إذا زنت الفتاة ثم تابت هل يجب إخبار الخاطب؟ وما حكم ستر الزنا؟ فمن القضايا الشائكة في المجتمع من سنوات والتي لا يقبل بها أغلب الرجال هي أن يدخل في علاقة جديدة دون أن يعرف كل ما مضى في حياة الفتاة، وذلك ما يجعلها في حيرة من أمرها، أتزيل ستر الله تعالى عنها وتخبره! وما العواقب التي قد تتبع عدم الإفصاح؟ وذلك ما سأناقشكم فيه عبر موقعنا سوبر بابا.

حكم إخبار الخاطب بذنب الماضي

الخُطبة هي السُلمة الأولى في بناء العلاقة الزوجية، فعلى الأسس التي يتم التعامل بينكما بتلك الفترة بها سوف تجدين أن الأمر يسير على نفس النهج بعد الزواج، وعلى هذا فإن ما يقال إن الصراحة والصدق في التعبير عن المشاعر أو ما يعجبك أو لا يروق لك في التصرفات الخاصة بالطرف الآخر أمر واجب على الطرفين.

لكن هنا يكمن السؤال في هل إذا زنت الفتاة من قبل ثم تابت فيجب أن تقوم بإخبار خطيبها؟ الجدير بالذكر هنا أن الأمر الذي لم يختلف عليه الفقهاء هنا هو ضرورة التوبة إلى الله تعالى أولًا والتخلص من كل المؤرقات أو توابع ذلك الذنب أيًا ما كان.

أما عن إخبار الخاطب بما مضى فإن الأمر غير واجب على الفتاة، ولا يُحرم عليها إن لم تفعل ذلك، وهذا في حالة كان الذنب عبارة عن النظر إلى ما يُحرم عليها، التواصل مع أحد الشبان الأجانب عنها، أو ارتكاب بعض الأفعال التي لا تليق بمبادئ الدين الإسلامي أو العادات والتقاليد.

اقرأ أيضًا: متى يجب الغسل للمرأة العزباء

إخبار الناس بالذنب لا يحلّ

قد استدلّ الفقهاء في الإجابة عن سؤال إذا زنت الفتاة ثم تابت هل يجب إخبار الخاطب ببعض من الأدلة الدنيوية والدينية، وهي ما سوف نتناولها بالتفصيل، حيث إن الأمر يكمن في حديث نُقل لنا عن الرسول ـ عليه الصلاة والسلام عن أبو سعيد الخدري ـ رضي الله عنه ـ:

….. أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ آنَ لَكُمْ أَنْ تَنْتَهُوا عَنْ حُدُودِ اللَّهِ، مَنْ أَصَابَ مِنْ هَذِهِ الْقَاذُورَاتِ شَيْئًا فَلْيَسْتَتِرْ بِسِتْرِ اللَّهِ، فَإِنَّهُ مَنْ يُبْدِي لَنَا صَفْحَتَهُ نُقِمْ عَلَيْهِ كِتَابَ اللَّه” [صحيح ابن حبان].

كذلك فمن الأدلة الدينية هي أن الله تعالى دائمًا ما يستر عبده، فلا يجدر أن يقوم العبد بفضح نفسه أمام الناس، أما من الجانب الإنساني والاجتماعي فإن الناس لا تنسى يا فتاتي، وإن تبت توبة نصوح فإن الله يتقبلها، بينما يظل الناس متذكرين الذنب لا ينسون بل يتناسون.

فقد العذرية والخطبة

ببعض الحالات قد تكون الفتاة تعرضت لأي من المواقف الصعبة في حياتها أو الفترات التي جعلتها تفقد عذريتها، فهل يلزمها أن تخبر خطيبها بذلك الذنب سواء كان لها يد أو ناتج عن أمر آخر ليس بيدها كالاغتصاب أو ما شابه فجعلها تفقد غشاء البكارة؟

الجدير بالذكر أن الإجابة هنا لا تختلف عن التي سبقت، فإن فقد غشاء البكار لا يجعل من الضروري إخبار الخاطب عما حدث، بل أوضح الفقهاء أنه يجب الستر على النفس كذلك، وألا يتم إخبار بشيء طالما كانت هناك توبة نصوح ومضى من الزمن ما يكفي.

لكن في حالة قام الخاطب بالسؤال أو كان طالبًا لفتاة بكر، فيجب أن يتم إخباره بأن الفتاة فاقدة لعذريتها ليس إلا، أي لا يتم ذكر السبب ولا يتواجد ما يجبر الفتاة على ذلك، والجدير بالذكر أن هناك عدة أسباب قد تؤدي إلى فضّ الغشاء غير الزنا أو الاغتصاب والكل يعلم هذا فهوّني عليك.

الناس تُعيّر ولا تُغيّر

أكثر ما يجعلك تقتنعي أنه لا يجب أن يتم إخبار الخاطب عن ذنب ما في الماضي طالما تبت وقررت أن تقومي ببدء حياة جديدة، هو أن الناس دائمًا ما تتذكر الشيء المشين أو الغير متوافق مع أخلاقهم أو دينهم، وذلك ما قد يجعلك دائمًا عُرضة للمضايقات والأقاويل.

كذلك فإن الأمر قد يصل مع الخاطب إلى أن يفكر في بعض الأمور الأخرى ويتضاعف الذنب السابق لكِ والذي قد انتهيت منه في عقله بسبب الشيطان، وذلك ما يعود على الحياة بالعبء والتذبذب، فتصبح العلاقة غير جيدة.

لذا فمن الهام وضع ذلك الأمر في الاعتبار، ففي حالة كان الرجل متفهمًا الآن، فإنه فيما بعد قد تحدث بعض المشكلات التي تجعل ذلك الذنب ينير في عقله مرة أخرى، وبالتالي يقوم بارتكاب بعض من الأخطاء السلوكية في التعامل معك.

ستر الله لا نكشفه

دائمًا ما يجب على المسلم أن يبادر بالاستغفار في حالة ارتكب أي من الذنوب التي ينهانا عنها ديننا أو أخلاقنا ومبادئنا، وألا يتم سردها على شخص سوى فقيه في الدين أو حكيم، وذلك لكي يكون هناك نصيحة لا ضيق ونظرة غير حسنة له.

فإن ستر الله تعالى نعمة كبيرة على العباد، وإننا والله لنظهر كأشرّ الناس أمام أعين من يحبوننا أو يروننا في مكانة عالية، ولكن الله تعالى ينعم بفضله ويمنّ علينا بالستر عدة مرات طالما نرجع إلى طريق الهدى.

فلا يحق للمسلم أن يقوم بفضح ما ستره الله، سواء كان ذلك في شخصه أم تابع لأحد غيره، فعن الشعبي عامر بن شراحيل، أن عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ قد جاءه شخص يريد أن يحكي لخاطبها وأهله ما حدث مع ابنته من وأد ثم إنقاذ، ومحاولة انتحار قد عقبها إنقاذ كذلك، لكن الصحابي الجليل قد أخبره ألا يفعل ذلك ولا يكشف ما قد ستره الله تعالى

أتى عُمَرَ بنَ الخَطَّابِ رَجُلٌ فقال: إنَّ ابنةً لي كُنتُ وَأدْتُها في الجاهليةِ، فاستَخرَجتُها قَبلَ أنْ تَموتَ، فأدرَكَتْ معنا الإسلامَ فأسلَمَتْ، فلَمَّا أسلَمَتْ أصابَها حَدٌّ مِن حُدودِ اللهِ، فأخَذَتِ الشَّفرةَ لِتَذبَحَ نَفْسَها فأدرَكْناها وقد قَطَعتْ بَعضَ أوداجِها، فداوَيْناها حتى بَرِئتْ، ثم أقبَلَتْ بَعدُ بتَوبةٍ حَسَنةٍ، وهي تُخطَبُ إلى قَومٍ، أفأُخبِرُهم مِن شَأنِها بالذي كانَ؟ فقالَ عُمَرُ رَضيَ اللهُ عنه: أتَعمِدُ إلى ما سَتَرَه اللهُ فتُبديَه؟! واللهِ لَئِنْ أخبَرتَ بشَأنِها أحَدًا مِنَ الناسِ لَأجعَلَنَّكَ نَكالًا لِأهلِ الأمصارِ، أنكِحْها نِكاحَ العَفيفةِ المُسلِمةِ.”

الستر في السنة النبوية

قد جاء في السنة النبوية الشريفة ما إن أخذ به العبد لم يشقى أبدًا في حياته، وذلك حينما بايع الناس على ألا يشركوا بالله تعالى ولا بالرسول ـ عليه الصلاة والسلام، ويتجنبون السرقة، القتال إلى أن وصل إلى نصحهم بأن من يفعل أي شيء من ذلك فعليه بالتوبة النصوح فقط والتضرع لله تعالى لكي يسامحه.

فعن عبادة بن الصامت ـ رضي الله عنه ـ أن الرسول ـ عليه الصلاة والسلام ـ قال:

تُبَايِعُونِي علَى أَنْ لا تُشْرِكُوا باللَّهِ شيئًا، وَلَا تَزْنُوا، وَلَا تَسْرِقُوا، وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتي حَرَّمَ اللَّهُ إلَّا بالحَقِّ، فمَن وَفَى مِنكُم فأجْرُهُ علَى اللهِ، وَمَن أَصَابَ شيئًا مِن ذلكَ فَعُوقِبَ به فَهو كَفَّارَةٌ له، وَمَن أَصَابَ شيئًا مِن ذلكَ فَسَتَرَهُ اللَّهُ عليه، فأمْرُهُ إلى اللهِ، إنْ شَاءَ عَفَا عنْه، وإنْ شَاءَ عَذَّبَهُ” [حديث صحيح البخاري].

إخبار الخاطب بالذنب مجاهرة بالمعصية

على عكس المتوقع من الإجابة من قبل الرجال أنه يجب على المرأة أن تخبره بكل ما حدث في ماضيها والأمور التي ارتكبتها أو حتى الفكرة التي كانت تدور في ذهنها، فإن الأمر ليس كذلك والحياة مع الخاطبة تكون من بداية الوعد بالزواج وارتداء الخاتم.

أما ما سبق في حياتها أو حياة الرجل على حد السواء لا يعني للطرف الآخر شيئًا، ما دام تاب إلى الله تعالى وأنهى كل ما قد يتعلق به أو يذكره إيّاه، ومن هنا يمكننا إيضاح أن إخبار الخاطب عن أي ذنب سبق يعد مجاهرة بالمعصية.

ذلك ما قد جاء في السنة النبوية الشريفة كذلك، حيث أمر الرسول ـ عليه الصلاة والسلام ـ بألا يتم المجاهرة بأي ذنب، أو القول أنا فعلت وفعلت حتى ولو من باب الشكوى، فذلك من أشكال كشف الستر الذي هو نعمة من الله تعالى، ويُحتّم بعد ذلك أن يتم سنّ العقوبة تجاهه.

المعرفة تجلب الحزن

إن الرغبة في معرفة كل ما دار في ماضي الشريك الآخر في العلاقة من الأمور التي تجعل هناك تذبذب كبير في العلاقة ما بين الطرفين، وفي ذلك خطأ شنيع يرتكبه كل من الفتيات والرجال على حد السواء.

فمن الهام التنويه أن الخطبة تعني بداية حياة جديدة مع الطرف الآخر، ويجب أن يتم إهمال كل ما حدث في الماضي، وتجنب الوقوع في خطأ البحث والتدقيق فهو لن يؤدي في النهاية سوى بزهد العيش.

فكل منّا له ذنوب منها ما هو كبير ومنها الصغير، ولكن في حالة رأى كل امرئ عيوب الآخر فلن نطيق النظر إلى بعضنا البعض من بعد تلك اللحظة، ومن ثم تكون العلاقات في خطر، ولهذا فلا عليك من التفكير بما حدث في ماضي خطيبتك وأنت كذلك، ففقط انظر لما هي عليه الآن، والحياة المستقبلية كيف ستكون.

اقرأ أيضًا: متى يجب الغسل للمرأة العزباء

عدم الإفصاح لا يعني الاستمرارية

أهم النقاط التي يمكنني الحديث فيها هنا مع الفتيات بخصوص إجابة سؤال إذا زنت الفتاة من ثم تابت هل يجب أن تخبر خطيبها أم لا، هو ضرورة التخلص من كل ما يتعلق بالماضي الغير حسن في حالة الخطبة.

فعلى الرغم من أن الأمر ليس إجباريًا أن يتم الإفصاح عما حدث للخاطب، إلا أنه من الواجب ويُحرم على الفتاة فعل عكسه أن تتقي الله تعالى في تصرفاتها، وتعصم نفسها عن الخطأ حتى يحلّ لها زوجها.

لذا عزيزتي تخلصي حتى من التفكير المتعلق بذلك الذنب وما حدث في الماضي، مع تكرار التوبة والاستغفار؛ حتى يتقبل منك صالح الأعمال، ويبارك لك الله تعالى في علاقتك وبيتك بالمستقبل.

لا تُجبر الفتاة على إخبار الخاطب بما حدث في ماضيها طالما تابت توبة نصوح، وترغب في أن تتقي الله عز وجل به، وعلى الصعيد الآخر فلا يجب أن تقوم هي بمعرفة ما قد حدث في ماضي الخاطب.