دعاء سبحانك اللهم وبحمدك وتبارك اسمك فيه ذكر لله، لكن هناك الكثيرون ممن لا يعرفون مناسبة قوله، أو طريقة قوله الصحيحة، والوقت المخصص لقوله تحديدًا، لذا ومن خلال موقع سوبر بابا اليوم نوضح كل ما يتعلق بهذا الدعاء تفصيلًا.

سبحانك اللهم وبحمدك وتبارك اسمك

كان الصحابة أشد الحريصين على تعلّم أمور الصلاة من النبيّ -صلى الله عليه وسلم- وتعليمها للناس، لذلك نجد أن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- قد جهر بدعاء الاستفتاح في الصلاة ليعلمه من يصلي وراءه من الناس.

دعاء الاستفتاح هو الدعاء الذي يقوله المُسلم في بداية صلاته ليفتتحها به، أي أنه بمثابة مُقدمة الصلاة، والتي تُقال بعد أن ينوي أداء الصلاة، وهو ما جاءت حُجته في رواية عبدة بن أبي لبابة يقول:

“أنَّ عُمَرَ بنَ الخَطَّابِ كانَ يَجْهَرُ بهَؤُلَاءِ الكَلِمَاتِ يقولُ: سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وبِحَمْدِكَ، تَبَارَكَ اسْمُكَ، وتَعَالَى جَدُّكَ، ولَا إلَهَ غَيْرُكَ. وَعَنْ قَتَادَةَ أنَّه كَتَبَ إلَيْهِ يُخْبِرُهُ عن أنَسِ بنِ مَالِكٍ، أنَّه حَدَّثَهُ قالَ: صَلَّيْتُ خَلَفَ النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ وأَبِي بَكْرٍ، وعُمَرَ، وعُثْمَانَ، فَكَانُوا يَسْتَفْتِحُونَ بـ{الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ العَالَمِينَ}، لا يَذْكُرُونَ: {بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} في أوَّلِ قِرَاءَةٍ ولَا في آخِرِهَا” صحيح مُسلم.

في بعض الأحيان قد نردد الأدعية دون التطرق إلى ما تحمله من المعاني العميقة، وهو ما لا يُشعر المُسلم بعظمة الله وجلال سلطانه، لذا من الأفضل أن نتعرف على معنى كل جزء في دعاء الاستفتاح سبحانك اللهم وبحمدك وتبارك اسمك.

  • سبحانك اللهم وبحمدك: قد تُشير إلى أن تنزيه الله مقرونًا بحمده، أو وبحمدك سبحتك ووُفِقت لذلك، وهناك من قال إن المقصود تقديم التسبيح على التحميد، حيث يُشير التسبيح إلى تنزيه الله عن النقائص، بينما الحمد هو ثناء بصفات الكمال لله، وعادةً ما تكون التخلية مقدمة على التحلية.
  • وتبارك اسمك: هي إشارة إلى البركة التي تملأ اسم الله سبحانه وتعالى، وأنه قد بلغ النهاية في البركة.
  • وتعالى جدك: الجملة فيها إشارة إلى عظمة الله، والمقصود بجدك أي عظمتك.
  • لا إله غيرك: أي لا أحد يستحق العبادة الحق سواك.

جدير بالمعرفة أن هذا الدعاء قد ورد في السنن الأربعة من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، لكن دون ذكر الجهر به، أما عمر -رضي الله عنه- فقد جهر به ليعلم الرجال من خلفه أن من قام للصلاة عليه قول هذا الدعاء.

اقرأ أيضًا: معنى سبحان الله في اللغة

حُكم قول دعاء الاستفتاح قبل الصلاة

يتساءل الكثيرون ماذا إن لم يقولوا دعاء سبحانك اللهم وبحمدك وتبارك اسمك قبل بدء الصلاة.. أهو ذنبٌ يحملونه أم لا يعاقبون على تركه؟! لذا جدير بالمعرفة أن دعاء الاستفتاح ما هو إلا سُنة مأخوذة عن النبيّ صلى الله عليه وسلم، أي أنه ليس بواجب على المسلم.

بحيث تتم الصلاة وتكون صحيحة بدونه، لكنّ ذلك لا ينكر حقيقة الفضل الكبير الذي يحصل عليه المُسلم إذا قاله، ولن يخسر أو يتعطل في شيء، فهو دعاء قصير ومُختصر وذو فضل عظيم.

حيث يجوز الاقتداء بكل ما أُخِذ عن النبي صلى الله عليه وسلم، والأفضل إذا حفظ المؤمن سننه، وأتى بشيء منها، وكلما كان أكثر التزامًا بالسُنة، زادت منزلته عند ربه، ومنحه الأجر العظيم في كلا الدارين، الدُنيا والآخرة.

اقرأ أيضًا: أدعية الثناء على الله

أدعية الاستفتاح قبل الصلاة

سبحانك اللهم وبحمدك وتبارك اسمك ليس الدعاء الوحيد الذي نُقِل عن النبيّ صلى الله عليه وسلم، وإنما هناك العديد من أدعية الاستفتاح التي يُمكن الاستعانة بها قبل بدء الصلاة، لإقامتها على أفضل نحو مُمكن دون انتقاص أيًا من أوجهها.

  • رواه أبو هريرة رضي الله عنه: كانَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَسْكُتُ بيْنَ التَّكْبِيرِ وبيْنَ القِرَاءَةِ إسْكَاتَةً – قالَ أَحْسِبُهُ قالَ: هُنَيَّةً – فَقُلتُ: بأَبِي وأُمِّي يا رَسولَ اللَّهِ، إسْكَاتُكَ بيْنَ التَّكْبِيرِ والقِرَاءَةِ ما تَقُولُ؟ قالَ: أَقُولُ: اللَّهُمَّ بَاعِدْ بَيْنِي وبيْنَ خَطَايَايَ، كما بَاعَدْتَ بيْنَ المَشْرِقِ والمَغْرِبِ، اللَّهُمَّ نَقِّنِي مِنَ الخَطَايَا كما يُنَقَّى الثَّوْبُ الأبْيَضُ مِنَ الدَّنَسِ، اللَّهُمَّ اغْسِلْ خَطَايَايَ بالمَاءِ والثَّلْجِ والبَرَدِ” صحيح البخاري.
  • أنس بن مالك رضي الله عنه: أنَّ رَجُلًا جَاءَ فَدَخَلَ الصَّفَّ وَقَدْ حَفَزَهُ النَّفَسُ، فَقالَ: الحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا كَثِيرًا طَيِّبًا مُبَارَكًا فِيهِ، فَلَمَّا قَضَى رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ صَلَاتَهُ قالَ: أَيُّكُمُ المُتَكَلِّمُ بالكَلِمَاتِ؟ فأرَمَّ القَوْمُ، فَقالَ: أَيُّكُمُ المُتَكَلِّمُ بهَا؟ فإنَّه لَمْ يَقُلْ بَأْسًا فَقالَ رَجُلٌ: جِئْتُ وَقَدْ حَفَزَنِي النَّفَسُ فَقُلتُهَا، فَقالَ: لقَدْ رَأَيْتُ اثْنَيْ عَشَرَ مَلَكًا يَبْتَدِرُونَهَا، أَيُّهُمْ يَرْفَعُهَا” صحيح مسلم.
  • عبد الله بن عمر رضي الله عنه: بيْنَما نَحْنُ نُصَلِّي مع رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ إذْ قالَ رَجُلٌ مِنَ القَوْمِ: اللَّهُ أَكْبَرُ كَبِيرًا، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ كَثِيرًا، وَسُبْحَانَ اللهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا، فَقالَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ: مِنَ القَائِلُ كَلِمَةَ كَذَا وَكَذَا؟ قالَ رَجُلٌ مَنِ القَوْمِ: أَنَا، يا رَسولَ اللهِ، قالَ: عَجِبْتُ لَهَا، فُتِحَتْ لَهَا أَبْوَابُ السَّمَاءِ قالَ ابنُ عُمَرَ: فَما تَرَكْتُهُنَّ مُنْذُ سَمِعْتُ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ يقولُ ذلكَ” صحيح مسلم.
  • عائشة أم المؤمنين: عنْ أَبي سَلَمَةَ بنِ عبدِ الرَّحْمَنِ بنِ عَوْفٍ، قالَ: سَأَلْتُ عَائِشَةَ أُمَّ المُؤْمِنِينَ: بأَيِّ شَيءٍ كانَ نَبِيُّ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ يَفْتَتِحُ صَلَاتَهُ إذَا قَامَ مِنَ اللَّيْلِ؟ قالَتْ: كانَ إذَا قَامَ مِنَ اللَّيْلِ افْتَتَحَ صَلَاتَهُ: اللَّهُمَّ رَبَّ جِبْرَائِيلَ، وَمِيكَائِيلَ، وإسْرَافِيلَ، فَاطِرَ السَّمَوَاتِ وَالأرْضِ، عَالِمَ الغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ، أَنْتَ تَحْكُمُ بيْنَ عِبَادِكَ فِيما كَانُوا فيه يَخْتَلِفُونَ، اهْدِنِي لِما اخْتُلِفَ فيه مِنَ الحَقِّ بإذْنِكَ؛ إنَّكَ تَهْدِي مَن تَشَاءُ إلى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ” صحيح مُسلم.
  • عبد الله بن عباس: “اللَّهمَّ لَكَ الحمدُ أنتَ ربُّ السَّمواتِ والأرضِ ومن فيهنَّ، ولَكَ الحمدُ أنتَ قيُّومُ السَّمواتِ والأرضِ ومن فيهنَّ، ولَكَ الحمدُ أنتَ نور السَّمواتِ والأرضِ ومن فيهنَّ ، أنتَ الحقُّ، وقولُكَ الحقُّ، ووعدك حقٌّ، والجنَّةُ حقٌّ، والنَّارُ حقٌّ، والنَّبيُّونَ حقٌّ، ومحمَّدٌ حقٌّ، اللَّهمَّ لَكَ أسلمتُ، وبِكَ آمنتُ، وعليْكَ توَكَّلتُ، وإليْكَ أنَبتُ، وبِكَ خاصَمتُ، وإليْكَ حاكمتُ، فاغفِر لي ما قدَّمتُ وما أخَّرتُ، وما أسررتُ وما أعلَنتُ، أنتَ إلَهي لاَ إلَهَ إلَّا أنتَ” صحيح البخاري.
  • علي بن أبي طالب رضي الله عنه: عن رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، أنَّهُ كانَ إذَا قَامَ إلى الصَّلَاةِ، قالَ: وَجَّهْتُ وَجْهي لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَوَاتِ وَالأرْضَ حَنِيفًا، وَما أَنَا مِنَ المُشْرِكِينَ، إنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي، وَمَحْيَايَ وَمَمَاتي لِلَّهِ رَبِّ العَالَمِينَ، لا شَرِيكَ له، وَبِذلكَ أُمِرْتُ وَأَنَا مِنَ المُسْلِمِينَ، اللَّهُمَّ أَنْتَ المَلِكُ لا إلَهَ إلَّا أَنْتَ، أَنْتَ رَبِّي وَأَنَا عَبْدُكَ، ظَلَمْتُ نَفْسِي، وَاعْتَرَفْتُ بذَنْبِي، فَاغْفِرْ لي ذُنُوبِي جَمِيعًا، إنَّه لا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إلَّا أَنْتَ، وَاهْدِنِي لأَحْسَنِ الأخْلَاقِ، لا يَهْدِي لأَحْسَنِهَا إلَّا أَنْتَ، وَاصْرِفْ عَنِّي سَيِّئَهَا، لا يَصْرِفُ عَنِّي سَيِّئَهَا إلَّا أَنْتَ، لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ، وَالْخَيْرُ كُلُّهُ في يَدَيْكَ، وَالشَّرُّ ليسَ إلَيْكَ، أَنَا بكَ وإلَيْكَ، تَبَارَكْتَ وَتَعَالَيْتَ، أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتُوبُ إلَيْكَصحيح مسلم.

في الحديث الأخير نجد اختلاف على قول “وأنا من المسلمين” فقد وردت في حديث آخر “وأنا أول المسلمين”، لكن اتفق أهل العلم على أن الأنسب قول “وأنا من المسلمين” لأن أول المسلمين هو سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، أما الجميع فمن من المسلمون.

التوقيت المناسب لدعاء الاستفتاح

سواء كان دعاء الاستفتاح الذي يستعين به المُسلم سبحانك اللهم وبحمدك وتبارك اسمك أو أي دعاء بصيغة أخرى مأخوذة عن النبيّ وموثوق في صحتها فإن هناك وقت معين يجب أن يُقال فيه، وهو التوقيت ما بعد تكبيرة الإحرام مباشرةً، وقبل قراءة سورة الفاتحة.

حيث جاء ابن باز رحمة الله عليه يقول: “والاستفتاح أن يقول بعد التكبيرة الأولى: “سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جدك، ولا إله غيرك” هذا يُسمى الاستفتاح بعد التكبيرة الأولى؛ تكبيرة الإحرام، وإن استفتح بغير هذا مما صحّ عن النبي -صلّى الله عليه وسلّم- فهو حسن”.

أيضًا قال الشيخ سلمان العودة إن المُسلم يقرأ دعاء الاستفتاح أولًا، ثم يستعيذ بالله من الشيطان الرجيم، ويُتم البسملة ثم يقرأ الفاتحة، وبعد ذلك ما تيّسر له من القرآن الكريم، وقيل أيضًا إن الدعاء يُقال بعد وضع المسلم كف يده اليُمنى على ظهر يده اليُسرى.

أما جمهور المالكيّة أجمعوا على أن التوقيت المناسب لدعاء الاستفتاح يكون قبل التكبير والدخول في الصلاة.

اقرأ أيضًا: فضل ليلة الجمعة في استجابة الدعاء

فضائل قول دعاء الاستفتاح

لم يأمرنا الله أو نقل لنا نبيه شيئًا إلا وكان فيه الخير والنفع لنا، فنجد أن قول دعاء سبحانك اللهم وبحمدك وتبارك اسمك قبل بدء الصلاة له العديد من الفضائل.

  • دعاء الاستفتاح يعتبر تمهيد لتقديم النفس لتكون بين يدي الله عز وجل.
  • يُزيد الدعاء تركيز المُصلي ويطرد الشياطين من حوله، فيعينه على عدم السرحان بكثرة.
  • بين صيغ الدعاء نجد أحدها يضم اعتراف بالخطايا والذنوب، وهو ما يساعد على إزالة الكِبر من النفس.
  • إتمام عبادة الله من خلال إظهار الذل والضعف إلى الله والخضوع بين يديه عز وجل، وذلك عندما يظل يناجيه ويطلب منه التخليص من الذنوب.

الصلاة هي عماد الدين، لذا يجب أدائها على أكمل وجه دون التقصير في أي فعل يخصها، ومن ضمنها دعاء الاستفتاح سبحانك اللهم وبحمدك وتبارك اسمك.