عدد المشركين والمسلمين في غزوة تبوك يعتبر من علامات ودلائل قوة الجيش الإسلامي العسكرية والعقيدية، فإن غزوة تبوك من أهم الغزوات التي مهدت لفتح الشام وجعلت للجيش الإسلامي هيبة بين جميع القوى العظمى وقتها.. وهو ما نتناوله من خلال موقع سوبر بابا.

عدد المشركين والمسلمين في غزوة تبوك

غزوة تبوك أو غزوة العسرة هي التي خرج فيها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في العام التاسع من الهجرة وذلك في شهر رجب، وقد تبع هذا حصار الطائف بحوالي تسعة أشهر.

بدأت مؤشرات تلك الغزوة عندما شعر الرومان بضرورة إنهاء السطوة الإسلامية وكسر شوكة الجيش الإسلامي في المنطقة، وكان في اعتقادهم أن أعداد المشركين والمسلمين في غزوة تبوك هي التي تفصل في المعركة ولكن كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله.

يقول الله -سبحانه وتعالى-: (فَلَمَّا جَاوَزَهُ هُوَ والَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ قَالُوا لا طَاقَةَ لَنَا اليَوْمَ بِجَالُوتَ وجُنُودِهِ قَالَ الَذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلاقُوا اللَّهِ كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإذْنِ اللَّهِ واللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ).

فخرجت جيوش الروم والتي كانت نسيجًا بين القوات الرومانية والعربية الحليفة، والتي قدرت بأربعين ألف مقاتل.. بينما كان عتاد الجيش المسلم يومها قرابة الثلاثين ألف مقاتل من الجيش الإسلامي.

فعددُ جيش المسلمين في غزوة تبوك ثلاثون ألف رجل وقيل سبعون ألفًا، وقيل أربعون ألفًا، كما جاء في المواهب اللدنية للقسطلاني متحدثًا عن غزوة تبوك.. وكان معه -عليه الصلاة والسلام- ثلاثون ألفًا، وعند أبي زرعة سبعون ألفًا، وفي رواية عنه أيضًا أربعون ألف، وكانت الخيل عشرة آلاف فرس.

بناءً على ذلك قد كان هناك خلافًا تاريخيًا حول عدد المشركين والمسلمين في غزوة تبوك لما له من أثر في التاريخ العسكري للعرب والمسلمين.

اقرأ أيضًا: من هو أسد الله ولماذا سمي بهذا الاسم

نتائج غزو تبوك

يروي أن المعركة قد انتهت بلا صدام أو قتال؛ لأن الجيش الروماني تشتت وتبدد في البلاد خوفًا من المواجهة جيش المسلمين لقوته وصلابته وعقيدته القوية، مما رسم تغيرات عسكرية في المنطقة، جعلت حلفاء الروم يتخلون عنهم ويستبدلونهم بالتحالف مع المسلمين.. كقوة عظمى وأولوية عسكرية في المنطقة.

لذلك، حققت هذه الغزوة الغرض المرجو منها بالرغم من عدم الاشتباك الحربي مع الروم الذين آثروا الفرار شمالًا فحققوا انتصارًا للمسلمين دون قتال، حيث أخلوا مواقعهم للدولة الإسلامية، وترتب على ذلك خضوع الولايات التي كانت تمت بصلة الولاء لدولة الروم.

مثل إمارة دومة الجندل، وإمارة إيلة (مدينة العقبة حاليًا على خليج العقبة)، وكتب الرسول محمد بينه وبينهم عهدًا يحدد ما لهم وما عليهم، وقد عاتب القرآن من تخلف عن تلك الغزوة عتابًا شديدًا.

ما يُميز غزوة تبوك عن سائر الغزوات

تميزت غزوة تبوك عن سائر الغزوات بأنّ الله حث على الخروج فيها وعاتب وعاقب من تخلف عنها، والآيات الكريمة جاءت بذلك، في قوله تعالى: (انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ).

كما تعد غزوة تبوك آخر غزوة خاضها رسول الله صلى الله عليه وسلم، حيث وقعت في شهر رجب من العام التاسع الهجري الموافق ستمائة وثلاثين ميلاديًا، جاءت هذه الغزوة بعد عام من غزوة مؤتة.

التي استشهد فيها زيد بن حارثة بعد أن حمل الراية وأبلى بلاء حسنًا ثم حملها بعده جعفر بن أبي طالب حتى استشهد ثم في لحقهما في النهاية عبد الله بن رواحة.

كما قد فضحت هذه الغزوة المنافقين وكشفت أكاذيبهم وأعذارهم الواهية التي أبدوها حتى يتخلفوا عن الحرب، ومن بين هذه الأعمال بناء المسجد الضرار.

الذي أراد به المنافقون تحقيق أهداف معادية للإسلام لكن الله أخبر رسوله محمد -صلى الله عليه وسلم- بما يريده هؤلاء المنافقين ولذا أمره بهدم المسجد، لكي يفوت عليهم الفرصة في إفشال المخطط الإسلامي لنشر الإسلام في المنطقة.

اقرأ أيضًا: من هو الصحابي الذي حج سرًا

لماذا سُميت غزو تبوك بهذا الاسم؟

قد سميت هذه الغزوة بغزوة تبوك؛ لأنها وقعت عند بئر تبوك في فصل الصيف في شدة الحر وقد بلغ العطش والتعب من المسلمين مبلغهما حتى كادوا أن ينحروا بعيرهم ليشربوا مائها من شدة العطش.

كانت الإمبراطورية الرومانية من أقوى وأعظم الإمبراطوريات في ذلك الوقت، وقد كان العرب حينها يهابونها، وكان من الضروري لنشر الدعوة الإسلامية تأمين حدود الدولة الإسلامية ودعوة الأقرب منها لدخول الإسلام.

لذلك فقد أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بغزو الروم خاصةً بعدما جاءته الأخبار بأنهم يعدون العدة يجهزون الجيوش وينشئون التحالفات لغزو المسلمين خوفًا من تلك الدولة الناشئة التي أخذت تهددهم وتهدد مستعمراتهم، وكان البعض يعتقد أن عدد المشركين والمسلمين في غزوة تبوك سيكون فارقًا في حسم النزال.

اقرأ أيضًا: من هو الصحابي الذي تسلم عليه الملائكة وتزوره

الاستعداد لغزو الروم

بدأ الجيش الإسلامي بالاستعداد للغزوة بأوامر من الرسول -عليه أفضل الصلاة والسلام- وجمع الأموال من أجل التجهيز للمعركة، ومن عادة المسلمين قبل أي غزوة أو معركة التجهيز والأخذ بالأسباب والتوكل على الله.

وصلت أخبار الروم إلى الرسول في ظروف صعبة، حيث كان الوقت صيفًا وقد جفت الأرض، واشتد الحر، وزاد العطش ولم يكن أمام رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حلًا سوى مواجهة الرومان رغم كل التحديات التي تواجه جيش المسلمين.

أبلغ الرسول القبائل العربية المجاورة وأهل مكة لاستقطابهم وحثهم على التحالف مع الجيش الإسلامي في مواجهة الروم وحثهم على الدعم المادي للجيش الإسلامي، وقد نزلت في هذا التوقيت آية من سورة التوبة توصي المسلمين بالقتال والصمود.

لذا كان رد فعل المسلمين تجاه قرار الرسول سريع وواضح فقد تدفقت القبائل والأفراد والمقاتلون للمدينة، وأتى القريب والبعيد استعدادًا لقتال الروم فقد بينت هذه الغزوة للمسلمين أشياءً كثيرة وبينت مواقف ونوايا الكثير من المحيطين بالدولة الإسلامية.

قد ظهر حينها الموقف البطولي الذي لا ينسى للصحابي الجليل وأحد المبشرين بالجنة سيدنا عثمان بن عفان، فقد قام بتجهيز ثلاثمائة بعير بأحلاسها وأقتابها وجميع مستلزماتها للحرب وللترحال وقام -رضي الله عنه- بالتصدق بها للجيش المسلم وهذا ما يسمى بالجهاد بالمال.

كما قام أيضًا سيدنا أبو بكر الصديق بجميع ماله لدعم وتجهيز الجيش المسلم، وأما عن سيدنا عمر بن الخطاب فقد تصدق بنصف ماله وظن أنه سيسبق سيدنا أبا بكر بذلك.. فلم ييأس الصحابة من الفارق بين عدد المشركين والمسلمين في غزوة تبوك.

يقول سيدنا عمر بنفسه: أمرنا رسول الله يوما أن نتصدق، فوافق ذلك مالا عندي، فقلت: اليوم أسبق أبا بكر إن سبقته يوما، فجئت بنصف مالي فقال رسول الله: ما أبقيت لأهلك، فقلت: مثله، وأتي أبو بكر بكل ما عنده فقال له رسول الله ما أبقيت لأهلك قال: (أبقيت الله ورسوله)، قلت: (لا أسابقك إلى شيء أبدا.. ثم تصدق الصحابة بما عندهم من مال).

هذا هو تاريخنا الإسلامي وهؤلاء هم أصحاب الرسول -رضي الله عنهم والذين أثروا فيه بمواقفهم وكانوا خير داعم للدعوة الإسلامية في مهدها وحتى أنارت العالم بهدي الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام.