تجلت مكانة اليتيم في الإسلام في عِدة صور، فالإسلام دين سمح ويحثنا على مكارم الأخلاق بأسرها، والتي كان من أهمها الإحسان إلى اليتيم ورعايته، فقد اهتم الرسول بالمثل العليا والأخلاق السامية، والتي من شأنها تحقيق مبدأ التكافل وإرساء دعائم المودة والرحمة.. سنوافيكُم بالمزيد من خلال موقع سوبر بابا.

مكانة اليتيم في الإسلام

لا شك أن الإسلام كرم اليتيم وأعطاه حقه على أكمل وجه، فقد تجلى اهتمام الإسلام باليتيم ورعايته له في عِدة مظاهر سواء كانت مادية أم معنوية، وأبرزها:

  • التكافل الاجتماعي لليتيم، فقد أمرنا الإسلام بالاهتمام به وذلك عن طريق توفير المأوى والملبس والمشرب الذي يحتاجه، فجاءت بعض الآيات في القرآن الكريم تحث على رعاية اليتيم، كقوله تعالى: “فأما اليتيم فلا تقهر“.
  • حفظ حقوقه وعدم الاعتداء عليها، فقد حذر الإسلام وحثنا من أكل أموال اليتامى بالباطل فضلًا عن رعايتهم رعاية كاملة، والتي تشمل الرعاية الجسدية والفكرية والروحية، فقال تعالى: “إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلمًا إنما يأكلون في بطونهم نارًا وسيصلون سعيرًا” ( سورة النساء).
  • تقويم وتهذيب سلوكه؛ ليكون فردًا صالحًا من أفراد المجتمع، لذلك فإن التربية السليمة لليتامى تدر نفعًا على المجتمع بأسره، فالشخصية السوية ما هي إلا نتاج للحب والحنان الذي تلقاه ممن حوله، في حين أن عكس ذلك يعود بالضرر على كافة أفراد المجتمع؛ نتيجة انضمامُه لبعض المنحرفين الذين يغيرون من سلوكه.

اقرأ أيضًا: من هو اليتيم في القران

كيفية كفالة اليتيم

كفالة اليتيم تشمل توفير احتياجاته الأساسية التي لا غنى عنها من الاحتياجات الغذائية والتعليمية دون التفرقة بينه وبين بقية أخوته غير الأيتام، ولا بُد أن يحظى اليتيم بمكانة عظيمة ويعامل معاملة حسنة من جانب كافله وذلك يتضمن العناية والرعاية والتربية الصحيحة والإحسان إليه والإنفاق عليه.

فقد تبين ذلك في عهد الرسول والصحابة من خلال الأحاديث الواردة في هذا الشأن، فكان الرسول والصحابة يضمون الأيتام إلى أسرهم ويعاملوهم بإحسان اقتدءًا بسنته، لهذا مكانة اليتيم في الإسلام كبيرة.

فضل وأجر كفالة اليتيم

تجلت صور وأفضال كفالة اليتيم في القرآن الكريم والسنة النبوية ، فهي من الأمور التي تعالج أمراض النفس البشرية، فاليتيم له حقوق وواجبات سواء كانت مادية أو تتعلق بالتربية والتعليم والنصح والإرشاد، وتلبية احتياجاتُه الأساسية من مأكل وملبس ومشرب، ووردت العديد من الأحاديث التي تؤكد على فضل كفالة ورعاية اليتيم منها:

فقد ورِد عن مالك أو ابن مالك رضي الله عنهما، أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (مَن ضمَّ يتيمًا بينَ مسلمينَ في طعامِه وشرابِه حتَّى يستغنِيَ عنه وجَبَت له الجنَّةُ).

فكفالة اليتيم من أعظم الأعمال الصالحة للتقرب إلى الله، فمنزلة كافل اليتيم أقرب إلى منزلة رسول الله في الجنة، إلى جانب ذلك فإنها صدقة جارية توسع الرزق، وتعمل على تحسين الخلق وذلك اقتدءًا برسول الله، فقد كان الرسول قدوة للعالمين في المعاملة الحسنة للأيتام، ومثالًا حيًا لرقة القلب والرحمة.

فعن سهل بن سعد الساعدي، عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (وَأنا وكافِلُ اليَتِيمِ في الجَنَّةِ هَكَذا وأَشارَ بالسَّبَّابَةِ والوُسْطَى، وفَرَّجَ بيْنَهُما شيئًا).

اقرأ أيضًا: السماحة في الإسلام

آداب التعامل مع اليتيم في الإسلام

إن مكانة اليتيم في الإسلام كبيرة، لذا حثنا على آداب مُحددة لا بُد من الالتزام بها عند التعامُل معهم:

  • التبسم في وجهه وملاطفته ومحاولة إدخال السرور إلى قلبه.
  • غرس القيم والثقة في نفسه.
  • التوجيه والإرشاد وتعديل السلوكيات الخاطئة وتعزيز الجوانب الإيجابية.
  • التحلي بأخلاق رسول الله وعدم التعالي عليه.
  • تربيتهم على الأسُس السليمة وغرس العقيدة الصحيحة في نفوسهم.
  • معاونتهم في الأنشطة المختلفة وتشجيعهم على الأعمال الخيرية.

أفضل نموذج لليتامى في الإسلام

كان رسول الله من أوائل من شعروا بأحزان اليتامى وآلامهم؛ لأنه عاش يتيمًا، فقد مات أبوه عبد الله وهو في بطن أمه، ومن ثم توفت أمه وهو صغير السن لا يقوى على الحياة، وغير قادر على إعانة نفسِه، فقد كان قدوة الأيتام في تحمل الأحزان ومشاق الحياة، ولكن رحمة الله الواسعة ورفق الله به كان حليفًا له، لقوله تعالى: أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَى” )الضحى: 6).

اقرأ أيضًا: كلمة عن اليتيم للإذاعة المدرسية

دور الملاجئ أو دور الأيتام في رعايتهم

لقد عالج الإسلام مشكلة الأيتام بطرق فريدة وذلك من خلال إنشاء دور الأيتام التي تقدم لهم الرعاية الكاملة، وهي عبارة عن مؤسسة تربوية يلتحق بها الأطفال من أجل تحسين سلوكهم وحمايتهم من التشرد عوضًا عن فقد الوالدين، فالعناية بهم مسؤولية اجتماعية تقع على عاتق جميع أفراد المجتمع، فهم يشعرون بنقص الحنان والعاطفة.

لذا وجب إنشاء دور الرعاية لهم للاعتناء بهم وتعويضهم من حيث الجانب المادي والمعنوي، فقد ضُرب المثل برسول الله في رعاية الأيتام، وخير مثال على ذلك هو وصف أم المؤمنين خديجة للرسول عند نزول الوحي عليه، فقالت: “كلا والله ما يخزيك الله أبدًا؛ إنك لتَصِل الرحم، وتحمل الكَلَّ، وتَكسب المعدوم، وتَقري الضيف، وتعين على نوائب الحق”. (رواه البخاري ومسلم(

فقد سار الصحابة على نهج الرسول أيضًا، فها هو البراء بن مالك -رضى الله عنه- يحكي كيف تنافس ثلاثةٌ من الصحابة على كفالة ابنه حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه، عم النبي صلى الله عليه وسلم.

حيث روى قصة صلح الحديبية، ومما قيل فيها: “فَخَرَجَ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَتَبِعَتْهُمُ ابْنَةُ حَمْزَةَ: يا عَمِّ، يا عَمِّ، فَتَنَاوَلَهَا عَلِيُّ بنُ أبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عنْه، فأخَذَ بيَدِهَا، وقَالَ لِفَاطِمَةَ عَلَيْهَا السَّلَامُ: دُونَكِ ابْنَةَ عَمِّكِ، حَمَلَتْهَا، فَاخْتَصَمَ فِيهَا عَلِيٌّ، وزَيْدٌ، وجَعْفَرٌ؛ فَقَالَ عَلِيٌّ: أنَا أحَقُّ بهَا، وهي ابْنَةُ عَمِّي، وقَالَ جَعْفَرٌ: ابْنَةُ عَمِّي، وخَالَتُهَا تَحْتِي، وقَالَ زَيْدٌ: ابْنَةُ أخِي، فَقَضَى بهَا النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لِخَالَتِهَا، وقَالَ: الخَالَةُ بمَنْزِلَةِ الأُمِّ” (رواه البخاري(

وجب التنبيه إلى أن الحكومة والأفراد والجهات المعنية بذلك من دور أيتام وغيرُه، يجب أن يتدخلوا ويكثفوا الجهود لحماية هؤلاء الأيتام من التشرُد والضياع والحفاظ على أخلاقهم.

إن رابطة الأخوة التي تربط المسلمين ببعضهم البعض، توجب عليهم عون الضعيف والأخذ بيده إلى قارب النجاة، فإن المسلمين عليهم تربية الأيتام بين أبنائهم وذلك حتى يبلغوا.