حوار بين طالبتين عن حسن الخلق يُعزز لديهما التحلي بالأخلاق الفاضلة، فهما تتبادلان أفكارًا ومعلومات من شأنها ترقية عقولهما، فينثرن الإفادة على غيرهم من الطلاب والطالبات، ومن خلال موقع سوبر بابا نتحدث عن الأخلاق الحسنة في إطار حواري شيّق.

حوار بين طالبتين عن حسن الخلق

إنّ الأخلاق الحسنة السامية هي التي تمثل صورة الإنسان في باطنه، فيكون محلها القلب وتتجلى في سلوكياته وتواصله مع الآخرين، فيُقاس العبد بأخلاقه وأعماله.. وتقوى قلبه.

لمّا كانت الأخلاق الفاضلة هي المعاقد الثابتة التي تُؤسس عليها الروابط الاجتماعية.. كما أنها الأساس في الدعوة إلى الإيمان والتعلق بالله، كان للنشء الصاعد أن يتفقه في معرفتها، مُدركًا أنه سيجد فيها ضالته، حتى يكون سويًا.

لذا، من خلال حوار بين طالبتين عن حسن الخلق نستطيع أن نُلم ببعض ما يجب أن يعلمه الطلاب من الأخلاق لتعزيز التحلي بها.

حور: صباح الخير صديقتي، علمتِ ما هو مطلوب منّا في مادة اللغة العربية؟

أروى: أخبرتني إحدى الزميلات أن المُعلمة تطلب موضوعًا بحثيًا نتعاون فيه معًا.

حور: وددت أن أُخبرك بموضوع يتلائم مع مقرر اللغة العربية، بأن نقدم إلمامًا بمكارم الأخلاق.. وأهميتها، والأدلة عليها، فما رأيك؟

أروى: أعجبني بالطبع، فهو غاية في الأهمية، ونحتاجه جميعًا كي نُجدد في أنفسنا العزيمة على التحلي بالخلق الصالح.. فلا نتخيل أي مجتمع دون مكارم الأخلاق، فما إن تحلى أفراده بالخُلق الحسن يكون المجتمع صالحًا.. فلعلك تخبرينني كيف يكون المجتمع دون تلك الأخلاق؟

حور: بلاء ليس مثله بلاء.. فلولا الصدق لما كان هناك مجالًا للثقة لأي علم أو معرفة، كذلك لا ضمانات للحقوق أو التزام بالواجبات، ولا يقتصر الأمر على ذلك فلي أن أخبرك المزيد.

  • دون التحلي بفضيلة الأمانة لا يكون هناك أمانًا واستقرارًا في المجتمع.
  • في غياب التعاون لا مجال للعمل في بيئة مُشتركة، والاستفادة من مُختلف المعارف.
  • لولا المحبة والإيثار ما كُتب للدول أن تصنع حضارات مُثلى.
  • دون فضيلة التآخي لما كان هناك اعتمادًا على الآخر في تقسيم العمل.
  • الشجاعة هي التي بنت المجد العظيم في المجتمعات.
  • البسالة والدفاع والتضحية هي التي ردّت العدوان والمُعتدين ووقفت أمام الطغاة المتجبرين في الأرض، ممن يسعون في الأرض فسادًا.
  • حُب العطاء هو ما جعل الإنسان يرتقي إلى مراتب الكمال الإنساني.. دون أن تسيطر الأنانية وحب الذات عليه.

اقرأ أيضًا: حوار بين شخصين عن الأخلاق سؤال وجواب

حُسن الخلق في القرآن الكريم

بدأ الحوار بين الطالبتين عن حسن الخلق بالاستعانة بتلك النصوص القرآنية التي تُعزز من موضوعهما البحثيّ، فيكون مستندًا إلى أدلة نقلية مؤكدة.

حور: لقد تضافرت النصوص الإلهية من محكم التنزيل على الأمر بالتخلق بمكارم الأخلاق الحسنة، أذكر منها مما حفظت ما يلي:

  • سورة الأحزاب: “مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ ۖ فَمِنْهُم مَّن قَضَىٰ نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ ۖ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا (23) لِّيَجْزِيَ اللَّهُ الصَّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ إِن شَاءَ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا (24)”.
  • سورة الإسراء: “وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا ۖ إِنَّكَ لَن تَخْرِقَ الْأَرْضَ وَلَن تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولًا (37)”.
  • سورة آل عمران: “الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ ۗ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (134)”.
  • سورة الأحزاب: “إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا (35)”.
  • سورة آل عمران: “فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ ۖ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ۖ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ ۖ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ (159)”.
  • سورة الفرقان: “وَعِبَادُ الرَّحْمَٰنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا (63) وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا (64) وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ ۖ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا (65) إِنَّهَا سَاءَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا (66) وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَٰلِكَ قَوَامًا (67)”.
  • سورة آل عمران: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (200)”.
  • سورة المائدة: “وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَىٰ ۖ وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۖ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (2)”.

أروى: صدق الله العظيم، أصبتِ يا حور.. فقد أمرنا الله تعالى بالتحلي بعظيم الصفات وجليلها منها:

  • الإحسان
  • الاعتدال
  • الألفة
  • الأمانة
  • الأناة
  • الإيثار
  • البر
  • التعاون
  • التواضع
  • حفظ اللسان
  • الحلم
  • الحياء
  • الرحمة
  • الرضا
  • الرفق
  • الستر
  • سلامة الصدر
  • الشجاعة
  • الشكر
  • الشورى
  • الصبر
  • الصدق
  • العدل
  • العزة
  • العفة
  • العفو
  • القناعة
  • الكرم
  • المروءة
  • المودة
  • الوفاء
  • الوقار

حور: صدقتِ، فهناك ارتباط وثيق بين الأخلاق الحسنة والدين الإسلامي، وهذا ما نراه في الشريعة الإسلامية بأركانها الأساسية النقلية ألا وهي القرآن والسُنة المُطهرة.

اقرأ أيضًا: حوار بين شخصين عن الصدق والأمانة

فضائل الأخلاق الحسنة من مشكاة النبوةّ

إنّ رسول الله –صلى الله عليه وسلم- هو المبعوث متممًا لمكارم الأخلاق، وتعلمنا منه الكثير من الأخلاق الفاضلة.. فلنا فيه أسوة حسنة، من هذا البيان نستكمل الحوار بين الطالبتين عن حسن الخلق.

حور: بالطبع نتعلم من خُلق رسول الله كل ما هو حَسن، وهو من أخبرنا في غير موضع وحديث شريف عن الصفات التي علينا أن نتحلى بها.

أروى: أذكر أكثر من حديث عن رسول الله يُحدثنا فيه عما يجب أن نتصف به حتى نكون صالحين.

  • عن أبي هريرة –رضي الله عنه- قال: “سُئِلَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ عن أَكْثرِ ما يُدخلُ النَّاسَ الجنَّةَ؟ فقالَ: تَقوى اللَّهِ وحُسنُ الخلُقِ، وسُئِلَ عن أَكْثرِ ما يُدخِلُ النَّاسَ النَّارَ، قالَ: الفَمُ والفَرجُ” (صحيح).
  • عن أسامة بن شريك –رضي الله عنه- قال: “كنا جلوسًا عند النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كأنما على رؤوسنا الطيرُ ما يتكلم منا مُتكلِّمٌ إذ جاءه أناسٌ فقالوا من أَحَبُّ عبادِ اللهِ إلى اللهِ تعالى قال أَحسنُهم خُلُقًا” (صحيح).
  • عن جابر بن عبد الله –رضي الله عنه- قال عن الرسول –صلى الله عليه وسلم- قال: “إنَّ مِن أحبِّكم إليَّ وأقربِكُم منِّي مجلسًا يومَ القيامةِ أحاسنَكُم أخلاقًا، وإنَّ مِن أبغضِكُم إليَّ وأبعدِكُم منِّي يومَ القيامةِ الثَّرثارونَ والمتشدِّقونَ والمتفَيهِقونَ، قالوا: يا رسولَ اللَّهِ، قد علِمنا الثَّرثارينَ والمتشدِّقينَ فما المتفَيهقونَ؟ قالَ: المتَكَبِّرونَ” (صحيح).
  • عن أبي هريرة –رضي الله عنه- قال إن الرسول –صلى الله عليه وسلم- قال: “أكْملُ المؤمنينَ إيمانًا أحسنُهُم خلقًا، وخيارُكُم خيارُكُم لنسائِهِم” (صحيح).
  • عن أبي ذر الغفاريّ –رضي الله عنه- قال إن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- قال: “اتَّقِ اللَّهَ حيثُ ما كنتَ، وأتبعِ السَّيِّئةَ الحسنةَ تمحُها، وخالقِ النَّاسَ بخلقٍ حسنٍ” (صحيح).

حور: مما ذكرتيه نجد أن هناك الكثير من الفضائل للخُلق الحسن.. تتضح على النحو التالي:

  • أنها من أسباب دخول الجنة.
  • تُعتبر من أسباب محبة الله للعباد.
  • ينال بها العبد محبة رسول الله.
  • يكون العبد طائعًا لأوامر الله ورسوله.
  • تُعتبر مكارم الأخلاق أثقل ما في ميزان العبد يوم القيامة.
  • تَضاعف الأجر والثواب لصاحبها.
  • تُعد من خير أعمال العباد.
  • تُعتبر علامة على كمال الإيمان.
  • تزيد من عمر العبد وتُعطيه بركة في المال والأولاد، وتُعمّر داره.
  • إنّ الأخلاق الحسنة من مقومات شخصية المُسلم.
  • تظهر آثارها إيجابيًا على المجتمع.
  • تُثمر ما إن أقامها المُسلم على وجه أكمل.
  • تزرع في نفس صاحبها سموًا ورقيًّا، فتكون أساسًا للفلاح والصلاح.
  • حسن الخلق يجعل المجتمع محصنًا من أي عامل للتردّي والانحطاط.
  • لا تُبتلى الأمم في ضعف الإمكانات بقدر ما تُبتلى في قيمها الخلقية السائدة.

اقرأ أيضًا: حوار بين ثلاث أشخاص عن العمل التطوعي

التحليّ بالأخلاق الحسنة

في ختام الحوار بين الطالبتين عن حسن الخلق، كان كلًا منهما وصل إلى إيمان مؤكد وقناعة بأن الأخلاق الفاضلة هي السبب وراء الفلاح وصلاح الحال.

أروى: سيكون موضوعنا البحثيّ بالفعل غاية في الأهمية لكثير من الطلاب، ولنشمله بالأدلة وتفسيرها، حتى يتسنى لهم إدراك المضمون والمغزى على أفضل نحو.

حور: كذلك ليكون سببًا في تغيير سلوك البعض منهم إلى الأفضل، فيُطبقون ما ذُكر بشكل عمليّ، ويُعاملون الغير بحسن الخلق، فيبذلون المعروف، ويكفون الأذى، ويُقدمون الإحسان.. ونساعدهم على اتباع كيفية تحسين الخلق:

  • أداء العبادات والالتزام بها، فالعبادة جزء لا يتجزأ من الخلق الفاضل، كما أنها مقرونة بتقويم النفس وتهذيبها.
  • قراءة القرآن والتفقه في آياته، واتخاذ الوعظ السديد على لسان النبيّ صلوات الله وسلامه عليه.. فالموعظة الحسنة سبب في تحسين الأخلاق.
  • مجاهدة النفس والتدريب على ذلك، حتى تعتاد على التصرفات القويمة، وأن تكون بمنأى عن الخلق والسلوك السيء.
  • اللجوء إلى الله بالدعاء.. على غرار تلك الصيغة: “اللهمَّ أنت الملكُ لا إله إلا أنت، أنت ربّي وأنا عبدُك، ظلمتُ نفسي واعترفتُ بذنبي، فاغفرْ لي ذنوبي جميعاً، إنّه لا يغفر الذنوبَ إلّا أنت، واهدِني لأحسنِ الأخلاقِ، لا يهدي لأحسنِها إلّا أنت، واصرِفْ عني سيِّئَها، لا يصرفُ عني سيِّئَها إلّا أنت“.
  • النظر إلى الثواب والجزاء العظيم الذي يمنحه الله لمن كان خلقه حسنًا.

إنّ الحوار من أساليب تداول الأفكار أخذًا وردًا، ويُمكن أن يكون بنّاءً إن استهدف موضوعًا هامًا، على غرار الحوار بين طالبتين عن حسن الخلق.