شرح حديث ثلاثة حق على الله عونهم يبعث في قلب المؤمن حُب الطاعات، والمُسارعة إلى فعلها؛ من أجل أن ينال رضا الله عز وجل، ويحصل على معونة الله وعنايته، فمن سارع في مرضاته وجاهد نفسه، فإنه كان حق على الله أن يعينه وييسر له أمره كله، ومن خلال موقع سوبر بابا نوافيكُم بالمزيد.

شرح حديث ثلاثة حق على الله عونهم

قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في الحديث الذي رواه أبي هريرة رضي الله عنه: ثلاثةٌ حقٌّ على اللَّهِ عونُهُم: المُجاهدُ في سبيلِ اللَّهِ، والمُكاتِبُ الَّذي يريدُ الأداءَ، والنَّاكحُ الَّذي يريدُ العفافَ“.

ففي هذا الحديث يبيّن لنا النبي ثلاثة صنوف من الناس، وجب على الله -سبحانه وتعالى- أن يعينهم ويوفقهم وييسر لهم أمورهم، وهُم:

  • المُجاهد في سبيل الله: وهو الذي يسعى لإعلاء كلمة الله -عز وجل- ونشرها بسلاحِه، ويحصل على عون الله، فيعينه على أمور الجهاد من أسلحة وعدة وغيرها من الأمور اللازمة.
  • المُكاتِب: وهو العبد الذي أخبره سيده أنه سيصير حرًا بعد أن يدفع مبلغ معين من المال قد اتفقوا عليه، فعندما يدفع هذا المال فإنه يُعتق، عندها يتفرغ لأمور دينه ودنياه، والنبي يُخبرنا أن الله سيعين هذا العبد أو المُكاتِب وييسر له هذا المبلغ الذي سيكون سببًا في حريته.
  • الناكح الذي يُريد العفاف: أي الشخص الذي يُريد أن ينكح ليحصّن نفسه من فعل الفاحشة فعندما يعزم على ذلك، فإن الله -عز وجل- يُعينُه وييسر له أمره.

قد خصّ تلك الأصناف الثلاثة بالذكر دون غيرها؛ لأنها من الأمور الشاقة التي يتعثر على كل صنف منهم الإتيان بها دون معية الله عز وجل وعنايته، ولأن كل واحد منهم كان يريد فعل أمر يُحبه الله ويرضى عنه، بل حث وندب إليه، فأثابهم بإعانته لهم ووعدهم بتيسير أمورهم، وكان هؤلاء الثلاثة حق على الله عونهم، فوحده سبحانه القادر على كل شيء.

اقرأ أيضًا: حديث من لا يشكر الناس لا يشكر الله

صحة حديث ثلاثة حق على الله عونهم

لا بُدّ على المؤمن أن يتأكد من صحة أي حديث يسمعه؛ حتى لا يُحدِث كذبًا عن النبي صلى الله عليه وسلم، فإن نسبة قول إلى النبي ليس له، إثمٌ عظيم وبهتان كبير.

أمّا حديث ثلاثة حق على الله عونهم.. فقد رواه أبو هريرة -رضي الله عنه -وهو من أكثر الرواة حديثًا عن النبي صلى الله عليه وسلم، وأخرجه الترمذي في صحيحه، وابن ماجه، والنسائي وغيرهم، وقال الألباني:حديث حسن”.

اقرأ أيضًا: صحة حديث يا معشر النساء تَصَدَّقْنَ فَإِنِّي رأيتكن أكثر أهل النار

أركان النكاح

إنّ النكاح من الأمور الهامة التي اعتنى بها الشرع الحكيم بدليل عناية الله تعالى للناكح الذي يريد العفاف، لذلك فإنه يوجد عِدة أحكام خاصة به، ويمكن أن نعدد أركان النكاح فيما يلي:

1- صيغة النكاح

المراد منها “الإيجاب والقبول” الحاصل بين الزوج ووليّ الزوجة، فالإيجاب هو أن يقول وليّ الزوجة: زوّجتك ابنتي، والقبول هو قول الزوج وأنا قبلت، فلا يصح أن يعقد النكاح من دون هذه الصيغة، حيث إنه ركن أساسي في العقد لا غنى عنه.

2- وجود الزوج

بديهي أنه لا يعقد النكاح دون وجود زوج، لكن الشريعة الإسلامية وضعت عِدة شروط يجب أن تتوافر في هذا الزوج، وهي على النحو التالي:

  • ألا يكون هذا الزوج من محارمها، أي لا يكون ممن يحرم زواجها منهم.
  • تحديد الزوج، وأن يكون معلومًا، فلا يجوز الزواج بمبهم أو مجهول كأن يقول الولي زوّجت ابنتي لأحدهم دون تحديد من هو.
  • ألا يكون هذا الزوج مُحرمًا بالحج أو العمرة، حيث إن نكاح الحاج أو المعتمر لا يصح.

3- شروط الزوجة

يشترط في الزوجة أن يتوافر بها عدة شروط ليتم عقد النكاح.

  • أن تخلو من موانع الزواج.
  • يتم الزواج على زوجة بعينها، بمعنى أن تكون الزوجة معلومة، فلا يصح أن يعقد الزواج على امرأة مبهمة أو غير معلومة.
  • ألا تكون تلك الزوجة مُحرمة بالحج أو العمرة حال العقد؛ لأنه لا يصح الزواج من حاجة أو معتمرة.

4- وجود الوليّ

من الأركان التي يجب توافرها في عقد النكاح وجود وليّ للمرأة، فلا يجوز للمرأة أن تزوج نفسها، سواء كانت صغيرة أو كبيرة، إلا في حالة الثيب جاز لها.

الدليل على ذلك قول النبي -صلى الله عليه وسلم- ما رواه أبو هريرة رضي الله عنه، وقال: “لا تزوِّجُ المرأةُ المرأةَ ولا تزوِّجُ المرأةُ نفسَها فإنَّ الزَّانيةَ هيَ الَّتي تزوِّجُ نفسَها”.

5- الشاهدان

ليتم عقد الزواج بشكل صحيح، وذلك لِما روته أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: لا نكاحَ إلَّا بوليٍّ وشاهدَيْ عَدلٍ وما كان مِن نكاحٍ على غيرِ ذلك فهو باطلٌ فإنْ تشاجَروا فالسُّلطانُ وليُّ مَن لا وليَّ له“.

اقرأ أيضًا: شرح حديث ثلاث جدهن جد وهزلهن جد

الحكمة من مشروعية النكاح

إن الله عز وجل لم يشرع للأمة أي من الأمور إلا لحكمة يعلمها، وهناك حكم كثيرة تبيّنت من مشروعية النكاح.

  • العفاف، فقد شرع الله عز وجل النكاح من أجل أن يعف الرجل والمرأة نفسيهما، ويشبعا حاجتهما التي خلقهما الله عليها، دون اللجوء لفعل الحرام.
  • الألفة والأنس بين الزوجين، فمن حكمة النكاح.. هو حصول المحبة والألفة والاستقرار بين الزوجين.
  • حفظ الأنساب من الاختلاط، وبالنكاح حكم ترابط القرابة بشكل كامل، فلا يحصل خلط للأنساب.
  • المحافظة على النسل البشري، وبالتالي كلما زاد عدد المسلمين، كلما نُشر هذا الدين.
  • المحافظة على الأخلاق، فإن النكاح حفظ الأخلاق من فعل الفاحشة والمنكرات التي قد تحدث بين أبناء المجتمع.

من رحمة الله على خلقه أنه يعينهم ويوفقهم إلى ما يحب ويرضى، فكلما بادر العبد إلى مرضاة الله، وابتعد عن كل ما يغضبه، فإن الله يُيسر له الأمر ويكون العبد تحت عنايته سبحانه ورعايته.