ما هو حكم الاحتلام في الصيام بالتفصيل؟ وما الواجب على الصائم فعله؟ وما الآثار المترتبة عليه؟ لمّا كان صوم رمضان أحد أركان الإسلام، كان الحرص على إتيانه على الوجه الصحيح من المسلم كثير، لذا يرغب في معرفة كافة الأحكام المتعلقة به حتى لا يشوبه شائبة تُفسد عليه صيامه، ومن ذلك الاحتلام، ونبين حكمه بالتفصيل من خلال موقع سوبر بابا.

حكم الاحتلام في الصيام بالتفصيل

الاحتلام هو نزول المني أثناء النوم، ويترتب عليه بعض الآثار المتعلقة بالعبادات، ولذلك يُرد كثيرًا السؤال عن حكم الاحتلام في الصيام بالتفصيل، من أجل معرفة هل يؤثر في الصوم أم لا.

فالاحتلام في الصيام لا يبطله، ويجب على الإنسان أن يكمل صومه ولا يقطعه، ولا فرق في ذلك بين ما إذا كان الصوم فرضًا أم سنة؛ لأن هذا لا دخل للمرء فيه، لكنه لا تصح الصلاة به.

لذا فيجب على المسلم إذا احتلم أثناء الصيام أن يغتسل ويتطهر، ويكمل صومه وصلاته، والدليل على حكم الاحتلام في الصيام ما يلي:

  • قول الله -عز وجل- في سورة الأحزاب: وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُم بِهِ وَلَكِن مَّا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ…5″
  • قال تعالى في سورة البقرة: لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا…286″
  • ما رواه عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: رُفِعَ القلمُ عن ثلاثةٍ: عنِ النَّائمِ حتَّى يستيقظَ، وعنِ الصَّبيِّ حتَّى يحتلمَ، وعنِ المجنونِ حتَّى يعقلَ.”
  • قول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه أبو سعيد الخدري رضي الله عنه أنه قال: ثلاثٌ لا يفطِّرنَ الصَّائمَ الحجامةُ والاحتلامُ والقيء.
  • أنه لا قدرة للمرء على اجتنابه، إذ هو أمر يحدث أثناء نومه.
  • أن التحرز منه فيه مشقة وحرج كبير على المكلف.
  • لأن نزول المني على الصائم لم يكن بشهوة أو إرادة حقيقية منه.
  • كما جاء في الموسوعة الفقهية: إذا كانت الجنابة بالإنزال بغير جماع في نهار رمضان. فإن كان عن احتلام فلا يفسد الصوم بالإجماع.”

أمّا لو احتلم الصائم ولم يعلم بنزول المني أصلًا فليس عليه الاغتسال وصيامه صحيح، والدليل على ذلك قول النبي -صلى الله عليه وسلم- حينما سُئل عن ذلك: “هل على المرأة غسل إذا هي احتلمت؟ فقال: نعم، إذا رأت الماء.” فهذا يدل على أنها لو لم تر شيئًا فليس عليها شيء.

اقرأ أيضًا: كيفية الاغتسال من الاحتلام في رمضان

الآثار المترتبة على الاحتلام في الصيام

وقع خلاف بين الفقهاء حول من استيقظ وقد شاركه غيره في فراشه فوجد بللًا فلم يدر على من يجب الغسل، نبينها استكمالًا لبيان حكم الاحتلام في الصيام بالتفصيل.

  • القول الأول: أنه يستحب الغسل لكلاهما، لوجود الشك في نزول المني.
  • القول الثاني: ذكر بعض الفقهاء أنه يجب الغسل على كلاهما؛ لم يفرقوا بين ما إذا كانا متزوجين أم لا.
  • قول المالكية: أنه يجب الغسل على الزوج إن كانا متزوجين؛ ذلك أن خروج المني يحدث منه في الغالب، أما إن كانا غير متزوجين، فيجب الغسل على كلٍ منهما.

كما وقع خلاف بين الفقهاء حول من استيقظ من نومه فوجد بللًا إلا أنه قد شك في كونه منيًا أم لا، بيانه كالتالي:

  • جمهور الفقهاء: ذهبوا على القول بوجوب الغسل في تلك الحالة، واشترط بعضهم أن يكون الشك بين المني والمذي أو الودي، أي يشك في أمرين يكون المني من بينهما.
  • الشافعية: قالوا إن العبد بالخيار بين جعل هذا البلل منيًا ويجب عليه الغسل، أو جعله أي أمر آخر يشك به المرء، ثم يترتب على هذا الاختيار الحكم في الاغتسال وعدمه.

اقرأ أيضًا: كيفية الاغتسال من الجنابة للنساء والرجال

معنى الاحتلام وحكمه

الاحتلام هو أن يرى النائم كأنه يباشر أو يجامع فينزل عليه المني أثناء النوم، فإذا استيقظ المرء ورأى نزول الماء.

قال الفقهاء في تعريفه أنه: ما يراه النائم من المباشرة، أو غيرها، ويُؤدّي إلى نزول المَني غالباً، ويكون من الرجل أو المرأة على حَدٍّ سواءٍ.

فهذا يوجب الغسل من أجل القيام ببعض العبادات المتوقفة على الطهارة كالصلاة، ومس المصحف وقراءة القرآن، والطواف، ودخول المسجد، وفي حالة لم ير شيئًا فلا شيء عليه.

يستدل عليه بأحاديث النبي -صلى الله عليه وسلم- الواردة فيه، حيث كان كثير من الصحابة يسألون النبي عن الاحتلام وكيفية التعامل معه.

قد روت أم سلمة رضي الله عنها عن الرسول -صلى الله عليه وسلم-: أنَّ امرأةً قالت: يا رسولَ اللَّهِ! إنَّ اللَّهِ لا يستَحي مِنَ الحقِّ، هل على المرأةِ غُسلٌ إذا هيَ احتَلَمت؟ قالَ: نعَم إذا رأَتِ الماءَ فضحِكَت أمُّ سلمةَ، فقالت: أتَحتَلِمُ المرأةُ؟ فقالَ رسولُ اللَّهِ: ففيمَ يشبِهُها الولَدُ.”

اقرأ أيضًا: هل الاحتلام كل يوم طبيعي

كيفية الاغتسال من الاحتلام

خروج المني يوجب الغسل، وقد بين النبي -صلى الله عليه وسلم- كيفية الاغتسال من الجنابة وللجنابة صفتين:

أولًا: الاغتسال بالصورة الكاملة

يشرع المسلم في تلك الكيفية على الترتيب، وهي:

  1. أن يبدأ المرء بتسمية الله تعالى، بقول بسم الله.
  2. استحضار النية، بأن ينوي الاغتسال من الجنابة، أو لإباحة العبادات التي لا تصح إلا بالطهارة.
  3. غسل اليد على الرسغين ثلاثًا، ثم غسل الفرج وطهارته مما حلّ به.
  4. الوضوء كالوضوء للصلاة.
  5. تخليل الشعر واللحية بالماء، عن طريق استخدام الأصابع العشر.
  6. أن يملأ يده بالماء ويضع على الرأس ثلاث حثيات؛ من أجل التأكد من وصول الماء.
  7. تعميم كافة الجسد بالماء، وتمرير اليدين على جميع جسده من أجل التأكد من وصول الماء لكافة الجسد.
  8. غسل القدمين بعد ترك موضع ماء الغسل.

الدليل على تلك الكيفية فعل النبي صلى الله عليه وسلم، حيث جاء في الحديث عن السيدة عائشة رضي الله عنها أنها قالت:

كانَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إذَا اغْتَسَلَ مِنَ الجَنَابَةِ، غَسَلَ يَدَيْهِ، وتَوَضَّأَ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ، ثُمَّ اغْتَسَلَ، ثُمَّ يُخَلِّلُ بيَدِهِ شَعَرَهُ، حتَّى إذَا ظَنَّ أنَّه قدْ أرْوَى بَشَرَتَهُ، أفَاضَ عليه المَاءَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ غَسَلَ سَائِرَ جَسَدِهِ.

ثانيًا: الاغتسال بصورة جزئية

هو الاغتسال الذي إذا فعله المسلم أجزأه، وصحّ به فعل العبادات المتوقفة عليه.

  1. أن ينوي المسلم أنه يغتسل للطهارة من الحدث أو لاستباحة العبادات.
  2. يعمم الماء على جميع بشرته الظاهرة، وما عليها.
  3. وصول الماء إلى جميع جسده.

يحدث للمسلم الكثير من الأمور أثناء أدائه للعبادات، والواجب عليه التحري عن كل أمر يشك فيه أو يجهله؛ حتى يؤدي العبادات على الوجه الصحيح، وبالصورة التي ترضي الله عز وجل.