حوار بين شخصين عن الأخلاق الحسنة يُبرز أهميتها في صلاح النفوس وتهذيبها وتقدم الشعوب، فنادت جميع الأديان بالأخلاق الكريمة والبعد عن السيء من الأمور.. لذا يُبين موقع سوبر بابا الأخلاق الحميدة في حوار بين شخصين.

حوار بين شخصين عن الأخلاق الحسنة

الأخلاق هي ما يترسخ في نفس الإنسان من مبادئ وقواعد وعقائد، ويتعامل بها مع الناس بشيء من التلقائية بفضل تأصلها في جوهره واعتياده على التعامل بها دون تزييف.

لذا يجب أن يكون للعبد أخلاق نبيلة وحسنة تظهر في كل ما يقول ويفعل وتعكس صورته الداخلية للآخرين، علاوةً على أن في ذلك الاقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لأنه من تمم مكارم الأخلاق.. لذا تُناقش مريم وأميرة الأخلاق النبيلة التي تُعد محل بحثهم الجامعي في ذلك الأسبوع.

مريم: صباح الخير يا عزيزتي أميرة.

أميرة: صباح الخير، كيف حالك؟

مريم: أشعر بالتوتر وأن لديّ الكثير من الأفكار المُتخبطة بشأن البحث عن الأخلاق الحسنة.

أميرة: ولما ذلك، فلنبدأ معًا.. فيمكنني أن أسرد ماهية الأخلاق الحسنة النبيلة التي تأمر بها جميع الأديان السماوية لا سيما الدين الإسلامي، الذي اعتمد على الوحي كمصدر لهذه الأخلاق، منها: الأمانة – التواضع – عزة النفس – الستر – الرحمة – التعاون – الإحسان – الصبر – القناعة – الوقار – الشجاعة – الكرم – الإيثار– الرفق –الوفاء.

مريم: يمكنني أن أؤكد لكِ أن مصدر الالتزام بهذه الأخلاق هي شعور العبد أن الله يراه، ويجب أن يكون لديه ضمير ليتصرف وفق ذلك.

اقرأ أيضًا: حوار بين شخصين عن الأخلاق سؤال وجواب

خصائص الأخلاق الحسنة

أهم ما على العبد الذي يتصف بالأخلاق الحسنة أن يتصرف بها من تلقاء نفسه، بالتالي يكون اكتسبها وتشبعت به.

مريم: لكن هل تعرفين يا أميرة شروط هذه الأخلاق؟

أميرة: لم تعد للأخلاق الحسنة شروط، لكن لها خصائص تتمثل في:

1- إعطاء النفس حقها

حيث لا يمنع العبد نفسه مما تحتاج من شهوات ورغبات، لكن على العبد أن يلبيها في الطرق الشريعة التي أتاحها الله له، فقال تعالى: قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ“.

فوفقًا الضوابط الشرعية التي بيّنها الدين الإسلامي الحنيف على العبد تلبية حاجة نفسه بما ترغب، بالتزامن مع إشباع روحه بالتقرب إلى الله والالتزام بالعبادات.

2- أن تكون جوهرية

فلا يتسنى للعبد أن يتبع الأخلاق الحسنة في كل ما يصدر منه من تصرفات وهو لا يؤمن بما يقوم به، فهو يفعل ذلك رياءً لمن حوله ولكي يصل إلى هدف دنيوي في عقله.

بينما يجب أن تصل الأخلاق الحسنة إلى نوايا العباد ودواخلهم وأن تكون التصرفات الخارجية ليست إلا وفق مقاصد داخلية، فقال نبي الله صلى الله عليه وسلم: إنَّما الأعمالُ بالنِّيَّاتِ وإنَّما لِكلِّ امرئٍ ما نوى“.

3- الأخلاق الحسنة صالحة دائمًا

يجب أن يتضمن بحثنا عن الأخلاق الحسنة أن الأخلاق الحسنة لا تأتي صيحة الموضة وتمحيها أو تظهر أخلاق حديثة منها تُناسب هذه الآونة، بل الأخلاق الحسنة مُناسبة لكل زمان ومكان.

قال تعالى: وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ

كما قال تعالى: لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ.

4- يقتنع بها عقل العبد ويرضى قلبه

عندما يبدأ العبد باتباع الأخلاق الحميدة يجب أن يقتنع بها ويرضى بها قلبه ولا تخالف أهواء نفسه، فقال تعالى: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ * إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ“.

اقرأ أيضًا: حوار بين شخصين عن الاحترام وأهميته

كيفية التحلي الأخلاق الحسنة

يبدأ الإنسان في التركيز على تصرفاته رويدًا حتى تكون الأخلاق الحميدة جزء من تصرفاته.

مريم: بالفعل، وعلى العبد المُداومة على بعض التصرفات التي بدورها تحفز لديه الأخلاق الحميدة.

  • التدرب على الأخلاق الحميدة ومحاولة الاعتياد على ترسيخها في النفس للتصرف بها بتلقائية، فإن لم تكن في طباع الإنسان تصبح جزء منه فيما بعد.
  • يبدأ العبد في التصرف طوال الوقت على يقين بأن الله يراه ويستحي من ذلك، ويضع أمامه عقاب الله الشديد عن كل ما يرغب في القيام به وكان مُنكر، ويضع أمامه أيضًا الثواب العظيم الذي يحصل عليه عند فعله.
  • الاقتداء بصالح القوم والحسن منهم، فعلى العبد المسلم أن يتبع الأخلاق الحسنة ويحاول تطبيقها حتى في كلماته.

أهمية الأخلاق الحسنة

ربط الله عز وجل الوصول إلى الإيمان والعمل الصالح بالأخلاق الحميدة، حيث أمر الإنسان بالتحلي بالأخلاق التي تنم عن جوهر دينه.

أميرة: وماذا عن أهمية الأخلاق الحسنة؟ هل تعرفينها كاملة أم أسردها لكِ؟

مريم: كنت مُلمة ببعضها لكنك عليكِ بتذكرتي بها.

أميرة: بالطبع يا عزيزتي، فهي تتمثل في:

1- طاعة أمر الله ورسوله

حيث قال الله تعالى: إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ، وقوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ.

كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اتق الله حيثما كنت، وأتبع السيئة الحسنة تمحها، وخالق الناس بخلق حسن، فبالالتزام بالأخلاق الحسنة يحصل العبد على أجر طاعة الله ورسوله.

2- الربط بين تصرفات المسلم ومعتقداته

على العبد أن يربط بين أخلاقه التي تنم عنها التصرفات المختلفة الصادرة منه بدينه الذي يؤمن ويعمل به، فقال تعالى: وَأَقِمِ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ، فإن لم تنهى صلاة العبد وعباداته الخالصة إلى الله عز وجل عن سوء أخلاقه، لم يكون هُناك الرابط بين ما يقوم به وما يفعله.

3- ضرورة اجتماعية

لا يمكن لأفراد المجتمع أن يعيشوا في حالة من السلام والمساواة والعدل إلا بالالتزام بالأخلاق الحسنة التي توطد الروابط بينهم وبين بعضهم البعض، فلا يمكن أن يقوم المجتمع على أساس تبادل المنافع والمصالح فقط، فذلك لا يحقق حقيقة إعمار الكون من قِبل الإنسان.

4- مقومات شخصية المسلم

قال الله تعالى: “يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ، ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنَّ الله لا ينظر إلى أجسادكم، ولا إلى صوركم، ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم“.

لذا تشير الأخلاق الحميدة والتمسك بها وإظهارها في كل قول وفعل إلى الصورة الداخلية للإسلام، التي تسكن القلب وتملأ الروح، فالإنسان لا يُحاسب على عظمته أو جماله أو قدر إنجازه؛ بل يُحاسب على أعماله الصالحة وقدر الإيمان بقلبه.

5- الآثار الجيدة في سلوك الفرد

تترك الأخلاق الحسنة الأثر الجيد في شخصية الفرد من الشعور بالرضا وتحقيق التكافؤ والالتزام بالحياء، حيث ينم عن ذلك نجاة العبد وفلاحه في الدنيا والآخرة، فقال تعالى: قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا“.

اقرأ أيضًا: حوار بين شخصين عن احترام المعلم قصير

فضائل الأخلاق الحسنة

جاء نبي الله صلى الله عليه وسلم مُتممًا للأخلاق التي جاء بها ما قبله من الأنبياء، والأمم التي تبتعد عن الأخلاق الحسنة يصيبها وذمة أخلاقية لا تتمكن من اللحاق بما حولها من الأمم أو حتى التقدم على إثرها.

مريم: لأخبرك أنا يا صديقتي بفضائل الالتزام بالأخلاق الحسنة من قِبل العباد، وهي ما تأتي على النحو الآتي:

1- سبب من أسباب دخول الجنة

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنا زعيم ببيت في ربض الجنة لمن ترك المراء وإن كان محقًّا، وببيت في وسط الجنة لمن ترك الكذب وإن كان مازحًا، وببيت في أعلى الجنة لمن حسن خلقه.

كما روى أبو هريرة رضي الله عنه إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أكثر ما يدخل الناس الجنة فقال: تقوى الله وحسن الخلق، وسئل عن أكثر ما يدخل الناس النار فقال: الفم والفرج“.

2- نيل حب المولى عز وجل ورسوله

قال الله تعالى:وَأَنفِقُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوَاْ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “أحب عباد الله إلى الله أحسنهم خلقًا“، كما قال نبي الله صلى الله عليه وسلم: إنَّ من أحبكم إليَّ وأقربكم مني مجلسًا يوم القيامة أحاسنكم أخلاقًا“.

3- تعظيم الثواب

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: المسلم المسدد ليدرك درجة الصوام القوام بآيات الله عزَّ وجلَّ لكرم ضريبته وحسن خلقه، بالإضافة إلى قوله صلى الله عليه وسلم: يا أبا ذرٍّ، ألا أدلك على خصلتين هما أخف على الظهر، وأثقل في الميزان من غيرهما؟ قال: بلى يا رسول الله. قال: عليك بحسن الخلق، وطول الصمت، فو الذي نفس محمد بيده، ما عمل الخلائق بمثلهما.

قد يوسوس الشيطان للعباد أنه إن تسامح يكون قد أذل نفسه وتنازل عن حقه، لكن على العبد أن يختار الضعف والعجز على أن يقوم بالأفعال المُشينة التي تغضب ربه.