قصص عن الحياء في الإسلام تُعلّم الناس أهمية التحلي بهذه الصفة، حيث إن كل دين له قواعد خاصة به تميزه عن غيره، وأتى الدين الإسلامي لكي يُرشد الناس ويهديهم إلى الطريق الصواب، فهو قادرًا على تعزيز الإنسان وحفظ كرامته، ومن أهم الصفات الإسلامية التي يجب على العبد التحلي بها هو الحياة، ويمكن الاستدلال على ذلك من القصص التي يعرضها لنا موقع سوبر بابا.

قصص عن الحياء في الإسلام

إن النبي صلى الله عليه وسلم كان أشد الناس حياءً، وحثنا على الحياء والاستئذان، ونحن الأمة الإسلامية التي يتباهى الله عز وجل بنا يوم القيامة، ويشفع لنا حبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم علينا الاقتداء به قولًا وفعلًا، ونعرض مجموعة من أهم قصص عن الحياء في الإسلام.

1- حياء النبي من الضيوف

كما ذكرنا سالفًا أن الحياء يُعد من أهم صفات النبي صلى الله عليه وسلم، وكان يظهر ذلك الأمر عليه في كل وقت، وخاصةً عندما تزوج السيدة زينب بنت جحش، ومن ثم قام بعمل وليمة لأصحابه على الطعام، وقام بعض الصحابة بالجلوس بعد انتهاء الطعام لرغبتهم في الجلوس والاستئناس بالنبي صلى الله عليه وسلم.

أستحى النبي صلى الله عليه وسلم من أصحابه ولم يستطع أمرهم بالرحيل، فقام بإخبارهم أنه سوف يمُر على بقية زوجاته لكي يطمئن عليهم ثم يعود مرة أخرى، مما فيه إشارة بأنه يريدهم أن يذهبوا لكي يتفرغ لزوجته.

بالفعل بعد فترة وجيزة من الوقت أدركوا المعنى الذي يقصده النبي صلى الله عليه وسلم، ونزل قول الله تعالى: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ وَلَكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا وَلَا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنْكُمْ وَاللَّهُ لَا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ” (الأحزاب: 53).

اقرأ أيضًا: حوار بين شخصين عن الحياء

2- حياء يوم الحشر

إن يوم الحشر من أكثر الأيام التي يظهر بها معنى الحياء واضحًا وخاصةً على الأنبياء، حيث يكون المؤمنين يبحثون عمن يشفع لهم أمام الله عز وجل، ويقومون بالذهاب إلى سيدنا آدم عليه السلام، ولكنه حينما يتذكر الشجرة التي أكل منها التفاح الذي نهى عن أكله الله عز وجل يستحي أن فعل ذلك.

بعد أن يخيب أملهم في سيدنا آدم يذهبون إلى سيدنا نوح، ولكنه أيضًا يتذكر دعوته لقومه الذين لم يُجيبوه، وتذكر أنه سأل الله عز وجل عما ليس له به علم، فيستحي من الشفاعة لهم أمام الله عز وجل ويرفض طلبهم بنفس الطريقة التي رفض بها سيدنا آدم عليه السلام، وهنا يقررون الذهاب إلى سيدنا إبراهيم عليه السلام.

لكنهم لا يلاقون منه شيء جديد ويكون رده نفس الرد لمن سبقه من الأنبياء، وتتوالى المحاولات عند سيدنا موسى وعيسى عليهما السلام، ويصلون إلى سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وهو الوحيد الذي يرد عليهن “أنا لها” أي أنه قادرًا على الشفاعة لهم أمام الله عز وجل.

يظل النبي صلى الله عليه وسلم يسجد لله تعالى حتى لا تفلت منه أي نفس للنار، ويظل كذلك حتى انتهاء يوم الحشر العظيم، يمكن استنتاج من تلك القصة أن الأنبياء هم أشد الخلق استحياء من الله تعالى، وعلينا الاقتداء بهم لكل ننال نفس الجزاء.

3- حياء سيدنا موسى عليه السلام

ذكر القرآن الكريم واحدة من أهم القصص عن الحياء في الإسلام، وهي قصة سيدنا موسى والفتاتين، حيث وجد سيدنا موسى عليه السلام فتاتين من مدينة تمنع الغنم عن الماء، ولكن لا يلتفت إليهنّ أحد، وكان من المفترض أن يُفسح لهنّ الرجال ولا يجعلوهن يتزاحمنّ وسط حشود من الرجال.

تقدم سيدنا موسى عليه السلام وعلم بهذا الأمر، فثار وغضب شديدًا وقام هو بهذه المهمة عنهم وقام بسقي الغنم، ومن ثم تركهما، ومن هنا يمكن الاستدلال على أن الاستحياء يفتح لصاحبه أبواب الرزق والخير من حيث لا يحتسب، كما أنه من أفضل الصفات التي يمكن أن تتحلى بها المرأة المسلمة.

يمكن الاستدلال على هذه القصة من قوه تعالى: “فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا فَلَمَّا جَاءَهُ وَقَصَّ عَلَيْهِ الْقَصَصَ قَالَ لَا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ” (القصص: 25 – 26).

4- حياء امرأة عُمر بن الخطاب

إن سيدنا عُمر بن الخطاب كان أشد الصحابة حكمة وعقل، وفي حال البحث حول قصص عن الحياء في الإسلام فلا يوجد أفضل من هذه القصة لمعرفتها، حيث قام عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأرضاه بالتحدث في إحدى الخطب التي كان يلقيها عن مهور النساء وغلائها.

أثناء الخطبة قامت امرأة بمقاطعة حديثه قائلة يعطينا الله وتمنعنا يا عمر؟ ألم يقل الله عز وجل: “وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا” (النساء: 20)، لم يمنع الحياء هذه المرأة من الإدلاء برأيها فيما يقوله أمير المؤمنين، ودافعت عن حق باقي النساء، وجعلته أكثر استحياءً من نفسه.

لم يمنع سيدنا عمر بن الخطاب من الاعتذار حينها على تصرفه ذلك، وعلى الرغم من أنه كان دائمًا يخاف من حدود الله ويعطيها لأهلها ولا يؤخر عليهن حق.

اقرأ أيضًا: مقدمة عن الحياء والعفة للإذاعة المدرسية

5- حياء صحابية

كانت هذه الصحابية هي أم خلاد رضي الله عنها، وعندما علمت أن ابنها استشهد في إحدى المعارك فذهبت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لكي تسأله عن حال ابنها الذي قتل في هذه المعركة، وكان حينها ترتدي نقابًا يُغطي وجهها كاملًا، وكان ذلك بمثابة لغز كبير لجميع الحضور.

فكيف لتلك المرأة لا تقوم بكشف وجهها وشعرها ولطم خدها كحال أي أم يموت ولدها، وكيف تقف بكل هذا الثبات والاحتشام أما رسول الله صلى الله عليه وسلم وتسأله عن ابنها، وهو ما جعل الناس تسألها حينها كيف جئتِ تسألين عن ابنك وأنتِ محتشمة لهذه الدرجة وتُغطين وجهك.

فكان ردها خير دليل على حياء النساء في الإسلام، حيث قالت للجموع “إنني أن كنت قد فقدت ابني فلم أفقد حيائي” وهو ما يجب على جميع نساء المسلمين تعلمه، فالحياء شعبة من شعبة الإيمان، وأمرنا الله عز وجل بالحياء وخاصةً النساء.

6- حياء أبو سفيان

يعتبر أبو سفيان نموذج من ضمن نماذج الحياء التي يمكن أن يحتذي بها العبد المؤمن، وخير ما يؤكد قصص عن الحياء في الإسلام هذه القصة، حيث أرسل ملك الروح في ذات يومًا هرقل يطلب حضور أبي سفيان وبعض رجال الشام الذين أتوا معه بغرض التجارة.

عندما حضروا إليه سألهم أي منهم أقرب للنبي صلى الله عليه وسلم، وكان أبي سفيان أقرب الرجال للرسول وفعلًا أخبره بهذا الأمر، فأمره هرقل بأن يتقدم ثم يتبعه أصحابه من خلفه، وأعاد هرقل قائلًا: “أني سائل هذا الرجل، فإن كذبني فكذبوه” فكان رد أبو سفيان على كلامه “لولا الحياء أن يروا عليّ كذب لكذبت”.

7- حياء أسماء بنت أبي بكر

تعتبر تلك القصة من أفضل قصص عن الحياء في الإسلام، حيث إنه في يوم كانت أسماء بنت أبي بكر تسير في طريق وكانت حاملة معها بعض حبات النوى فوق رأسها، وفي أثناء سيرها قابلت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان راكبًا على ناقته مع أصحابه، وحينما رآها أشفق عليها.

فقام النبي صلى الله عليه وسلم بإيقاف ناقته لكي تقوم أسماء بنت أبي بكر بالركوب عليها، ولكنها استحيت أن تركب على ناقة يوجد عليها رجال، بالإضافة إلى أنها تذكرت الغيرة المفرطة التي يغيرها عليها زوجها الزبير بن العوام، وعلِم النبي صلى الله عليه وسلم بذلك الأمر فانصرف على الفور.

مشت أسماء بنت أبي بكر إلى منزلها وهي تحمل فوق رأسها حبات النوى بمنتهى الشجاعة والقوة، وحكت كل ما حدث معها لزوجها الزبير بن العوام، وفعلًا أُعجب زوجها بموقفها المليء بالحياء والخجل، وأخذ يقول لها: “والله لحملك النوى على رأسك أشد عليّ من ركوبك معه”.

اقرأ أيضًا: إذاعة عن الحياء قصيرة

الترغيب في الحياء في القرآن الكريم والسُنة

أرسل الله عز وجل لنا رسائل كثيرة في القرآن الكريم توضح أهمية الحياء في الإسلام، ونحن علينا التحلي بهذه الصفة تنفيذًل لأوامر الله عز وجل.

  • قال الله تعالى: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلاَّ أَن يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ وَلَكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانتَشِرُوا وَلا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنكُمْ وَاللَّهُ لا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ” [الأحزاب:53].
  • قال تعالى: “فَجَاءتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاء قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا فَلَمَّا جَاءهُ وَقَصَّ عَلَيْهِ الْقَصَصَ قَالَ لا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ” [القصص: 25].
  • قال تعالى: “وَلِبَاسُ التَّقْوَىَ ذَلِكَ خَيْرٌ” [الأعراف:26].
  • قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (الإيمان بضع وسبعون أو بضع وستون شعبة، فأفضلها قول: لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق، والحياء شعبة من الإيمان).
  • قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (الحياءُ من الإيمانِ، والإيمانُ في الجنةِ، والبَذاءُ من الجفاءِ، والجفاءُ في النارِ).
  • الحياء يعتبر من كلام النبوات السابقة، فقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (إنَّ ممَّا أدْرَكَ النَّاسُ مِن كَلامِ النُّبُوَّةِ، إذا لَمْ تَسْتَحْيِ فاصْنَعْ ما شِئْتَ).
  • قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (ما كانَ الفُحشُ في شيءٍ إلَّا شانَهُ، وما كانَ الحياءُ في شيءٍ إلَّا زانَهُ).
  • قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (الحَياءُ لا يَأْتي إلَّا بخَيْرٍ).
  • عن أنس رضي الله عنه، قال: “بعثني أبو طلحة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لأدعوه، وقد جعل طعامًا، قال: فأقبلتُ ورسول الله صلى الله عليه وسلم مع الناس، فنظر إليَّ، فاستحييتُ فقلتُ: أجِبْ أبا طلحة”؛ [أخرجه مسلم].
  • قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الله حييٌّ يستحيي من عبده إذا مدَّ يديه إليه أن يردَّهما صفْرًا)؛ [أخرجه أبو داود والترمذي]
  • عن عائشة رضي الله عنها، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن عثمان رجل حيي)، وفي رواية: (ألا أستحي من رجل تستحي منه الملائكة)؛ [أخرجه مسلم].
  • قال عليه الصلاة والسلام: (إن الله عز وجل حييٌّ ستِّير، يُحِبُّ الحياءَ والستر، فإذا اغتسل أحدكم فليستتر)؛ [أخرجه أبو داود والنسائي].

 قصص الحياء في الإسلام يُمكنها الإشارة إلى أن تلك الصفة من أسمى الصفات الإنسانية التي يمكن أن يتمتع بها العبد المؤمن، وهي اقتداءً بأخلاق نبينا الكريم صلى الله عليه وسلم.