حديث عن بر الوالدين قد يغرس في قلب الأبناء الإحسان إلى الوالدين وبرهما، حيث إن بر الوالدين من الأمور التي حثّت عليها الشريعة الإسلامية كثيرًا، وذلك نظرًا لفضلهما ومكانتهما، ومن خلال موقع سوبر بابا يمكن التحدث عن ذلك.

حديث عن بر الوالدين

إن بر الوالدين من أفضل العبادات التي حثّنا الله عليها وأمرنا بها، ولِعظم شأنها، فإن الله عز وجل قرن الأمر بها بعبادة الله عز وجل، حيث قال تعالى: وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا ۖ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا..” وهذا إنما يدل على أهمية تلك العبادة، وكأن الله عز وجل يقول لا تكتمل عبادتي ما لم تحقق بر الوالدين وتحسن إليهما.

وقد ظهرت تلك العناية الكاملة بالوالدين وبرهما في السنة النبوية، حيث إنّ النبي صلى الله عليه وسلم حثنا في الكثير من الأحاديث على بر الوالدين والإحسان إليهما.

حيث روى أبو هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “رَغِمَ أنْفُهُ، ثُمَّ رَغِمَ أنْفُهُ، ثُمَّ رَغِمَ أنْفُهُ قيلَ: مَنْ؟ يا رَسولَ اللهِ، قالَ: مَن أدْرَكَ والِدَيْهِ عِنْدَ الكِبَرِ، أحَدَهُما، أوْ كِلَيْهِما، ثُمَّ لَمْ يَدْخُلِ الجَنَّةَ.

يقول النبي صلى الله عليه وسلم هنا “رغم أنف” أي اختلط أنفه بالطين، وكررها ثلاثًا لمزيد من التنفير والزجر وعندما سأله الصحابة رضوان الله عليهم من هو ذلك، أخبرهم مَن أدركَ وَالدِيْه -أحدَهما أوْ كَليْهِما- عندَ الكِبَرِ، فَلَمْ يَدخُلِ الجنَّةَ” أي أنه يُحرم من دخول الجنة بسبب عقوقه لوالديه.

فمن كان لديه والدين لابد أن يحرص على خدمتهما وبرهما، خاصةً عن الكبر، لأنهما أضعف وأحوج إليه من أي وقت آخر، فيكون بره لهما سببًا في دخوله الجنة، وعلى الرغم من أنه ذكر حالة الكبر، إلا أن برهما واجب على أي حال، في الكبر والصغر، في الصحة والمرض.

قد بين الله عز وجل كيفية البر بهما والإحسان إليهما في القرآن الكريم حيث قال تعالى: وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ۚ إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا (23) وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا (24)

فبين الله لنا كيفية رعايتهما والإحسان لهما، والصبر عليهما، فلا يجوز الضجر منهما لكثرة مطالبهما ونحوه، بل يجب على المرء أن يقول لهما قولًا لينًا، ويكون رحيمًا بهما، وعليه أن يدعو لهما بالرحمة والمغفرة، ويطيعهما ما داما لم يأمراه بمعصية الله عز وجل، فبرهما واجب، وعقوقهما كبيرة.

اقرأ أيضًا: حديث عن بر الوالدين للإذاعة المدرسية

أحاديث عن الإحسان للوالدين

وردت الكثير من الأحاديث التي حثّ فيها النبي على الإحسان للوالدين وبرهما.

1- ما رواه عبد الله بن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: “سَأَلْتُ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: أيُّ العَمَلِ أحَبُّ إلى اللَّهِ؟ قالَ: الصَّلاةُ علَى وقْتِها، قالَ: ثُمَّ أيٌّ؟ قالَ: ثُمَّ برُّ الوالِدَيْنِ، قالَ: ثُمَّ أيٌّ؟ قالَ: الجِهادُ في سَبيلِ اللَّهِ، قالَ: حدَّثَني بهِنَّ، ولَوِ اسْتَزَدْتُهُ لَزادَنِي”.

من حرص صحابة رسول الله رضوان الله عليهم أنهم كانوا يسألون النبي صلى الله عليه وسلم عن كل عمل يقربهم إلى الله عز وجل، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يجيبهم بما ينفعهم، ومن ذلك قال لهم رسول الله أن أفضل عمل قد يقرب العبد من ربه هو الصلاة على وقتها.

فعلى المسلم أن يحرص على أداء الصلاة في أول وقتها عند سماع الأذان مباشرةً، وكانت أفضل الأعمال نظرًا لفضلها ومكانتها، ومن أجل الحرص على أداءها دون تهاون أو تقصير.

ثم سألوا النبي صلى الله عليه وسلم أي العمل أفضل بعد الصلاة، فأجابهم النبي صلى الله عليه وسلم بأنه بر الوالدين، وطاعتهما، والرفق والرحمة واللين بهما، وجاء هنا بر الوالدين وهو حق للعباد بعد الصلاة وهي حق الله عز وجل، وهذا يدل على عظمها وفضلها،

فقال الله عز وجل: “أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ (14)” فجاء حق العباد بعد حق الله عز وجل.. ثم بين رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أفضل الأعمال بعد بر الوالدين هو الجهاد في سبيل الله، أي من أجل إعلاء كلمة الله سبحانه وتعالى.

فخصّ النبي صلى الله عليه وسلم تلك الأعمال دون غيرها بأنها أفضل الأعمال، لأن تلك الأمور هي أفضل الأعمال بعد الإيمان بالله عز وجل، فكان فواتها أشد استخفافًا، وأعظم تهاونًا.

2- ما رواه عبد الله بن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: “رِضى اللَّهِ في رِضى الوالِدَينِ، وسَخَطُ اللَّهِ في سَخَطِ الوالدينِ”،

النبي صلى الله عليه وسلم يخبرنا في هذا الحديث أن من أراد إرضاء الله عز وجل، فليحسن إلى والديه ويبرهما بكل وجه من أوجه البر، وبالتالي فإن الله عز وجل يرضى عنه ويجازيه على بره بهما، ويغفر له ذنوبه.

ثم قال “سَخَطُ اللهِ في سَخَطِ الوالدَيْنِ” وهذا يعني أن من الإساءة إليهما بقول أو فعل وعقوقهما، وكون الوالدين غير راضيين عن ولدهم، كل ذلك من الأسباب الموجبة لسخط الله عز وجل عن العبد.

فمن حقق رضى الله عز وجل فاز بالجنة، وتحققت له المغفرة من الله عز وجل، أما سخط الله عز وجل عن العبد، مؤشر لهلاكه وضياعه، لذلك يجب الحرص على رضى الوالدين وبِرهما وطاعتهما، حتى تتحقق للعبد رضا الله عز وجل.

3- ما رواه أبو هريرة رضي الله عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “جَاءَ رَجُلٌ إلى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، فَقالَ: مَن أَحَقُّ النَّاسِ بحُسْنِ صَحَابَتِي؟ قالَ: أُمُّكَ قالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قالَ: ثُمَّ أُمُّكَ قالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قالَ: ثُمَّ أُمُّكَ قالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قالَ: ثُمَّ أَبُوكَ. وفي حَديثِ قُتَيْبَةَ: مَن أَحَقُّ بحُسْنِ صَحَابَتي وَلَمْ يَذْكُرِ النَّاسَ”.

لما كانت الأم قد تحملت من الألم الكثير، فقد سهرت وتعبت وحملت ووضعت من أجل أولادها، لذلك خصّها الشارع بمزيد من العناية والاهتمام، لذلك كانت أحق الناس بصحبته، ثم جاء الأب بعدها في حق الصحبة والبر والإحسان.

فهنا عندما سُئل النبي صلى الله عليه وسلم بمن أحق الناس بحسن الصحبة فأجاب النبي صلى الله عليه وسلم انها الأم، ثم عندما سئل مرة أخرى كانت اجابته عليه الصلاة والسلام واحدة فقال: “أمُّك، قال: ثمَّ مَن؟ قال: أمُّك” وبذلك يكون قد أكد على فضلها وحقها على ولدها، ثم قال في الرابعة “ثم أبوك”.

ذِكر النبي صلى الله عليه وسلم للأم ثلاثًا، والأب مرة، هذا لا يعني التقليل من حق الأب على ولده، وإنما هو زيادة تأكيد على حق الأم، وهذا بسبب أفضالها الكثيرة على ولدها، لذلك كررها النبي صلى الله عليه وسلم، لكن الإحسان للوالدين واجب وحق لكلاهما.

اقرأ أيضًا: حوار بين شخصين عن بر الوالدين وعقوقهما

أحاديث عن عقوبة عقوق الوالدين

إن عقوق الوالدين إثم عظيم وذنب كبير، فهو من أكبر الكبائر، وقد توعد الله عز وجل للعاق بعقوبة عظيمة، وقد وردت الكثير من الأحاديث التي تبين ذلك.

ما رواه عبد الله بن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “ثلاثٌ لا يدخلون الجنةَ ولا ينظرُ اللهُ إليهم يومَ القيامةِ العاقُّ والدَيه والمرأةُ المترجلةُ المتشبهةُ بالرجالِ والديوثُ وثلاثةٌ لا ينظرُ اللهُ إليهم يومَ القيامةِ العاقُّ بوالدَيه والمدمنُ الخمرَ والمنانُ بما أعطى”.

في هذا الحديث يذكر النبي صلى الله عليه وسلم بعض الكبائر التي حذرنا الإسلام منها، وبين عقوبتها، فذكر النبي صلى الله عليه وسلم هنا ثلاثة صُنوف من الناس لا يدخلون الجنة وهم: “العاق والديه” وهذا العقوق بيكون بصور عديدة، فقد يكون بالضر والسب، أو بعدم إظهار الرحمة والرفق لهما، الضجر من كثرة مطالبهما، أو عدم الإنفاق عليهما ونحو ذلك من صور العقوق.

فبذلك يكون ارتكب كبيرة عوقب عليها بالمنع من دخول الجنة مع السابقين، إذا أصر على عقوقه ولم يتب قبل موته، وكذلك “المرأة المترجلة المتشبهة بالرجال” فهي كذلك لا تدخل الجنة، “والديوث” وهو الذي لا يغار على أهله، ويرضي بالفاحشة فيهم.

ثم ذكر صنوف أخرى لا ينظر الله إليهم يوم القيامة، “العاق” وذكره مرة أخرى تأكيدًا على عظم ذنبه، وكذلك “مدمن الخمر” وهو الذي داوم على شرب المُسْكرات التي تذهب العقل، وكذلك “المنّان بما أعطى” وهو الذي يعطي ليمن على من أعطى له فيظل يذكره بأنه ساعده وتصدق عليه وتفضل.

فالحديث يحذر من كبائر الذنوب التي تؤدي لغضب الله ومنها عقوق الوالدين، وترغب في فعل ما يرضي الله عز وجل حتى تفوز بمحبة الله عز وجل، فتنال كل الخير.

ما رواه أبو بكرة عن النبي صلي الله عليه وسلم قال: كلُّ ذنوبٍ يؤخِرُ اللهُ منها ما شاءَ إلى يومِ القيامةِ إلَّا البَغيَ وعقوقَ الوالدَينِ، أو قطيعةَ الرَّحمِ، يُعجِلُ لصاحبِها في الدُّنيا قبلَ المَوتِ“.

يبين النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث، أنه ليس هناك من الذنوب أعظم من البغي وهو الظلم والجور، ومن عقوق الوالدين وهو عدم البر والإحسان إليهما، وأن الله عز وجل من عظم تلك النوب فإنه يُعجل بالعقوبة في الدنيا لهذه الأصناف، قبل عقاب الأخرة الذي توعدهم به.

فالحديث يحذر من عقوق الوالدين، ويأمر ببرهما والإحسان إليهما، ويحذر كذلك من الظلم ويأمر بالعدل والقسط بين الناس.

ما رواه علي بن أبي طالب رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لعن اللهُ من عقَّ والدَيهِ“.

فالنبي صلى الله عليه وسلم يُبين لنا في هذا الحديث، أن العاق لوالديه يكون مطرودًا من رحمة الله عز وجل، وهذا جزاء عظيم – نسأل الله العفو والعافية – وذلك لأنه لم يحسن معاشرة والديه، ولم يرفق بهما، أو تسبب في لعنهما من الناس، أو فرق بينهما وبين أولاده وزوجته، ونحو ذلك.

لذلك على الإنسان أن يحذر من عقوق الوالدين، وأن يبادر بالتوبة من كل ما صدر منه من عقوق، حتى لا يطرد من رحمة الله عز وجل، وهذا إنما يدل على حرص الشارع بالوالدين والإحسان لهما.

إن فضل الوالدين على ولدهما عظيمًا قد بلغ مداه، ومهما حاول الابن جاهدًا لن يوفي حقهما عليه، ولذلك كان برهما من أفضل العبادات.