ما هو موقف حاتم الطائي مع الرسول؟ وهل اعتنق الدين الإسلامي؟ وكيف كانت حياته؟ ذلك أنه قد ورد العديد من الروايات التي تحدثت عن حاتم الطائي والرسول صلى الله عليه وسلم، ويمكن معرفة ذلك من خلال موقع سوبر بابا.

حاتم الطائي والرسول

إن حاتم الطائي شاعر معروف بين العرب بسخائه وكرمه وكان من معتنقي المسيحية، إلا أنه لم يدرك الإسلام، بينما أبناءه وهم عدي، وسفانة قد أدركوا الإسلام، وأسلموا، ولذلك حدث عنه أبناءه لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وعن كرمه وجوده وسخائه الذي اشتهر بهم، لعل هذا يشفع له.

لذلك قد ورد العديد من الروايات التي وقعت بين أبناء حاتم الطائي والرسول، والتي لا تجتمع كلها على درجة من الصحة، وإنما يوجد منها الروايات الحسنة، ومنها الضعيفة، ومنها الموضوعة بغير حق عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ومنها ما يلي:

  • ما رواه عدي بن حاتم الطائي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: قلتُ: يا رسولَ اللهِ، إنَّ أبي كان يَصِلُ الرَّحِمَ، ويُقري الضَّيفَ، ويَفعَلُ كذا، قال: إنَّ أباكَ أرادَ شيئًا فأدرَكَه“.. هذا الحديث أخرجه أحمد، وابن حبان، والطيالسي، وقال شعيب الأرناؤوط: “حديث حسن”.
  • ما رواه سهل بن سعد الساعدي: ” أن عدي بن حاتم الطائي أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ” يا رسول الله إن أبي كان يصل القرابة ويحمل الكلَّ ويطعم الطعام، قال: هل أدرك الإسلام؟ قال: لا، قال: إن أباك كان يُحبُّ أن يُذكر.“.. قد ورد أن هذا الحديث ضعيف، وإنما يقويه ما قبله.
  • ما روي عن ابن عمر قال: ذُكر حاتم عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ” ذاك رجلٌ أراد أمراً فأدركه... هذا الحديث ضعيف، قد ضعفه أبو حاتم.

هذا ما ورد من روايات عن حاتم الطائي والرسول صلى الله عليه وسلم، ولم يكن هناك أي موقف يجمع حاتم الطائي والرسول، فقد مات قبل أن يدرك الإسلام، ولم يعاصر الرسول صلى الله عليه وسلم، بخلاف أولاده.

قد تحدث ابن كثير عن حاتم الطائي، وعن كل ما كان يفعله بين الناس، من كرم وسخاء وجود وعطاء، وأن هذا وإن كان ينفعه في الدنيا، فلابد من الإسلام، حتى ينتفع به في الآخرة.

فقال ابن كثير: وقد ذكرنا ترجمة حاتم طيء أيام الجاهلية عند ذكرنا من مات من أعيان المشهورين فيها وما كان يسديه حاتم إلى الناس من المكارم والإحسان، إلا أن نفع ذلك في الآخرة أي: (مشروط) بالإيمان، وهو ممن لم يقل يوماً من الدهر رب اغفر لي خطيئتي يوم الدين”.

اقرأ أيضًا: من هو أول فدائي في الاسلام

حياة حاتم الطائي

حاتم الطائي هو حاتم بن عبد الله بن سعد بن آل فاضل بن امرؤ القيس الطائي شاعر عربي من قبيلة طيء، عاش حياته في الجاهلية قبل الإسلام، عرف بكرمه وجوده وعطاءه وسخائه، حتى أن العرب كانت تضرب به المثل في الكرم، وتقول إنه أكرم العرب.

عرف عن حاتم أنه دومًا ما يوافق قوله فعله، فإذا سابق فاز، وإذا قاتل غلب، وإذا ركض أسرع، عرف كرمه وسخائه من والدته وكان له العديد من القصص التي تروي عن جوده وسخائه.

يروى أن زوجته كانت تحكي عن كرمه فقالت، إنه قد أصاب الناس سنة قحط، والجميع جياع، وأولاد حاتم يتضورون من الجوع، فأخبرها أن تعللهم حتى يناموا، ولما بقي الحاتم مع زوجته أخذ يحدثها حتى تنام ولا تشعر بهذا الجوع، وعندها أشفقت عليه، فإنه كان أشدهم جوعًا فتصنعت النوم حتى ينام حاتم كذلك.

في تلك الأثناء أقبلت امرأة على حاتم الطائي، وأخبرته أن أبناءها يتضورون من الجوع وينبحون كالكلاب من شدة الجوع، فقال لها حاتك والله لأشبعنك أنت وصغارها، فذهبت مسرعة لتحضر صغارها، فقامت زوجة حاتم فقالت له كيف تشبعها وصغارها وصغارك لم يناموا من شدة الجوع إلا بالتعليل.

فأخبر حاتم زوجته أنه سيشبع المرأة وصغارها ويشبع زوجته وصغاره، ثم أسرع نحو فرسه فذبحه، ثم أشعل نارًا وقال للمرأة قطعي واشبعي صغارك، ثم أيقظت زوجته أولاده وأكلوا وأكلت معهم.

فعندما وجد صغاره يأكلون قال كيف تأكلون والناس حالهم هكذا؟ فأتي كل البيوت بيتًا بيتًا، وأطعمهم جميعًا، فلم يبقى سوى العظم، وحاتم وهو أشدهم جوعًا لم يأكل من فرسه شيء.

اقرأ أيضًا: من هو سيد القراء

كرم حاتم الطائي

وردت العديد من القصص التي تروي كرم حاتم الطائي وسخائه وجوده، ويمكن أن نذكر منها ما يلي:

1- الكرم مع رسول قيصر الروم

يروى أن كرم حاتم وجوده كان قد وصل إلى قيصر الروم، فتعجب مما سمع، وأراد أن يختبر كرم حاتك وجوده بنفسه، وكان قد سمع أنه لحاتم فرسًا يحبه، فأرسل له أحد فرسانه ليطلب منه هذا الفرس، من أجل أن يرى هل سيعطيه إياه أم لا.

لما وصل الفارس إلى حاتم، أراد أن يضيفه لكنه لم يجد من الأغنام شيء ليضيفه به، فقام إلى فرسه فنحره، ثم حدثه الفارس عن طلب قيصر الروم، فقال له حاتم: ليتك أعلمتني، فقد نحرت الفرس لك”، فقال له الرسول: “والله لقد رأينا منك أكثر مما سمعنا”.

2- حاتم الطائي واليتيم

قد سئل حاتم الطائي يومًا هل هناك من هو أكرم منك؟ فأخبره الحاتم أن هناك غلام يتيم، هو أكرم من حاتم، فتعجب من ذلك فأخبره الحاتم أنه نزل عند غلام يتيم وكان لدية عشرة أغنام، فذبح أحدها وطبخها، وقدمها له، فأعجب حاتم الطائي كثيرًا بالدماغ واستحسنه.

فذهب الغلام فذبح شاة أخرى وطبخها وقدم لحاتم الدماغ، وحاتم ليس له دراية بما يصنع هذا الغلام، وعندما هم بالمغادرة، وجد تناثر دماء كثيرة، وعندما سأله أخبره أنه ذبح جميع الأغنام لما استطيب حاتم الدماغ، فقال حاتم هذا الفتى أسخى مني.

يذكر أن حاتم أعطى لهذا الغلام 300 رأس من الأبل، و500 من الغنم، نظيرًا لسخائه وكرمه، فاستنكروا عليه فعله وقال الناس إذا أنت أكرم منه، فقال حاتم إنني أعطيه بعض مما أملك، أما هو فقدم لي كل ما يملك، لذلك هو أكرم مني.

3- ما ورثته ابنته سفانة

يروى أن سفانة بن حاتم الطائي، ورثت الجود والكرم عن أبيها، فكانت تجود بكل ما تمل، ولا تدخر من المال شيئًا، فحدثها أبوها في يوم وقال لها، أنه لا يجوز هذا، وأن عليها أن تختار إما أن يمسك هو وتعطي هي الناس، أو تمسك هي ويعطي هو.

رفضت سفانة ذلك وقالت أنا ابنة حاتم الطائي أجود وأكرم الناس لا أمسك يدي عن سائل أبدًا، واقترحت عليه أن يفترقا، ويعيش كل منهم بعيدًا عن الآخر، فوافق حاتم وقاسمها ماله ثم افترقا.

اقرأ أيضًا: من هو أسد الله ولماذا سمي بهذا الاسم

وفاة حاتم الطائي

توفي حاتم الطائي سنة ق.م / 605 م، في عوارض، وهو أحد جبال بلاد طيء.. وقد قيل إن قبر حاتم الطائي يتجاوز عدة أمتار، وقد اختلف في سبب طول القبر إلى هذا الحد.

إلا أنه قيل من عادة العرب في الجاهلية أنه عندما يموت شخص، فإن قبرة يطول نظرًا لمكانة ذلك الشخص بينهم، وما قدمه في حياته، وهذا يفسر طول قبره، نظيرًا لجوده وكرمه في حياته.

الكرم والجود من الأخلاق الحميدة التي يجب أن يتحلى بها المرء، لكن الجود الحقيقي لا يكون عطاءً باليد، إنما هو عطاء القلوب.