يرزق الله العباد جميعًا حتى الكافرين منهم، فلا يفرق في الرزق بين مؤمنٍ وكافر طالما يجتهد في عمله، فمعلومٌ أن الرزق عبارة عن المال فقط، لكن يوجد أنواع كثيرة من الرزق تتعلق بالعبد نفسه ثم تتعلق بإيمانه بربه، ومن خلال موقع سوبر بابا يمكن أن نوضح ذلك.

كيف يرزق الله العباد

قدر الله تعالى الأرزاق كما قدر الآجال، فلن يموت شخص قبل أن يستوفي رزقه كله، ولن يتوفى قبل أن يستوفي قدره كله، روي بن حبان عن أبي الدرداء قالَ رسول الله صلي الله عليه وسلم: (إنَّ الرِّزقَ لَيطلُبُ العبدَ كما يطلبُه أجلُه).

كما روي جابر بن عبد الله قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: (لا تستَبطِئوا الرِّزقَ؛ فإنَّهُ لَم يكنْ عبدٌ لِيموتَ حتَّى يبلغَ آخرَ رزقٍ هوَ لهُ، فأجمِلوا في الطَّلبِ؛ أخذِ الحلالِ، وتركِ الحرامِ).

فهناك سببان لزيادة رزق الإنسان سبب مادي وسبب شرعي:

1- السبب المادي

يرزق الله العبد على حسب اجتهاده في عمله وفي تجارته ونحو هذا، وهذه الأسباب يستوي فيها جميع الناس المؤمن والكافر، فكل من عمل واجتهد في عمله رزقه الله على قدر اجتهاده.

2- السبب الشرعي

يزيد الله من رزق العبد ويبارك فيه على أساس درجة إيمان المسلم، من تقوى الله وبره بالوالدين وصلة الأرحام وصدقه وأمانته في عمله والدعاء لله.

أي من يتق الله في عمله وقد تأتيه الفرصة ليغش ويخدع بها الناس ويظن أنه يوسع من رزقه فلا يبارك الله في ماله ولا في صحته، بل يُهلك بدنه ونفسه ولن يأخذ غير رزقه الذي كتبه الله له.

علي المسلم أن يتقي الله في ربه ونفسه وعمله والناس، فيدعو الله بزيادة الرزق فيبارك الله له ويستجيب وينمو رزقه.

يرزق الله ما يشاء من عباده سواء كان مؤمنًا أم كافرًا بدون سبب، بل بمحض مشيئته -سبحانه وتعالى- فكل مخلوق مقدر له رزقه سواء بسبب أو بدون سبب.

يقول الله تعالى: (وَكَأَيِّن مِّن دَابَّةٍ لَّا تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللَّهُ يَرْزُقُهَا وَإِيَّاكُمْ ۚ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) العنكبوت/60، وقال تعالى: (وَمَا مِن دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ) هود/6

فقد دعا سيدنا إبراهيم -عليه السلام- ربه أن يرزق المؤمنين من أهل مكة من الثمرات، أخبره الله تعالى أنه لن يختص المؤمنين فقط بالرزق، بل بالمؤمنين والكافرين.

قال تعالى: (إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَٰذَا بَلَدًا آمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُم بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ۖ قَالَ وَمَن كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلًا ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَىٰ عَذَابِ النَّارِ ۖ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ) البقرة/126

فقال الشيخ صالح الفوزان حفظه الله: “فالمؤمن يكون مرزوقا في الدنيا، وفي الاخرة تكفل الله برزقه، وكذلك الكافر يرزقه الله جل وعلا في الدنيا، وفي الاخرة يجعل مصيره إلى النار”.

في حديث رسول الله عن أبي موسي الأشعري قال، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (لا أحَدَ أصْبَرُ علَى أذًى يَسْمَعُهُ مِنَ اللهِ عزَّ وجلَّ، إنَّه يُشْرَكُ به، ويُجْعَلُ له الوَلَدُ، ثُمَّ هو يُعافيهم ويَرْزُقُهُمْ. حَدَّثَنا مُحَمَّدُ بنُ عبدِ اللهِ بنِ نُمَيْرٍ، وأَبُو سَعِيدٍ الأشَجُّ، قالا: حَدَّثَنا وكِيعٌ، حَدَّثَنا الأعْمَشُ، حَدَّثَنا سَعِيدُ بنُ جُبَيْرٍ، عن أبِي عبدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ، عن أبِي مُوسَى، عَنِ النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ بمِثْلِهِ، إلَّا قَوْلَهُ ويُجْعَلُ له الوَلَدُ فإنَّه لَمْ يَذْكُرْهُ).

من المسلمين من يتعجلون الرزق ويهملون العبادة وينشغلون عنها فلا يقدر الله لهم ما يريدون.

فقال تعالى: مَّن كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَن نُّرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلَاهَا مَذْمُومًا مَّدْحُورًا (18) وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَىٰ لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَٰئِكَ كَانَ سَعْيُهُم مَّشْكُورًا (19) كُلًّا نُّمِدُّ هَٰؤُلَاءِ وَهَٰؤُلَاءِ مِنْ عَطَاءِ رَبِّكَ ۚ وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُورًا (20) انظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ ۚ وَلَلْآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجَاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلًا (21)“.

فالفرق بين المؤمن والكافر أنه يدعو الله بزيادة رزقه فيرزقه الله ثم يشكره العبد على ما أنعم الله عليه، أما الكافر فيسعى لطلب رزقه ولا يؤدي شكر الله فيجازيه على ما اجتهد فقط والله وأعلم.

اقرأ أيضًا: فوائد سورة النمل للرزق

ماذا يجب على المؤمن أن يفعله ليرزقه الله؟

هناك ما يجب على العبد فعله من أجل أن يرزقه الله عز وجل بعد ما يجتهد في عمله ويأخذ بالأسباب، وهذه بعضٌ منها:

  • الشكر والحمد لله علي نعمه وفضله علينا هي أحد العبادات لزيادة الرزق، قال تعالى: (وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ (سورة إبراهيم/7
  • كثرة الدعاء والإلحاح فمن يجتهد في عمله يرزقه الله، ومن يدعو الله بزيادة الرزق فيرزقه من حيث لا يحتسب.
  • كثرة الاستغفار والتوبة فمن منا لا يخطئ! لذلك علينا نجدد قلوبنا إلى الله بالاستغفار، قال تعالى: فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا (10) يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُم مِّدْرَارًا (11) وَيُمْدِدْكُم بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارًا (12)“.
  • على المؤمن أن يتقي الله في حياته، فبها تكون له البركة في رزقه وأعزه الله في الدنيا والآخرة قال تعالى: “وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا (2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ… (3)”سورة الطلاق.
  • صلة الرحم تبسّط الرزق، حيث قال رسول الله -صلي الله عليه وسلم-: (من سَرَّهُ أن يُبسطَ له في رزقِه، أو يُنسأَ له في أَثَرِهِ، فليَصِلْ رحِمَه).
  • التوكل على الله يقينًا واقتدارًا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم- (لو أنَّكم تَوَكَّلُونَ علَى اللهِ تعالَى حَقَّ تَوَكُلِهِ، لَرَزَقَكُمْ كمَا يَرْزُقُ الطيرَ، تغدُو خِماصاً، وتروحُ بِطانا).
  • توحيد الله -سبحانه وتعالى- فقد قال الله تعالى: “وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَىٰ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَٰكِن كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُم بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (96)” سورة الأعراف.
  • التصدق لوجه الله تعالى فما نقص مالٌ من صدقة، قال تعالى: (مَّن ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً وَاللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) البقرة/245.
  • أن تقيم الصلاة في وقتها وأن تحث وتأمر أهلك بالصلاة وقال تعالى (وأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَّحْنُ نَرْزُقُك (.
  • أداء فريضة الحج، والقيام بسنة الرسول وأداء العمرة.

اقرأ أيضًا: طريقة لجلب الرزق

أنواع الرزق

لا يرزق الله العباد المال فقط لأن الرزق ليس مقتصرًا على المال فحسب، حتى السعادة ليست مقتصرة على المال، فهناك من يملك المال وليس سعيدًا، وهنالك من يملك المال ولا يستطيع النوم، وهناك من يملك المال ومريضًا لا يستطيع المال أن يعالجه.

فالمال نوع واحد من أنواع الرزق، فإنه أكثر من أن ينحصر ويتمحور حول المال.. الصحة رزق والأهل رزق، فدعوة الأم رزق وسند الأب رزق، وراحة البال وصفاء القلب ودعوة المحبين رزق.

اقرأ أيضًا: فوائد الاستغفار لجلب الرزق والزواج

أسباب منع الرزق

هناك أسباب قد ذكرها أهل العلم تمنع رزق العبد وتمحق البركة عنه، وفيما يلي بعضٌ منها:

  • ازدراء العبد لنعم الله.
  • تواكل العبد وعدم الأخذ بالأسباب.
  • تهاون العبد في أكل المال المحرم.
  • تناسي فضل الله تعالى ونسب الأفضال للبشر.
  • ترك الفرائض والواجبات.
  • البخل وعدم التصدق لوجه الله تعالى.
  • إتيان المعاصي والمحرمات والاستمرار عليها دون توبة إلى الله.

إن تقوى الله والدعاء له والتذلل والتضرع الكامل لله هو ما يبارك لنا في الرزق أيًا ما كان، وذلك بعد الأخذ بالأسباب.