تتجلى أهمية الحياء في حياة الفرد والمجتمع في كونه فطرة الإنسان منذ خلقه، فالحياء أساس كل الفضائل فهو يجنب المسلم من القبح والأفعال السيئة ويجعله يتحلى بالأخلاق الحميدة، فهو من مكارم الأخلاق، التي يجب أن يتحلى بها كل فرد في المجتمع.. ونذكر أهميته من خلال موقع سوبر بابا.

أهمية الحياء في حياة الفرد والمجتمع

الحياء فضيلة هامة، فهو يجعل الفرد يتسم بالشهامة والشجاعة والأخلاق الحميدة، وعليه.. يجعل المجتمع عامرًا بالأمان، وتقل فيه الجرائم والفواحش، وللحياء أهمية في حياة الفرد والمجتمع نتناولها كلا على حدة.

أولًا: أهمية الحياء في حياة الفرد

من الآداب والسلوكيات التي يجب أن يتحلى بها المسلم فالحياء سيدفعه لفعل الخيرات مما يجعله شخص محبوب بين الناس فالحياء صفة من صفات ملائكة رب العالمين، فقد قال رسول الله –صلى الله عليه وسلم-: (ألا أستحي من رجل تستحي منه الملائكة)، وله أهمية كبيرة.

  • يحمل المسلم على وضع الدين في كل خطوة بحياته ويعمل به ويتحلى بالانضباط وفعل الخيرات والسير في طير الحق المستقيم.
  • من مكارم الأخلاق بل هو مقياسها كما ورد في الحديث الشريف: “(ما كانَ الفُحشُ في شيءٍ إلَّا شانَهُ، وما كانَ الحياءُ في شيءٍ إلَّا زانَهُ).
  • يمنع المسلم من العادات السيئة التي أصبحت منتشرة في المجتمع، فلا يخون ولا يسرق ولا يزني.
  • يجعل الإنسان لا يستبيح الظلم ولا النفاق ولا يكون بوجهين يفعل المعاصي بينه وبين نفسه، ويتحلى بالفضائل أمام الناس وهذا يدل على أهمية الحياء في حياة الفرد والمجتمع.
  • يجعل المسلم يستحي أن يعصي الله في السر ويخاف من الله في كل أفعاله وأقواله.

ثانيًا: أهمية الحياء في المجتمع

من أكثر السمات التي يحتاج المجتمع لوجودها في حياة أفراده فتعامل الناس مع بعضهم البعض يجب أن يكون قائمًا على التحلي بالصفات الحميدة واللين والتسامح والحب.

فالحياء من صفات الله -عز وجل-  كما جاء في الحديث الشريف: (إنَّ ربَّكم حَيِيٌّ كريمٌ، يستَحي مِن عبدِهِ إذا رفعَ يدَيهِ إليهِ بدعوَةٍ أن يرُدَّهُما صِفراً، ليسَ فيهما شيءٌ) ومن أهمية وجود الحياء في المجتمع:

  • المجتمع الذي ينتشر فيه الحياء ينعم بفضل الله وحفظه ونعمه وستره لأنه يقتدي بمنهج الله، ويبتعد عما نهانا عنه الله ورسوله.
  • الحياء بين أفراد المجتمع يدفعهم إلى كل سلوك حسن، ويجعلهم أخوة متعاونين.
  • يجعل أفراد المجتمع يساندون بعضهم البعض في عمل الخير، لا تفككون أبدا يخافون على بعضهم.
  • انتشار الحياء يقلل يمنع وجود الرذيلة والفواحش والانحراف والقتل، ويجعل المجتمع هادئ يخلو من أي كراهية أو بغضاء بين أفراده.

اقرأ أيضًا: الحياء في الإسلام وخصائصها

نماذج الحياء في الإسلام

الحياء هو زينة الإيمان، وخلق الإسلام، وزينة الرجل المسلم فهو يمنعه من ارتكاب المعاصي، وارتباط الحياء بالإيمان يدل على أهمية الحياء في حياة الفرد والمجتمع، فالحياء زينة المرأة المسلمة فهو يحفظها من الفاحشة.

فإذا اهتدى الفرد ليتخذ الحياء طريقًا له فقد تحلى بصفة من الله -سبحانه وتعالى- تحول بين وبين ارتكاب المعاصي، فعندما يتصف الإنسان بالحياء يكون بمثابة شهادة على أدبه وأخلاقه الحسنة وسيرته الطيبة.

قال تعالى: “قَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا (21)” (الأحزاب) فقد كان الرسول -صلى الله عليه وسلم- يستحي ويتأدب مع الله.

في رحلة الإسراء والمعراج طلب سيدنا موسى-عليه السلام- من النبي –صلى الله عليه وسلم- أن يسأل الله تخفيف فرض الصلاة على الناس، قال النبي –صلى الله عليه وسلم-: (استحييت من ربي) فقد كان شديد الاستحياء مع الله وهو خير خلق الله.

كان الصحابة –رضي الله عنهم- من أفضل أمثلة الحياء، فقد كانوا يقتدون بالنبي- صلى الله عليه وسلم- وقد كان خير خلق الله لديه من الحياء ما لم يوجد في بشر قط.. ومن الصحابة الذين اقتدوا بالرسول فالحياء:

  • أبو بكر الصديق: عندما كان يخطب بالناس ويتكلم عن الحياء فقال: (يا معشر المسلمين، استحيوا مِن الله، فو الذي نفسي بيده إنِّي لأظلُّ حين أذهب الغائط في الفضاء متقنِّعًا بثوبي استحياءً مِن ربِّي عزَّ وجلَّ).
  • أبي موسى الأشعري: قال -رضي الله عنه-: (إني لأغتسل في البيت المظلم، فما أقيم صلبي حتى آخذ ثوبي، حياءً من ربي عز وجل).
  • عثمان بن عفان: كان أشد الناس حياءً بعد رسول الله –صلى الله عليه وسلم- وهو من قال فيه: (ألا أستحي مِن رجل تستحي منه الملائكة).
  • علي بن أبى طالب: وهو زوج ابنة الرسول –صلى الله عليه وسلم- ورغم ذلك استحى أن يسأل الرسول في أمره فقال –رضي الله عنه-: (كنت رجلًا مذَّاءً فكنت أستحي أن أسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم لمكان ابنته، فأمرت المقداد فسأله، فقال: يغسل ذكَرَه ويتوضَّأ).

اقرأ أيضًا: قصص عن الحياء في الإسلام

أنواع الحياء

الحياء له أنواع كما قال “أبو الحسن الماوردي” في كتاب (أدب الدنيا والدين): “الحياء في الإنسان قد يكون من ثلاثة أوجه، أحدها حياؤه من الله تعالى، والثاني حياؤه من الناس، والثالث حياؤه من نفسه” وفيما يلي نتناول كل نوع على حدة.

أولًا: الحياء من الله

يجب أن يعلم الإنسان بأن الله يرى ويسمع كل ما يفعل وفي كل الأوقات فالله مطلع عليم، وقال تعالى: “وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ (16)” (ق).

الله -سبحانه وتعالى- يرى المعاصي التي يرتكبها الفرد في السر وهو مقصر في الفرائض، وقد قال رسول –صلى الله عليه وسلم-: (استحيوا من اللهِ تعالى حقَّ الحياءِ، من اسْتحيا من اللهِ حقَّ الحياءِ فلْيحفظِ الرأسَ وما وعى، ولْيحفظِ البطنَ وما حوى، ولْيذكرِ الموتَ والبِلا، ومن أراد الآخرةَ ترك زينةَ الحياةِ الدنيا، فمن فعل ذلك فقد استحيا من اللهِ حق الحياءِ).

ثانيًا: الحياء من الناس

الحياء من الناس يجعل الفرد لا يستبيح فعل المعاصي أمام الناس لما في ذلك من أثر سيء عليه وعلى المجتمع، فالجهر بالمعاصي وارتكاب الأخطاء أمام الناس قد يتسبب في اتباع الكثير منهم وراءه وقد لا يعلمون بهذه المعصية ويتعلمونها منه.

لهذا يجب على المؤمن أن يستتر ولا يفضح نفسه، كما يجب أن يستحي من الناس في تعاملاته وحديثه ويتحلى بالأخلاق الحميدة.

ثالثًا: الحياء من الذات

الإنسان المؤمن يستحي من نفسه أن يرتكب الفواحش، يستحي أن يخطئ حتى في خلوته، فالمؤمن الذي يلتزم بدينه ويخاف الله -سبحانه وتعالى- ويعلم أن الله مطلع عليه في كل أوقاته وأفعاله يستحي أن يعصيه ويجاهد نفسه عن ارتكاب المعاصي واتباع الهوى.

فالحياء شعور وجداني يرقق قلبه ويمنعه عن القيام بما يغضب الله عز وجل، فقد خصه الله بصفة الحياء عن كل المخلوقات، فالحيوان يتصرف دون خجل أو تفكير.. يفعل ما يريده من القبائح، أما الانسان فقد منحه الله الحياء والعقل للتفكير والخجل ليتصف بكل الأخلاق الحميدة.

من نعم الله علينا أن رزقنا الحياء فنتعامل به مع الله ومع الناس ومع أنفسنا وينتشر الحب والرحمة بين الناس، وتنتشر مكارم الأخلاق في المجتمع، وهذا من صميم أهمية الحياء في حياة الفرد والمجتمع.