ليلة الإسراء والمعراج يجب على كل مسلم الإلمام بها؛ لأنها تعتبر أهم حدث في التاريخ الإسلامي وفي سيرة الرسول عليه الصلاة والسلام، وأعظم معجزة في تاريخ جميع الأنبياء، ومن خلال موقع سوبر بابا نتعرف على أحداث الليلة المُباركة الإسراء والمعراج.

ليلة الإسراء والمعراج بالتفصيل

عند الحديث عن معجزة الإسراء والمعراج يجب أن نعلم أننا أمام أحد أعظم الأحداث في تاريخ الإسلام، بل وفي تاريخ البشرية بأسرها، وقد ثبت وقوع تلك المعجزة في القرآن والسنة، وإجماع صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما تعد من مظاهر تكريم الله عز وجل لنبيه الكريم.

اقرأ أيضًا: قصة الإسراء والمعراج مكتوبة مختصرة

أولًا: أسباب رحلة الإسراء والمعراج

جاءت هذه الرحلة بعد سنوات صعبة في دعوة الرسول وتجرؤ المشركين في مكة عليه ثم حلول عام الحزن في السنة العاشرة من البعثة، وهو العام الذي حدثت فيه للرسول مصيبتان، أمَّا الأولى فهي موت عم الرسول الذي كان يدعمه كثيرًا، والثانية وفاة زوجته خديجة رضي الله عنها، والتي كانت تُقدم الكثير من الدعم له، والذي افتقده الرسول بعد وفاتهما.

  • مساعدة الرسول على مواجهة المصاعب التي تعترضه أثناء مسيرة الدعوة وتبليغ الرسالة.
  • كانت رحلة الإسراء والمعراج تقليلًا لآلامه وأحزان الرسول خاصةً بعد أذى وتنكيل قومِه.
  • كانت بمثابة متنفس للنبي وتفريغًا لمشاعر الحزن التي غمرته في الفترة الأخيرة.
  • شحن الروح المعنوية للرسول.
  • تعويضًا للنبي -صلى الله عليه وسلم- عما قد لقيه في حادثة الطائف، وتكذيب أهلها له وإخراج السفهاء منهم للنيل من مقامه الشريف، فقال تعالى: (ذَلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ عَلِيمًا).
  • تعريف الرسول بقدره ومقامه عند الله، ومنزلته بين الرسل والأنبياء الذين سبقوه.
  • تعريف الرسول بآيات الله تعالى ورحمته وقدرته التي وسعت كل شيء، حيث قال تعالى عن رحلة الإسراء: (لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا).
  • إعلاء شأن الرسول صلى الله عليه وسلم، وتكريمًا له على جهوده وصبره في أداء الرسالة.
  • اطلاع الرسول على عِدة مشاهد هامة، مثل بعض مشاهد الجنة والنار، ومقابلة إخوته من الأنبياء الكرام، وغيرها من المشاهد العظيمة.

ثانيًا: أحداث ليلة الإسراء والمعراج

شهدت رحلة الإسراء والمعراج أحداثًا كثيرة يعجز غير المؤمنين على استيعابها وإدراكها، نظرًا لعظمتها وقوة وقعها على النفس، إلا أن المؤمن الحق يعلم علم اليقين أن كل ما وقع تلك الليلة لهو الحق المبين، وأن تلك المشاهد التي رآها الرسول هي حقيقة مؤكدة لمن يؤمن بالله واليوم الآخر.

اختلف الفقهاء وعلماء التاريخ الإسلامي في الموعد المحدد لرحلة الإسراء والمعراج، ومن أكثر الأقوال قول الزهري: أنها سبق الهجرة إلى يثرب بعام واحد، حيثُ كانت بعد عام الحزن ورحلة الطائف، فكانت في ليلة السابع والعشرين من شهر رجب من السنة الثانيّة عشرة للبعثة.

أخرج الإمام البُخاري رحمه الله في صحيحه حادثة الإسراء والمعراج، حيث قال: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان مستلقيًا في بيت أم هانئ، فانفرج سقف البيت، وإذا ملكين ينزلان منه متجسدين في شكل البشر، وقاما بأخذ رسولنا الكريم إلى منطقة الحطيم عند زمزم، ثم شقّا صدره الشريف، وأخرجا قلب رسول الله وقاما بغسله بماء زمزم، ومن ثم ملآه بالإيمان والحكمة.

الحِكمة في ذلك تهيئة النبي -صلى الله عليه وسلم- لِما سيُشاهده، وليكون إعدادًا له من الناحية اليقينيّة والروحيّة، وعلّق الحافظ ابن حجر على ذلك فقال: والهدف من ذلك تجهيز النبي -عليه أفضل الصلاة والسلام- لِما سوف يشهده وليكون تهيئة له من الناحية الروحية.

علق آل الحافظ بن حجر على تلك الحادثة فقال: (جميع ما ورد من شق الصدر واستخراج القلب وغير ذلك من الأمور الخارقة للعادة مما يجب التسليم له دون التعرض لصرفه عن حقيقته، لصلاحية القدرة فلا يستحيل شيء من ذلك) يجب علينا كمؤمنين أن نُصدق كل ما ورد؛ لأن الله قادر على كل شيء.

بعد ذلك جاء سيدنا جبريل عليه السلام للنبي بدابة تُسمى البراق، وهي أصغر في الحجم من الفرس وكذلك أكبر من الحِمار، فقد روي عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: (أُتِيتُ بِالْبُرَاقِ وَهُوَ دَابَّةٌ أَبْيَضُ، طَوِيلٌ فَوْقَ الْحِمَارِ، وَدُونَ الْبَغْلِ يَضَعُ حَافِرَهُ عِنْدَ مُنْتَهَى طَرْفِهِ).

فعندما ركبها النبي -صلى الله عليه وسلم- تصبب عرقًا ولم يثبت على ظهرها، حتى قال له جبريل (أثبت فلم يركبها أحدٌ خيرٌ منه) وانطلق به إلى بيت المقدس، حيث قال رسول الله: (فَرَكِبْتُهُ حَتَّى أَتَيْتُ بَيْتَ الْمَقْدِسِ، قَالَ: فَرَبَطْتُهُ بِالْحَلْقَةِ الَّتِي يَرْبِطُ بِهِ الأَنْبِيَاءُ، قَالَ: ثُمَّ دَخَلْتُ الْمَسْجِدَ فَصَلَّيْتُ فِيهِ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ خَرَجْتُ، فَجَاءَنِي جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَام بِإِنَاءٍ مِنْ خَمْرٍ، وَإِنَاءٍ مِنْ لَبَنٍ، فَاخْتَرْتُ اللَّبَنَ،  فَقَالَ جِبْرِيلُ: اخْتَرْتَ الْفِطْرَةَ).

تعد المعجزات الكبرى في تلك الليلة كانت أثناء المعراج، حيث قد عُرج بقدرة الله بالنبيّ -عليه أفضل الصلاة والسلام- وكذلك بجبريل عليه السلام إلى السماء الدنيا، رأى النبي سيدنا آدم ورحب به ورد عليه السلام، ثم أراه أرواح الشهداء على يمينه بينما كانت أرواح الأشقياء عن يساره.

بعدها صعد رسول الله مع جبريل إلى السماء الثانية حيث قابل سيدنا يحيى وعيسى عليهما السلام قال رسول الله، وبعدها إلى السماء الثالثة وقابل فيها يوسف الصديق عليه السلام كما قابل إدريس في السماء الرابعة وهارون في السماء الخامسة، وموسى في السادسة أما سيدنا إبراهيم أبو الأنبياء كان في السماء السابعة عليهم السلام جميعًا، وجميعُهم يُسلّمون عليه، ويُقرّون بنبوّته.

ثالثًا: صعود الرسول إلى سدرة المنتهي

بعدها صعد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى نقطة لم يصل إليها إنسان من قبل، وتُسمى سدرة المنتهى، وهي شجرة سدر عظيمة مكانها في الجنة ما بين السماء السادسة والسابعة وبها من الجمال والروعة ما لا يستطيع الشعراء وصفه كما قال الرسول.

كما أن عندها جنة المأوى، فقال تعالى: ﴿وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى*عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى*عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى*إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى* مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى*لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى﴾ [النجم:13–18] كذلك صعد الرسول عليه الصلاة والسلام إلى البيت المعمور.

ثم أذن الله لنبيه بالصعود فوق كل ذلك والصعود فوق السماء السابعة ثم كلم الله نبيه دون حجاب، ففرض الله عليه وعلى أمته خمسين صلاة، ظل النبيّ يرجوه أن يخفضها للتخفيف على أمته حتى جعلها خمس صلوات في اليوم والليلة.

اقرأ أيضًا: كيف صعد الرسول إلى السماء بالتفصيل

مشاهد رآها الرسول في رحلة الإسراء والمعراج

من مظاهر تكريم الرسول -عليه أفضل الصلاة والسلام- أن الله أطلعه على مشاهد من الجنة والنار لم يسمح لاحد من قبله أن يراها، دليلًا على علو منزلة الرسول وعظمة شأنه، كما رأى العرش وهو من أعظم المخلوقات وحوله العديد من ملائكة وقوائم العرش تشبه قوائم السرير يحمله أربعة من أعظم الملائكة، والعرش هو سقف الجنة.

قال الإمام علي بن ابي طالب كرم الله وجهه: (إن الله خلق العرش إظهارًا لقدرته ولم يتخذه مكان لذاته).

أولًا: مشاهد الجنة في الإسراء والمعراج

من مظاهر تكريم النبي محمد أيضًا أن الله سمح له بدخول الجنة، هذا التكريم الذي لم يناله أحد من قبل، ومكان الجنة فوق السماوات السبع، كما فيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر، حيث قال الرسول صلى الله عليه وسلم: (ثم أدخلت الجنة فإذا فيها حبايل اللؤلؤ وإذا ترابها المسك).

شاهد رسولنا الكريم في الجنة نهر الكوثر وهو النهر الذي جعله الله للنبي تكريمًا له، فعن أنس بن مالك رضي الله عنه أنّ النّبي قال: (بينما أنا أسير في الجنّة إذا أنا بنهر حافتاه قباب الدرّ المجوّف، قلت ما هذا يا جبريل، قال هذا الكوثر الذي أعطاك ربّك، فإذا طينه أو طيبه مسك أذفر) رواه البخاري.

كما رأى النبي من سكان الجنة في ليلة الإسراء والمعراج المجاهدون ورآهم الرسول في هيئة قوم يزرعون ويحصدون في يومين، فعندما رآهم سأل جبريل: ما هذا يا جبريل؟ فقال: (هؤلاء هم المجاهدون في سبيل الله، تضاعف لهم الحسنة بسبعمائة ضعف).

ثانيًا: مشاهد النار في الإسراء والمعراج

بعدما رأى رسول الله أحوال بعض أهل الجنة وروعة مشاهد الجنة، رأى أحوال أهل النار وعقاب الله لهم، فبينما كان يشاهد أناس يعذبون كان يسأل جبريل عليه السلام عنهم، فمنهم من على صورة الثور يخرج من مخرج ضيق ثم لا يستطيع الرجوع.

كذلك رأى قومًا يقومون برعي الأغنام وعلى عورتهم رقاع وهم من لا يؤدون الزكاة، وآخرين على صورة قوم تتفتت أدمغتهم ثم تتجمع وهؤلاء الذين تثاقلت رؤوسهم عن الصلاة في الدنيا، وكان هناك أناس يقطعون وجوههم وصدورهم بمخالب من النحاس، وهم من كانوا ينشرون النميمة بين الناس.

رأى أيضًا قوم من أهل النار يتنافسون على أكل اللحم العفن ويتركون اللحم الطيب وهم الزناة، وهناك بعض القوم تقرض ألسنتهم وشفاههم بمقاريض من نار وهم من ينشرون الغش والفتنة والكذب، فيكون العقاب من جنس العمل هو الجزاء العادل من الله.

اقرأ أيضًا: حقائق عن معجزات الرسول صلى الله عليه وسلم في الغزوات

الدروس المستفادة من ليلة الإسراء والمعراج

عندما يذكر الله حادثة أو موقف في القرآن الكريم يكون الهدف منه هو العظة للأمة، واستنباط الدروس المستفادة منها، ولمعرفة الذات الإلهية بشكل أفضل لنتمكن من أداء العبادات والمناسك الدينية بشكل صحيح وهناك بعض الدروس المستفادة من رحلة الإسراء والمعراج.

  • إثبات النبوة وصدقها، وبداية مرحلة جديدة في الدعوة إلى الله وتبليغ الرسالة.
  • جزاء الصبر والجهد كبيرًا عند الله في الدنيا والآخرة.
  • الرفع من قدر الرسول -عليه أفضل الصلاة والسلام- باطلاعه على الغيب والذي لم يسبق لبشر قبله أن اطلع عليه.
  • بعدما صلى محمد -عليه الصلاة والسلام- إمامًا بالأنبياء تدل على أنه خاتم الأنبياء والمرسلين.
  • تعريف المؤمن بمكانة النبي الحقيقية التي لم يحظَ بها أحد من قبل في السماء ولا في الأرض.
  • رسالة إلى المسلمين بأهمية المسجد الأقصى وقدسيته ورفع مكانته.
  • قوة إيمان سيدنا أبو بكر الصديق رضي الله عنه، فقد دعمه نبيه وصديقه بينما كذبه أهل مكة.
  • كانت هذه الرحلة اختبارًا لصبر وثبات المؤمنين وتصديقهم للنبوة وللدعوة الإسلامية، لأن ما جاء في هذه الرحلة يتخطى مستوى العقل البشري.
  • إثبات أن الدين عند الله الإسلام وجميع الأنبياء يعبدون الله عز وجل وإن اختلفت شرائعهم.

لا يخفى على أحد أن رحلة الإسراء والمعراج بمثابة علامة فارقة في مسيرة الرسول الخالدة، وتأكيدًا على علو شأنه في الملأ الأعلى، ودليل من الله على أنه أشرف خلقه.