كيف عالج الإسلام الآفات الصحية بالتفصيل؟ وما هي القواعد التي وضعها الإسلام للوقاية من الأمراض؟ وكيف صمدت تلك النصائح لمدة 1400 عامًا وأثبتت فعاليتها كنصائح طبية واقعية تحسن صحة الانسان؟ كثير من الأسئلة المُهمة لا بُد أن يعي المُسلم بإجابتها جيدًا، نتطرق للتعرُف عليها من خلال موقع سوبر بابا.

كيف عالج الإسلام الآفات الصحية بالتفصيل؟

وضع الإسلام عددًا من القواعد التي يسير عليها الإنسان في حياته، ولو استمر عليها وحافظ على حياته بها فسوف يعيش حياة صحية آمنة من كثير من الآفات الصحية، ومنها:

1- النهي عن الإسراف في كل شيء

الإسراف هو أن تأخذ من الشيء فوق ما تحتاج، لذا فقد يكون في الطعام والشراب أو في سائر المعاملات، فكل إسراف مؤذٍ وسيء، وعكسه التقطير والبخل، وكلاهما مذموم، فقال الله عن الانفاق: “والذين إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَٰلِكَ قَوَامًا“.

كما قال عن الطعام والشراب خاصةً: “وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا ۚ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ“؛ ليؤكد أن كل إسراف مذموم في كل شيء.

حذر رسول الله من خطر الإسراف في الطعام فقال: “ما ملأ ابنُ آدمَ وعاءً شرًّا من بطنِه حسْبُ ابنِ آدمَ أُكلاتٌ يُقمْنَ صلبَه فإن كان لا محالةَ فثُلثٌ لطعامِه وثلثٌ لشرابِه وثلثٌ لنفسِه“، فالطعام الكثير يُثير متاعب في الصحة العامة، فيسبب مشاكل في الجهاز الهضمي ويعسر الهضم، ويسبب اضطرابات النوم والكثير من الآفات.

فكل مؤمن يوقن بأن المرض والشفاء بيد الله وحده، فيقول الله عز وجل على لسان إبراهيم عليه السلام: “وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ“، فالشفاء من قدر الله، ولا مانع شرعيًا في التداوي وطلب الشفاء، كما طلب أيوب عليه السلام عندما قال: “ربِّ إنّي قد مَسَّنِـيَ الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَـمُ الرَّاحِمِيـنَ“.

فلا يجري في ملك الله إلا ما قدَّره وأذن به، وبالتالي إذا سأل سائل مسلم أو غير مسلم كيف عالج الإسلام الآفات الصحية بالتفصيل، فمن اليسير له ألا يُسرِف.

اقرأ أيضًا: أول طبيب في الإسلام

2- ممارسة الرياضة للجسد

حفظ النفس مقصد مهم من مقاصد التشريع الإسلامي، فحفظ النفس من أمراضها الصحية والخُلقية والاجتماعية جوانب تتكامل مع بعضها البعض، فلا يمكن فصل بعضها عن الآخرين.

فيوجهنا الله تبارك وتعالى فيقول: “وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل“، فالقرآن يدعو المسلمين ليكونوا أقوياء ويعدوا ما استطاعوا من قوة بكل معانيها، ومن معانيها القوة البدنية التي يجب أن يحرصوا عليها.

فلو تساءلت عن كيف عالج الإسلام الآفات الصحية؟ فلن تجد خير من أنه طلب من اِتباعه الاهتمام بأجسادهم وعدم إهدار صحتهم للحفاظ على قوتهم، فهي نعمة ويجب المحافظة عليها، فكل إنسان مسؤول عنها أمام الله.

3- ترك الأمور الضارة والمنكرة

من المحافظة على أجسادهم ترك كل العادات التي تؤذي جسدهم، وذلك بتحريمها أو كراهتها مثل تحريم الخمر وكل مسكر ضار بالجسد، وأيضًا المخدرات التي تؤذي بل تدمر أجسادهم، فجميعهم وضِع ضمن الحرام أو المكروه، كشرب السجائر والتدخين بكافة أشكالُه، فالقاعدة العامة أن كل ضار ممنوع في الإسلام.

4- التداوي وطلب العلاج

عند مناقشة السؤال كيف عالج الإسلام الآفات الصحية بالتفصيل لا نذكر اهتمام الإسلام بالعلاج فقط، بل بالوقاية ابتداءً حتى لا يحدث المرض، فالقاعدة الذهبية أن الوقاية خير من العلاج أقرها الإسلام وجعلها أساسًا لوضع نظامه الصحي.

لكن إذا أصيب الإنسان بالمرض فهل يمنعه الإسلام من طلب العلاج بداعي التوكل على الله؟ فمن الناس من يفهم فهمًا خاطئًا لقضية التعارض بين التوكل على الله وبين طلب العلاج.

فالتوكل على الله ليس بترك الأسباب بل باتخاذ الأسباب ثم بتسليم الأمر لله سبحانه، فقد جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه ناقته خارج المسجد ليقول له: هل أتركها دون قيد وأتوكل على الله ليحفظها؟ فعدل له الرسول مفهوم التوكل.

فعن عمرو بن أمية رضي الله عنه قال: “قال رجُلٌ لِلنَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: أُرسِلُ ناقتي وأتوكَّلُ؟ قال: (اعقِلْها وتوكَّلْ)”.

فطلب منه أن يجعل لها قيدًا ويبذل كل الأسباب في حفظها ثم يتوكل على الله، فإذا أردت أن تعرف كيف عالج الإسلام الآفات الصحية.. فابذل أسباب العلاج واجتهد واسع لطلب العلاج بكل طاقتك، والوسائل المتاحة ثم لا تنسَ التوكل فالأمور كلها بيد الله سبحانه حتى بعد أخذ العلاج.

اقرأ أيضًا: أول ممرضة في الإسلام

5- عدم إهدار الوقت

إن أول مشاكل الإنسان تبدأ من وجود وقت فراغ لديه، فصدق الشاعر أبو العتاهية حين قال عن ثلاثة أمور، لو حدثت معًا لكان منها الخطر العظيم:

إن الشباب والفراغ والجدة ***  مفسدة للمرء أي مفسدة

فالفراغ مدمر للنفس الإنسانية ويجلب الكثير من الشرور والآفات، وقد عالج الإسلام تلك المشكلة واعتبرها أساسية جدًا، فالمسلم لا ينبغي أن يكون لديه وقت فراغ أبدًا.

وقال الله سبحانه: “فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ“، أي كما قال العلماء المفسرون أنك إذا انتهيت من عمل واجب عليك فاشغل نفسك بعده مباشرةً بعمل آخر تطوعي، أي لا تترك لنفسك وقت فراغ بينهما؛ لأنك لا تأمن على نفسك من أي تلاعب بك في وقت الفراغ.

فمن الآفات التي تُصيب الإنسان في وقت فراغه اشتغاله بتوافه الأمور وتمضية الوقت في الألعاب والأفكار التي تؤذيه، أو يقضي الوقت في الغيبة والنميمة والحديث في خصوصيات الناس، وأيضًا في ممارسة بعض العادات الضارة التي يسرف فيها.

لا يفهم من هذا محاربة الإسلام للمباحات بل على العكس تمامًا، فقد جاء صحابي لرسول الله يشتكي نفسه متهمًا نفسه بالنفاق فيقول للنبي: نافقَ حَنْظلةُ يا رسولَ اللهِ! فَقَالَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: «والَّذِي نَفْسِي بيدِه، لو تَدومونَ علَى ما تكونونَ عندِي، وفي الذِّكرِ، لصافَحَتْكم الملائكةُ على فُرُشِكم وفي طُرُقِكم، ولكن يا حَنْظلةُ ساعةً وساعةً» ثلاثَ مرَّاتٍ، رواه مسلم.

فيمكن فعل المباحات بعد تأدية الواجبات، وبشرط على الإسراف المنهي عنه؛ فكل إسراف مذموم في كافة الأصعدة، وينبغي التخلص منه تمامًا.

اقرأ أيضًا: من بنى أول مستشفى في الاسلام

6- الاهتمام بالطهارة عمومًا والنظافة خصوصًا

من ضمن القواعد الأساسية التي وضعها الإسلام حرصُه على الطهارة لأداء كل العبادات كشرط أساسي للصلاة والصيام والحج وكل الطاعات؛ فلا تقبل صلاة بغير طهور، والنظافة جزء أساسي من الطهارة.

فلو نظرت إليها لوجدتها جزءًا أساسيًا من الصحة العامة، فمن حافظ على نظافته وطهارته حافظ على صحته.

إذا تأمل كل مسلم كيف عالج الإسلام الآفات الصحية لوجد أسسًا وضعت لمن يسير عليها وينتهجها في حياته بأن يحافظ على جسمه من الأمراض، ويطلب العلاج ما استطاع بكل وسيلة.. فذلك أمر إلهي.