عوامل استقرار الأسرة في الإسلام مُحددة ومُفصلة ولم يسبق لأي تشريع قبل رسالة الإسلام أو بعدها قد وضع مثل تلك التشريعات الدقيقة، حيث فصل الإسلام جميع الحقوق والواجبات مع مراعاة العدالة بين الزوج والزوجة ومراعاة حقوق الأولاد، حتى يخيم الاستقرار على الأسرة المسلمة وهذا ما نوضحه عبر موقع سوبر بابا.

عوامل استقرار الأسرة في الإسلام

تحدث الإسلام عن الزواج على أنه معجزة إلهية حيث قال الله تعالى (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) حيث إن ترسيخ عوامل الاستقرار الأسري في المجتمع المسلم، ينتج عنه ازدهار الأمو الإسلامية جمعاء.

1- التعاون في المسؤوليات

مفهوم الزواج في الإسلام يتمثل في أنها علاقة طويلة الأمد ويدخلها الزوجين بنية الاستقرار ومواصلة الحياة معًا ودخول الجنة سويًا، ولنتمكن من تحقيق ذلك يجب أن نتعرف على عوامل استقرار الأسرة في الإسلام.

  • يجب على الزوج أن يتفهم طبيعة الأعمال المنزلية وأنها ليست بالأمر الهين وعليه أن يقدم بعض المساعدة والمشاركة فيها كنوع من راحة الزوجة والدعم النفسي لها.
  • على الزوج أن يشعر بزوجته ومتطلباتها الشخصية ولا يركز كل جهدة لتوفير الاحتياجات الرئيسية للبيت والأولاد ويتجاهلها.
  • يجب أيضًا على الزوجة أن تشارك زوجها أعبائه المعيشية من خلال توفير بعض النقود والتخلي عن المشتريات التكميلية والترفيهية.
  • على الزوجة أن تخفف عن زوجها مشقة العمل والضغوط التي يتعرض لها باستمرار وتحاول إخراجه من الهم.

اقرأ أيضًا: هل الزواج التقليدي ناجح

2- التراحم والشعور بالطرف الآخر

وصف الله سبحانه وتعالى الزواج بالسكن ووضع فيه المودة والرحمة بين الزوجين ويجب على الطرفين أن يحافظوا على هذه الرحمة؛ لأنها من أهم عوامل استقرار الأسرة في الإسلام.

  • لا يصح أن تكون العلاقة الزوجية مبنية على الحقوق والواجبات وتبادل المنفعة دون وجود أي مشاعر أو مودة ورحمة بن الزوجين، حيث تكون الحياة رتيبة وباهتة.
  • يجب على الزوجة أن توفر سبل الراحة لزوجها لأنها تميل أكثر إلى العاطفة ولأن أجواء البيت تكون بين يديها بنسبة أكبر.
  • على الزوج أيضًا أن يكون عطوفًا على الزوجة ولا يقسوا عليها، ولا داعي إلى الزجر والنهر فلا شيء أفضل في الزواج من حسن العشرة بين الطرفين.

3- التعبير عن المشاعر

لكي يخيم الاستقرار الأسري على البيت يجب أن نلم بجميع عوامل استقرار الأسرة في الإسلام، ومن أهم تلك العوامل هو التعبير ومشاركة المشاعر الطيبة بين الطرفين وعدم كبت المشاعر السلبية أيضًا حتى لا تتفاقم.

  • البخل في المشاعر يتسبب في الكثير من الضيق للزوج والزوجة خاصةً بعد فترة من الزواج، حيث يحدث فتور في المشاعر الزوجية وتنطفئ.
  • الحياء زينة المرأة لكن المبالغة في الخجل قد تصيب الزوج بالفتور، لذلك على الزوجة أن تتخلص من الخجل الزائد لتزيل الفتور من العلاقة الزوجية؛ وحتى لا يكون هناك أي حواجز عاطفية بين الزوجين.
  • لا يجب أن يكون الكلام العاطفي تقليدي ومحفوظ ولكن يفضل أن يكون نابع من القلب ويقال بحب دون تمثيل أو تصنع.
  • لا يقتصر التعبير عن الحب بين الزوجين بل يجب أن يكون موجهًا للأطفال أيضًا، لأنه يعمل على السلام الأسري وإضفاء أجواء الحب والكرم في البيت.

4- العفة وإشباع الرغبة

من أسباب الزوج أن يعف الرجل شهوته وكذلك المرأة، لدرء الفتن ومقاومة الفاحشة ووضع الشهوة في موضعها الشرعي، حيث يقول رسول الله عليه أفضل الصلاة والسلام (يا معشرَ الشبابِ مَنِ اسْتطاع منكمُ الباءةَ فليتزوجْ فإنَّه أغضُّ للبصرِ وأحصنُ للفرجِ) حديث صحيح.

  • الحياة الجنسية من أهم عوامل استقرار الأسرة في الإسلام التي تؤثر على العلاقة الإنسانية بين الزوج والزوجة ويجب الاهتمام بها وإعطائها حقها كاملًا في ضوء الشريعة الإسلامية.
  • إشباع الرغبات في الإسلام عبادة يأخذ المسلم عليها أجر حيث قال النبي (وفي بضع أحدكم صدقة، فقال أحدهم: يا رسول الله أيأتي أحدنا شهوته ويؤجر على ذلك، فقال: نعم، أرأيت إن كان في حرام هل عليه معصية؟!).
  • لا يجب أن تدخل بعض الرغبات المنحرفة بين الزوجين المسلمين لأنها ليست من أخلاق الإسلام ولأن الرغبات الشاذة تُميت الرغبات الطبيعية.
  • لا يجب على الزوج أن يجبر زوجته على المعاشرة ولكن على الزوجة أن تطيع زوجها ولا تهمله أو تتجاهله متعمدة.
  • لا يجب أن يكون الزوج عنيفًا مع زوجته في العلاقة الحميمية أو يقوم ببعض الأعمال التي تؤذيها نفسيًا أو معنويًا، كما علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قال: (لا ضرر ولا ضرار)، حديث حسن.

اقرأ أيضًا: مواصفات الزوجة المثالية في الإسلام

5- عدم التفرد بالرأي

لن يتوصل الزوجين إلى الاستقرار طالما ينفرد كل منهما برأيه ولا يتشارك المشورة مع الطرف الآخر؛ لأن المشورة في الرأي من أهم عوامل استقرار الأسرة في الإسلام، فقال عز وجل: (وشاورهم بالأمر) وهذا أمر يفيد الوجوب، كما وصف الله تعالى المؤمنين بذلك فقال عز وجل: وأمرهم شورى بينهم.

  • على الزوج أن يكون متشاركًا ومتعاونًا في جميع أمور الحياة؛ لأن القرارات التي يتخذها تؤثر بشكل كبير على الزوجة وجميع من بالبيت.
  • استشارة الزوج لزوجه يعطيها الإحساس بالثقة والتقدير، كما يشعرها بالاهتمام والاحتواء وهو أفضل تعبير عن الحب بشكل عملي.
  • لا مانع من استشارة الأولاد لإعطائهم بعض الثقة في النفس وتشجيعهم على إبداء الرأي وعدم السلبية.
  • التعنت في القرارات السلبية أو الإيجابية لا يدمر استقرار الأسرة فقط، بل يؤثر سلبًا على الأطفال وحالتهم النفسية والمعنوية.

6- العدل في الخلافات

من أخلاق الإسلام عدم الفجور في الخصومة وعدم الكذب والافتراء على الطرف الآخر؛ لأنها من سمة المنافقين، كما أن الله عز وجل أمرنا بالإقساط في المعاملات لأنه من أهم عوامل استقرار الأسرة في الإسلام.

  • لا يصح أن يشتكي أحد الطرفين لطرف ثالث في كل كبيرة وصغيرة من أحداث الأمور الزوجية، ويجب أن تتسم العشرة بين الزوجين بالستر.
  • صفات الكذب والافتراء ليست من أخلاق الإسلام ولا يمكن أن ندخلهما في حياتنا الزوجية؛ لأنها تعمل على تدمير استقرار الأسرة وعدم الاتزان في العلاقة.
  • مراعاة عدم إيذاء الأطفال عند حدوث خلافات زوجية لأنها تدمر الاستقرار النفسي لهم، وتسبب عُقد لا تزول بمرور الوقت لأنها ترسخ في نفس الطفل الألم والغضب وكراهية الأسرة.
  • من عوامل إرساء العدل في البيت المسلم عدم إعطاء الزوج حق لنفسه لا يعطيه لزوجته مثل الخيانة أو السفر وقضاء العطلات الممتعة دونها.
  • يجب أن يتفهم الزوج الفارق بين القوامة وبين النظرة الدونية للمرأة والتعامل معها باستعلاء، لأن القوامة تحمل الرجل مسؤوليات كثيرة أهما أن يشمل المرأة بالرعاية والإنصاف.

7- المناقشة لإيجاد حلول

العديد من الخلافات الزوجية تباغت حياتنا اليومية ولا ضرر في ذلك مادام الزوجين يتبعون الأخلاق الإسلامية في حل المشكلات، بهدف دعم استقرار الأسرة والوصول إلى حياة سعيدة تنعم بالمودة والحب.

  • يجب أن ندرك أن الحياة الزوجية لن تستقر إلا في حالة وجود الإرادة الكاملة من الطرفين لإكمالها بسلام وحب.
  • في بداية النقاش يجب على الزوج والزوجة أن يقوموا بتحديد المشكلة جيدًا، فأحيانًا يكون الشجار مُحتدم على أمور ظاهرية ولا يعرف الزوجين ما هو السبب الحقيقي في الخلاف.
  • عندما يدور الحوار باحترام ورقي تذوب الخلافات الزوجية وكل من الطرفين يطرح وجهة نظره ويعبر عما يخالج عقله سواء حول ما يرضيه أو ما يحزنه.
  • على الطرف الآخر أن يتفهم جيدًا ما له وما عليه وأن يحترم مشاعر شريكه سواء فيما يرضيه أو يحزنه، ويتعرف جيدًا على ما يستفزه حتى يتجنبه.
  • في حال استحالة المناقشة وصعب الوصول إلى حل فلا مانع من إدخال الأهل لحل النزاع، كما علمنا كتاب الله حين قال (وإنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِّنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِّنْ أَهْلِهَا إِن يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا)

8- مراعاة حقوق الأولاد

يعتقد البعض أن استقرار البيت المسلم متوقف على الزوجين فقط، ولكن في الحقيقة أن الأولاد من أهم عوامل الاستقرار، لاسيما إن الحالة النفسية للبيت من أهم أهداف البيت المسلم واستقرارها يبشر بمستقبل باهر بإذن الله.

  • يجب على الزوج والزوجة المُسلمة أن تعمل على مراعاة مشاعر الأولاد والحرص على عدم إلحاق الضرر بهم نفسيًا وبدنيًا.
  • يجب أن يكون العقاب بهدف التقويم وليس بهدف الانتقام أو الثأر كما يفعل بعض الآباء.
  • علينا أن ندرك المتغيرات التي طرأت على حياتنا في هذا العصر وأن عقلية أطفالنا أو شبابنا لم تعد مثل السابق.
  • مع توافر الإنترنت ووسائل تبادل المعلومات والثقافات المتعددة أصبح الطفل كبيرً على صغره يدري بجميع ما يدور حوله، فيجب علينا ألا نستخف بعقولهم.
  • لا يصح أن نهين الطفل خاصةً أمام الناس لأن هذا يصيبه بانعدام الثقة وخلل في اتزانه النفسي، ويجب أن يكون العقاب على قدر العمل فلا داع للمبالغة.
  • أن يكون الثواب مثل العقاب في الأهمية فعدم العقاب لا يعد ثوابًا، ويجب على الأبوين أن يوحدان جهودهما في بناء نشأ صالح.

اقرأ أيضًا: دور الأسرة في الانضباط المدرسي

أخطاء تسبب خلل في استقرار الأسرة

كما تعلمنا من ديننا الحنيف جميع أسرار الأسرة الناجحة، يجب أن نتدارك بعض الأخطاء الشائعة التي تتسبب دون قصد في تدمير الاتزان النفسي والاجتماعي للأسرة المسلمة.

  • إهمال الزوج لزوجته وعدم تلبية احتياجاتها المادية والمعنوية وعدم الاهتمام.
  • كثرة الشكوى من المشاكل الزوجية ومن أعباء المعيشة يسبب ضجر الشريك.
  • البخل العاطفي وعدم التعبير عن المشاعر من أهم الأسباب التي تسبب الخلل.
  • الخيانة الزوجية هي السبب الأول والرئيسي في تدمير البيت المسلم وهدمه.
  • الكذب المستمر وإخفاء المعلومات الهامة عن الطرف الآخر يتسبب في انعدام الثقة وخلل في الاتزان العاطفي والنفسي.
  • الإسراف من قِبل الزوجة وعدم الشعور بالأعباء المعيشية والمديونيات التي يتورط فيها الزوج.
  • الأسلوب السيء والمعاملة الجافة من أهم الأسباب التي تدمر الزواج وتعرقل السعادة.
  • عدم وجود أهداف مُشتركة بين الزوجين قد يكون السبب في التشتت الأسري والعزلة بين الطرفين.
  • الأنانية والتفكير للصالح الشخصي فقط مع عدم مراعاة الشخص الآخر من أهم أسباب زعزعة الاستقرار.
  • الاستخفاف بمشاعر الطرف الآخر وعدم تقدير مجهوداته من أهم الأسباب تدمير الأسرة.
  • كثرة المعاصي تتسبب في زوال معجزة السكن والمودة والرحمة التي حبانا بها الله.
  • سوء العشرة بين الزوجين وسوء المعاملة تتسبب بشكل كبير في تدمير العلاقة.
  • يجب على الزوجين مواجهة عقبات الحياة الزوجية معًا؛ حتى تنجو الأسرة إلى بر الأمان النفسي والاجتماعي.
  • معاملة أهل الطرف الآخر بطريقة غير ملائمة تتسبب بالضرورة في اتساع الفجوة بين الزوجين وكثرة الخلافات والمشادات بينهم.

تعتبر العلاقة الزوجية هي النواة الأساسية للمجتمع المسلم واستقرارها يُشكل البذرة التي تنبت أمة قوية مستقرة، كما أن استقرار الأسرة ينعكس على الفرد بالخير والسعادة.