من هو الملك الموكل بالنفخ في الصور؟ وما عدد تلك النفخات؟ وما هي صفة النفخ في الصور؟ ذلك أن لكل ملك من الملائكة مهمته ووظيفته الخاصة التي كلفه الله عز وجل بها، ومن خلال موقع سوبر بابا يمكن أن نوضح ذلك.

من هو الملك الموكل بالنفخ في الصور

أخبرنا الله تعالى عن النفخ في الصور، وأن ذلك من أهوال يوم القيامة التي يصعق لها من في السماء والأرض، فيخرج الناس من قبورهم، ويستعدوا لمقابلة الله عز وجل من أجل الحساب والجزاء على أعمالهم، إما بدخولهم الجنة، أو خلودهم في النار.

إن الملك الموكل بالنفخ في الصور يوم القيامة هو سيدنا إسرافيل عليه السلام، وقد أخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك حيث قال: “إنَّ اللهَ تعالى لما فرغ من خلقِ السمواتِ والأرضِ خلق الصُّورَ وأعطاهُ إسرافيلَ فهو واضعُه على فيهِ شاخصٌ ببصرِه إلى العرشِ ينتظرُ متى يؤمَرُ“.

إسرافيل كباقي الملائكة جميعهم خلق عظيم أجسامهم نورانية، فهو يمتلك الكثير من الأجنحة، خُلِق من نور، لا يأكل ولا يشرب ولا يتناكح، وهو من حملة العرش من وكله الله عز وجل بالنفخ في الصور.

الدليل على ذلك قول الله تعالى في القرآن الكريم: وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مِن دَابَّةٍ وَالْمَلَائِكَةُ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ (49) يَخَافُونَ رَبَّهُم مِّن فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ ۩ (50).. فالملائكة عباد الله المكرمون، يسبحونه بالليل والنهار وله يسجدون، ويخشون ربهم ويفعلون ما يؤمرون.

قد تحدث النبي عن إسرافيل في الحديث الذي رواه أبو هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن طرفَ صاحبِ الصورِ منذُ وُكّلَ بهِ مُستعدّ ينظرُ نحو العرشِ، مخافةَ أن يُؤمَرَ قبل أن يَرتدّ إليهِ طرفهُ، كأنّ عينيهِ كوكبانِ دُرّيانِ.” (حديث صحيح).

فإنه من شدة خشيته من الله عز وجل يظل جاحظ عيناه، لا يغلقها مخافة أن يأمره الله بالنفخ في الصور في أي لحظة.

يقال إن سيدنا إسرافيل عليه السلام دمعة واحدة منه تكفي لتصنع فيضان نوح عليه السلام إذا نزلت إلى الأرض، ومن رحمة الله -عز وجل- أنه يمنع حدوث ذلك.

اقرأ أيضًا: من هو أبو هريرة رضي الله عنه باختصار

ما هو النفخ في الصور

قد تحدثنا عن إسرافيل عليه السلام، فهو الملك الموكل بالنفخ في الصور، لكن لم نعرف ما هو النفخ في الصور، ومتى يحدث.

إن الله عز وجل قد تحدث عن النفخ في الصور في القرآن الكريم في مواضع كثيرة، ومنها:

  • قوله في سورة الزمر: وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَن شَاءَ اللَّهُ ۖ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَىٰ فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنظُرُونَ (68)“.
  • في سورة الكهف: وَتَرَكْنَا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ ۖ وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَجَمَعْنَاهُمْ جَمْعًا (99)“.
  • في سورة ق: وَنُفِخَ فِي الصُّورِ ۚ ذَٰلِكَ يَوْمُ الْوَعِيدِ (20)“.
  • في سورة يس: وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَإِذَا هُم مِّنَ الْأَجْدَاثِ إِلَىٰ رَبِّهِمْ يَنسِلُونَ (51)“.
  • في سورة النحل: وَيَوْمَ يُنفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَن شَاءَ اللَّهُ ۚ وَكُلٌّ أَتَوْهُ دَاخِرِينَ (87)“.

فالنفخ في الصور هو علامة من علامات اليوم الآخر، والتي يجب على المؤمن أن يؤمن بها، وهو حدث عظيم من أهوال يوم القيامة، والصور هو القرن الذي يحدث فيه النفخ، فتلك الآيات إنما تدل دلالة واضحة على وجود النفخ في الصور، وأنه من أهوال يوم القيامة.

قد تحدث الإمام السعدي عن الصور وتحدث عن صفته فقال: وهو قَرْنٌ عَظيم، لا يَعلم عظمَتَه إلَّا خالقه، ومَن أطلَعَه اللهُ على عِلمه من خلقه، فيَنفخ فيه إسرافيلُ عليه السلام، أحَد الملائكة المقرَّبين، وأحَدُ حمَلَة عرش الرحمن؛ تيسير الكريم الرحمن.”

اقرأ أيضًا: من هو الصحابي الذي حج سرًا

عدد النفخات في الصور

علمنا من هو الملك الموكل بالنفخ في الصور، لكن العلماء قد اختلفوا في عدد تلك النفخات، ويمكن بيان ذلك فيما يلي:

  • قال بعض العلماء إن عدد النفخات هي ثلاث: وهي نفخة الفزع، ونفخة الصعق، ونفخة البعث.
  • بينما قال البعض الآخر إن عدد نفخات الصور هما نفختان: نفخة الصعق، ونفخة البعث.
  • الرأي الأرجح هو أن عدد نفخات الصور اثنان، وذلك بدليل ما ورد في القرآن الكريم، وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.

حيث قال الله عز وجل في كتابه العزيز: وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَن شَاءَ اللَّهُ ۖ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَىٰ فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنظُرُونَ (68)” فالآية صريحة وواضحة تبين أن النفخ في الصور يكون مرتان، وذلك بعموم الآية.

كذلك استدلوا بحديث النبي صلى الله عليه وسلم، حيث قال في الحديث الذي رواه عنه أبي هريرة رضي الله عنه: ما بيْنَ النَّفْخَتَيْنِ أرْبَعُونَ. قالوا: يا أبا هُرَيْرَةَ أرْبَعُونَ يَوْمًا؟ قالَ: أبَيْتُ، قالوا: أرْبَعُونَ شَهْرًا؟ قالَ: أبَيْتُ، قالوا: أرْبَعُونَ سَنَةً؟ قالَ: أبَيْتُ، ثُمَّ يُنْزِلُ اللَّهُ مِنَ السَّماءِ ماءً فَيَنْبُتُونَ، كما يَنْبُتُ البَقْلُ.

هذا الحديث دلالة واضحة على أن عدد نفخات الصور اثنان، فلو كانوا ثلاثة كما يقول البعض، فلماذا ذكر النبي صلى الله عليه وسلم لفظ النفختين إذًا!

عندما يأمر الله عز وجل سيدنا إسرافيل فينفخ النفخة الأولى، فإن جميع الخلائق تفزع وتخاف من هول الموقف، ثم يصعق الجميع إلا ما شاء الله، ثم ينفخ في الصور النفخة الثانية، فيخرج الناس من قبورهم، لأجل الحساب والوقوف أمام الله عز وجل.

من لا يصعق من النفخ في الصور

الله عز وجل قد استثنى من الصعق أصنافًا من الناس، قد خصهم عن غيرهم.

  • الأنبياء وملائكة الله جبريل وميكائيل وإسرافيل، وملك الموت عزرائيل.
  • حملة العرش التسعة عشر.
  • خزنة النار والحور العين.
  • قيل إن المستثنى هم الشهداء.
  • وقيل إن المستثنى من ذلك هو نبي الله موسى عليه السلام.

حيث ورد في الحديث الذي رواه أبو هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: فَقالَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: لا تُخَيِّرُونِي علَى مُوسَى؛ فإنَّ النَّاسَ يَصْعَقُونَ يَومَ القِيَامَةِ، فأَصْعَقُ معهُمْ، فأكُونُ أوَّلَ مَن يُفِيقُ، فَإِذَا مُوسَى بَاطِشٌ جَانِبَ العَرْشِ، فلا أدْرِي أكانَ فِيمَن صَعِقَ فأفَاقَ قَبْلِي، أوْ كانَ مِمَّنِ اسْتَثْنَى اللَّهُ.

اقرأ أيضًا: من هو أسد الله ولماذا سمي بهذا الاسم

أهوال يوم النفخ في الصور

إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد بين لنا اليوم الذي يكون فيه الصعق، أي اليوم التي تقوم فيه القيامة، وذلك من خلال الكثير من الأحاديث والتي يمكن أن نذكر منها ما يلي:

ما رواه أبو هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: خَيْرُ يَومٍ طَلَعَتْ عليه الشَّمْسُ يَوْمُ الجُمُعَةِ، فيه خُلِقَ آدَمُ، وفيهِ أُدْخِلَ الجَنَّةَ، وفيهِ أُخْرِجَ مِنْها، ولا تَقُومُ السَّاعَةُ إلَّا في يَومِ الجُمُعَةِ” فيتبين أنه يوم الجمعة.

أما عن أهوال ذلك اليوم وحال الناس من النفخ، فعندما ينفخ سيدنا إسرافيل في الصور نفخة الفزع، فإن الناس يفزعون من هول ما يرون، وتتبدل حال الدنيا بأمر الله عز وجل.

قد أخبرنا الله عز وجل عن ذلك في القرآن الكريم حيث قال: يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ ۚ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ (1) يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَىٰ وَمَا هُم بِسُكَارَىٰ وَلَٰكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ (2).

ينقلب حال الدنيا، فتخر الجبال، وتنشق الأرض، وتنكدر النجوم وتكور الشمس، وتتفجر البحار، كل ذلك يتغير بأمر الله عز وجل.

قد أخبرنا الله سبحانه وتعالى عن ذلك فقال: “إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ (1) وَإِذَا النُّجُومُ انكَدَرَتْ (2) وَإِذَا الْجِبَالُ سُيِّرَتْ (3) وَإِذَا الْعِشَارُ عُطِّلَتْ (4) وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ (5) وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ (6)”.

إلى آخر الآيات التي تتحدث عن هول ذلك اليوم وحال الكائنات يومها.

بعد ذلك تكون النفخة الثانية في الصور، وهي نفخة الصعق، وعندها تموت كل الخلائق بإذن الله عز وجل، ثم يقول رب العزة سبحانه وتعالى لمن الملك اليوم؟ ويكررها ثلاثًا، فلا يجيبه أحد فيقول الله -جل وعلا- مجيبًا نفسه: لله الواحد القهار.

الراحة الحقيقية عندما ينجو العبد من أهوال يوم القيامة، ويعبر الصراط بعد محاسبة الله له على أعماله، وعندما يأخذ كتابه باليمين، ولا يُحرم من النظر لوجهه الكريم، فإن هذا حقًا هو عين النعيم.