حكم التصوير في الإسلام اختلف فيه العلماء، فمنهم من أجازه ومنهم من حرمه، وكل هذه الآراء تتباين باختلاف نوع وسبب التصوير، وجاء ذكر أحكامه وموقف الشريعة الإسلامية منه في أحاديث نبوية وهو ما يُبينه تفصيليًا موقع سوبر بابا.

حكم التصوير في الإسلام  

نبه الإسلام كثيرًا على مسألة التصوير، واختلف العلماء في حكم التصوير في الإسلام منهم من قال إن التصوير محرم لأنه جاء بالتحريم في السنة النبوية، فلا يجوز إلا للضرورة القصوى أو الحاجة الشديدة له لما جاء في قوله تعالى {وَقَدْ فَصَّلَ لَكُم مَّا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ ۗ وَإِنَّ كَثِيرًا لَّيُضِلُّونَ بِأَهْوَائِهِم بِغَيْرِ عِلْمٍ ۗ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِالْمُعْتَدِينَ} (الأنعام:١١٩).

قال بعض العلماء بأنه ليس التصوير المعني في السنة النبوية بما أنه ليس فيه مشابهة بخلق الله -عز وجل- وهذا القول الأقرب لحكم التصوير في الإسلام.

يشمل التحريم أيضًا لصنع التماثيل ونحتها سواء كانت التماثيل لإنسان أو حيوان فكل ماله ظل أو يُخلق أو يتنفس فهو محرم، اختلف العلماء في حكمه لوقوعه في محل شبهة ويتوجب تجنب الشبهات فقد روى البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (إنَّ الحلالَ بيِّنٌ وإنَّ الحرامَ بيِّنٌ وبينهما أمورٌ مُشتبِهاتٌ لا يعلمهنَّ كثيرٌ من الناس فمنِ اتَّقى الشُّبُهاتِ استبرأ لدِينِه وعِرضِه، ومن وقع في الشُّبهاتِ وقع في الحرامِ كالراعي يرعى حول الحِمى يوشكُ أن يرتعَ فيه).

اقرأ أيضًا: مفهوم العمل وحكمه الشرعي

حكم الرسم والنحت في الإسلام

إذا كان التصوير باليد والرسومات كاملة لذوات الأرواح كالرسم أو النحت فهي محرمة تحريم ثابت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (كلُّ مُصورٍ في النارِ، يُجعلُ له بكلِّ صورةٍ صوَّرها نفسٌ يُعذَّبُ بها في جهنمَ).

التصوير بلا رسم أو نحت

لكن من صنع يد المسلم وكان بالتصوير ونقل صورة الكائن الحي دون التدخل وإضافة أي تعديلات، ولم تكن هذه الخاصية موجودة في زمن النبي -صلى الله عليه وسلم- أو زمن السلف الصالح والصحابة.

لذلك فقد اختلف فيه العلماء منهم من حرمه واستدلوا بحديث الرسول -صلى اله عليه وسلم- عندما قال (قَدِمَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مِن سَفَرٍ، وقدْ سَتَرْتُ بقِرَامٍ لي علَى سَهْوَةٍ لي فِيهَا تَمَاثِيلُ، فَلَمَّا رَآهُ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ هَتَكَهُ وقالَ: أشَدُّ النَّاسِ عَذَابًا يَومَ القِيَامَةِ الَّذِينَ يُضَاهُونَ بخَلْقِ اللَّهِ قالَتْ: فَجَعَلْنَاهُ وِسَادَةً أوْ وِسَادَتَيْنِ).

منهم من أحله لأن التصوير ليس به أي عمل يشابه خلق الله والصورة طبعت بما خلق الله عليه الانسان.

اقرأ أيضًا:  معلومات دينية إسلامية مفيدة عامة

موقف الإسلام من التصوير

لم يرد في القرآن الكريم شيء بشأن التصوير، ولكن المتفق عليه بين علماء الإسلام أن السنة النبوية هي المصدر الثاني للتشريع وشأنها شأن القرآن الكريم في أمور التحليل والتحريم ومنها حكم التصوير في الإسلام  ودلالة ذلك ما جاء في قوله تعالى {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا} (الحشر:٧).

إذا ما رجعنا إلى السنة النبوية وأحاديث الرسول -صلى الله عليه وسلم- نجد مجموعة كبيرة من الأحاديث التي توضح موقف الإسلام من التصوير والصور.

  • عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- (أتاني جبريلُ عليهِ السلامُ فقال لي: أتيتُك البارحةَ فلم يمنعني أن أكونَ دخلتُ إلا أنَّهُ كان على البابِ تماثيلُ. وكان في البيتِ قرامُ سترٍ فيه تماثيلُ، وكان في البيتِ كلبٌ، فمُرْ برأسِ التمثالِ الذي في البيتِ يُقطعُ، فيصيرُ كهيئةِ الشجرةِ، ومُرْ بالسترِ فليُقطعْ، فليُجعلْ منه وسادتيْنِ منبوذتيْنِ تُوطآنِ، ومُرْ بالكلبِ فليُخرجْ. ففعل رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليْهِ وسلَّمَ، وإذا الكلبُ لحسنٍ – أو حسينٍ – كان تحتَ نضدٍ لهم، فأمرَ به فأُخْرِجَ).
  • عن سعيد بن أبي الحسن قال كنت عند ابن عباس –رضي الله عنهما- إذا أتاه رجل فقال (يا ابنَ عباسٍ إني رجلٌ إنَّما معيشتي من صنعةِ يَدِي وإني أصنعُ هذه التصاويرَ قال : فإني لا أُحدِّثُكَ إلا بما سمعتُ من رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ يقول : من صَوَّرَ صورةً فإنَّ اللهَ عزَّ وجلَّ مُعَذِّبُه يومَ القيامةِ حتى يَنفخَ فيها الروحَ وليس بنافخٍ فيها أبدًا قال : فَرَبَا لها الرجلُ رَبْوَةً شديدةً فاصفرَّ وجهُه فقال له ابنُ عباسٍ : وَيْحَكَ إن أَبِيتَ إلا أن تصنعَ فعليك بهذا الشجرِ وكلِّ شيٍء ليس فيه روحٌ).
  • عن أبي زرعة قال: ذهبت مع أبي هريرة إلى دار مروان، فرأى فيها تصاوير فقال سمعت الرسول -صلى الله عليه وسلم- يقول: (قالَ اللَّهُ عزَّ وجلَّ: ومَن أظْلَمُ مِمَّنْ ذَهَبَ يَخْلُقُ كَخَلْقِي، فَلْيَخْلُقُوا ذَرَّةً أوْ لِيَخْلُقُوا حَبَّةً أوْ شَعِيرَةً).
  • قالت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها: (كانَ لَنَا سِتْرٌ فيه تِمْثَالُ طَائِرٍ، وَكانَ الدَّاخِلُ إذَا دَخَلَ اسْتَقْبَلَهُ، فَقالَ لي رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ: حَوِّلِي هذا؛ فإنِّي كُلَّما دَخَلْتُ فَرَأَيْتُهُ ذَكَرْتُ الدُّنْيَا، قالَتْ: وَكَانَتْ لَنَا قَطِيفَةٌ كُنَّا نَقُولُ: عَلَمُهَا حَرِيرٌ، فَكُنَّا نَلْبَسُهَا. وفي روايةٍ زيادةُ: فَلَمْ يَأْمُرْنَا رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ بقَطْعِهِ).
  • عن عبدالله بن مسعود -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (أشدُّ النَّاسِ عذابًا يومَ القيامةِ، المصوِّرونَ).

آراء علماء الإسلام في حكم التصوير

اختلفت آراء العلماء في تحديد حكم التصوير في الإسلام ومعنى التصوير، وقد ذهبوا إلى عدة أقوال نبينها فيما يلي:

1- تحريم التصوير لكونه كالتماثيل

ذهب البعض منهم إلى أنّ المقصود بالتصوير؛ هو صناعة التماثيل، وصناعة التماثيل محرمة حسب الشريعة الإسلامية، فالله تعالى هو المنفرد بخلق البشر وتصوير خلقهم وجعلهم في أحسن هيئة وصورة، قال تعالى: {وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ} وبناءً عليه فإن التصوير محرم لأنّ فيه مطابقة لخلق الله -سبحانه وتعالى- وفيه تشبّهًا بالكفار، وهذا يوقع المسلم في الشرك.

2- التصوير للفائدة

ذهب بعض العلماء إلى أنّ التصوير يختلف باختلاف حالة الصور، حيث يؤكدون تحريم التصوير إذا كان فيها فساد أو إثارة للغرائز، أو فتنة وإغراء فهذا الأمور محرّمة.

كل ما يؤدي إلى حرام فهو حرام، فعلى الإنسان أن يتحلى بالورع ويترك التصوير قال الرسول صلى الله عليه وسلّم: (دعْ ما يُريبُكَ إلى ما لا يُريبُكَ).

التحليل الذي اجتمع عليه هذه الفئة من العلماء هو في حال اتخاذ الصور لأغراض التعليم، مثل: تعليم الأطفال والأمور الطبية، فهي حلال.

فأكدوا إيجاز التصوير بأنواعه للتعليم، على ذلك أنّ الصحابة -رضي الله عنهم- كانوا يصنعون الألعاب التي تتمثل في الدمى لأطفالهم في فترة الصيام كي ينشغلوا باللعب بها عن الشعور بالجوع والعطش.

كما أنّ السيدة عائشة -رضي الله عنها- كان عندها بعض الألعاب والدمى في حضور الرسول صلّى الله عليه وسلّم، دلالة ذلك الحديث الذي جاء عن أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- قالت: (كُنْتُ ألْعَبُ بالبَنَاتِ عِنْدَ النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وكانَ لي صَوَاحِبُ يَلْعَبْنَ مَعِي، فَكانَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إذَا دَخَلَ يَتَقَمَّعْنَ منه، فيُسَرِّبُهُنَّ إلَيَّ فَيَلْعَبْنَ مَعِي).

3- التصوير كفن

ذهب رأي مجموعة أخرى من العلماء إلى أنّ المقصود من التصوير؛ هو الفنون التشكيلية والرسوم  يختلف فيها الحكم باختلاف نوعها، فإن كانت الرسومات ذوات أرواحٍ فالتصوير هنا محرّم ومن الكبائر، لأنه يكون وسيلةً للشرك، مثل قوم نوح -عليه السلام-  الذين اتخذوا تصاوير الرجال الصالحين للدعاء لهم، وهذا أوقعهم في الشرك بالله، وعبادة تلك التصاوير.

حكم التصوير المعاصر

على الرغم من إباحة العلماء التصوير المُعاصر، إلا أنهم وضعوا شروطًا واضحة لذلك تكمن في عدم الوقوع في المحرمات وفقًا لما أجمعوا عليه وأوضحوا تفسير المقصود من التصوير، وفيه حكم التصوير في الإسلام ولكن بأحكام واضحة.

  • ألا تُضيف الصورة شيئًا على هيئة وشكل الإنسان كأنها مرآة تعكس صورة الإنسان الحقيقة .
  • ‏ الصورة الفوتوغرافية مجرد توثيق لبعض اللحظات السعيدة والهامة وليست من صنع الإنسان وبذلك لا تقع في أمر الشرك بالله عز وجل.
  • إباحة التصوير المعاصر قد يساعد في نشر العلم بشكل أكبر.
  • يجوز التصوير الفوتوغرافي وتصوير الفيديو عند الحاجة والضرورة؛ لأن هذا التصوير يعد بمثابة توثيق أو احتفاظ ببعض الأمور التي يرغب الإنسان في الرجوع إليها لاحقًا وليس فيها مضاهاةٌ لخلق الله عز وجل.
  • ‏يشترط فيه عدم وجود أيّ أمرٍ من الأمور المحرّمة في التصوير، مثل: صور النساء كاشفات العورة أو الإغراء أو الفساد.

اقرأ أيضًا: معلومات عن علامات عدم رضا الله عن العبد

حكم تصوير الميت والمقابر

المسلم له حرمةٌ سواء كان ميتًا أو حيًا، والاعتداء على الميت كالاعتداء على الحي، لما جاء فيما روته أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- أنّ النبي قال: (كَسْرُ عظمِ الميِّتِ كَكسرِه حيًّا) فتصوير الميت له محاذير شرعية كثيرة.

  • تصوير الميت قد يفضي إلى ذكره بسوءٍ.
  • إذا كان تصوير الميت داخل القبر فيعد هذا تجسس ونظر غير مقبول على حال الأموات.
  • تصوير الميت يلحق الأذى بالأحياء.
  • فيه تصوير الميت كشف لعورته وإن كان ميتًا فقد حُرم كشف الرجل على الرجل ولا المرأة على المرأة كما ورد النهي في حديث الرسول -عليه الصلاة والسلام- عن ذكر ما يظهر من جسد الميت فقال (لاَ ينظرُ الرَّجلُ إلى عورةِ الرَّجلِ ولاَ تنظرُ المرأةُ إلى عورةِ المرأةِ ولاَ يفضى الرَّجلُ إلى الرَّجلِ في الثَّوبِ الواحدِ ولاَ تفضي المرأةُ إلى المرأةِ في الثَّوبِ الواحدِ).
  • لا يجوز تصوير الأجسام في المقابر.
  • الأفضل أن تصور المقابر وهي خالية حتى لا تحدث فتنة بتعظيم أصحابها من الموتى.
  • سئل الشيخ البرّاك – رحمه الله- عن تصوير القبور فأجاب قائلًا: “أنها نوعٌ من أنواع العبث التي لا فائدة منها، وقد حمل الناس على هذا الأمر افتتانهم بالتصوير، وقد يتطور أمرهم حتى يصّوروا الميّت أو مُشيعيه”.

حكم التصوير ما بين التحريم والإيجاز يكون بشروط معينة قد أتاحها بعض العلماء، فالتصوير والرسم بشكل عام محرم إذا جاء مضاهيًا لخلق الله سبحانه وتعالى.