْنَا فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَن تَمِيدَ بِهِمْ وَجَعَلْنَا فِيهَا فِجَاجًا سُبُلًا لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ“.
  • سورة البقرة: “وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الْأَنْهَارُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاءُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (74)”.
  • سورة الحشر: لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ (21(“.
  • سورة الرعد: “وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الأَرْضَ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْهَارًا وَمِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ جَعَلَ فِيهَا زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ“.
  • سورة النبأ: “أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهَادًا* وَالْجِبَالَ أَوْتَادًا“.
  • سورة ص: إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبَالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِشْرَاقِ (18(“.
  • سورة طه: “وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْجِبَالِ فَقُلْ يَنْسِفُهَا رَبِّي نَسْفًا (105) فَيَذَرُهَا قَاعًا صَفْصَفًا (106) لَا تَرَى فِيهَا عِوَجًا وَلَا أَمْتًا (107) يَوْمَئِذٍ يَتَّبِعُونَ الدَّاعِيَ لَا عِوَجَ لَهُ وَخَشَعَتِ الْأَصْوَاتُ لِلرَّحْمَنِ فَلَا تَسْمَعُ إِلَّا هَمْسًا (108(.
  • سورة لقمان: “وَأَلْقَى فِي الأَرْضِ رَوَاسِيَ أَن تَمِيدَ بِكُمْ“.

يبعث الله لنا رسائل في صنيعه المُحكم، لنتأمل في خلق الله للكون وظواهره، ونعرف حقيقة الذات الإلهية.. فها قد التقت المعارف العلمية الحديثة مع حديث القرآن عن الجبال.