الفرق بين الكافر والمشرك كبير ولا بُد أن يُفرق المُسلم بينهُما بعد الاختلاط الذي انتشر بين الناس؛ فيعتقدون أن كلاهُما واحد.. إلا أننا من خلال موقع سوبر بابا يسعنا لنتطرق لتوضيح الأمر تفصيليًا.

الفرق بين الكافر والمشرك

إن لكلاهُما عذاب عظيم، وقد توعد الله للكافر والمُشرك، إلا أننا لا نستطيع التفرقة بينهُما سوى بالتطرُق إلى معناهُما اللفظي والشرعي؛ لمساحة الاتفاق والاختلاف بينهُما.

أولًا: تعريف الكفر

الكفر من حيث اللغة يطلق على الستر والغطاء، فمن غطى شيئًا أو ستره فهو كفره، ومنه التكفير عن الجريمة أو الذنب، فيقال كفر فلان عن ذنبه أي دفع مما يملك لكي يمحو هذا الذنب، ولذلك استخدمت في اللغة الإنجليزية وكثير من اللغات الحية بنفس المعنى، فكلمة cover تعني الغطاء أو التغطية.

يطلق مصطلح الكفر على الكفر بالله، أي تغطية ذات الله ومنعه من حقه، فحقه العبادة وأي تنحيه له سبحانه عن حقه الواجب بعبادته يعد كفرًا به بقسميه الاثنين بحسب ما يمنعه الإنسان من أداء هذا الحق ربه.

أنواع الكفر

الكفر في الإسلام نوعان، أحدهما أشد خطرًا من الآخر، وأكثر في درجة المعصية:

1- كفر الجحود

هو الكُفر الذي لم يترك صاحبه الإيمان بالله ويعترف بوجوده، ولكنه يجحد حق الله فلا يشكره ويعتبر أن الخير الذي وصله من طريق غير الله، فيسمى كفر الجحود، وفيه قال الله سبحانه:

إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا“، فجعل الكفر نقيضًا للشكر، وقال أيضًا: “وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ وَمَن يَشْكُرْ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ“.

2- كفر النكران

إنه الكفر الذي يخرج صاحبه من الملة، وهو إنكار وجود الله أو إنكار ألوهيته سبحانه، وبذلك يكون نقيضه هو الإيمان، فقال الله: “هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنكُمْ كَافِرٌ وَمِنكُم مُّؤْمِنٌ“.

هم الذين توعدهم الله بالخلود في النار، فقال سبحانه: “إِنَّ اللَّهَ لَعَنَ الْكَافِرِينَ وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيرًا* خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا لَا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا“، بخلاف كفر الجحود الذي يخلد صاحبه في النار.

ثانيًا: تعريف الشرك

الشرك أن تعرف حق الله وأنه يتصرف في ملكه.. ولكنه لا يتصرف وحده فيوجد غيره متصرف في ملكه معه، أي أن معه شريك في أفعاله ومن الممكن أن يؤدي شريكه نفس عمله.

ربما لا يعترف العبد بذلك ولا يقصده ولا يعرف بأنه يشرك بالله، ولكنه يعظم ذلك الشريك تعظيمًا يدخله في الشرك بنوعيه.

أنواع الشرك

على الرغم من عِظم العقاب والسوء الذي يعتقده المُشرك، إلا أن الفرق بين الكافر والمشرك كبير يتبين في أنواع الشرك.

1- شرك أكبر

هو أن يجعل العبد لله ندا في الخلق أو في التشريع أو العبادة، فهذه الأمور لا تحق لغير الله سبحانه، فإذا منحها الإنسان لغير الله فقد أشرك، فمن ذبح لغير الله ومن صلى باتجاه صنم أو بيت أو قبر، ومن دعا لشخص غير الله بقوله استجب لي أو افعل لي كذا فهذا من الشرك الأكبر؛ لأن هذه عبادات وأي عبادة تصرف لغير الله فتعني الشرك.

2- شرك أصغر

الطريق الموصلة إلى الشرك الأكبر، فمثاله القسم أي الحلف، فقال الرسول صلى الله عليه وسلم: (من حلف بغير الله فقد أشرك)؛ لأن الحلف نوع من التعظيم.. فالخشية أن يصل التعظيم بالإنسان إلى الشرك الأكبر، ومثاله الآخر قول “توكلت على الله وعليك” فلا يساوي أحد أحدًا مع الله.

حالات تجمع الكافر والمشرك

من خلال التعريفات السابقة ندرك بوضوح الفرق بين الكافر والمشرك.. فبينهما اجتماع في أمور وافتراق في أخرى، ويمكن تقسيمهم إلى حالات ثلاث، وهي:

1- حالة اشتراك الكفر مع الشرك في حكم واحد

هذه الحالة حينما يكون الكفر مساويًا للشرك، حيث إن إنكار وجود الله تمامًا يساوي أن تمنح غيره خصائصه معه؛ فالله كما يقول في الحديث القدسي: “أنا أغْنَى الشُّركاءِ عنِ الشِّركِ، مَنْ عمِلَ عملًا أشركَ فيه معِيَ تركتُهُ وشِركَهُ” فالله عز وجل لا يقبل أن يكون معه شريك في ملكه.

جزاؤهم عند الله واحد فلا يوجد فرق بين الكافر والمشرك أبدًا؛ فكلاهما فيه غضب الله وعذابه، قال تعالى: “إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا” البينة، الآية 6

2- حالة الكفر أعظم من الشرك

في هذه الحالة عند المقارنة بين الكفر الأعظم والشرك الأصغر أو حتى الخفي يكون الكفر أعظم، لأن الكفر يخرج من الدين، والشرك لا يكون مخرجًا منه، فالشرك الخفي يغيب عن ذهن صاحبه لأنه قد يقصد بعمله غير الله وهو لا يدري.

كثير منا يقع في الشرك الخفي أو ما يعبر عنه بالرياء في العمل ويخفى عليه فيحتاج إلى الانتباه الشديد، فقال أبو موسى الأشعري رضي الله عنه: خطبنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ذات يوم فقال: (أيها الناس اتقوا هذا الشرك؛ فإنه أخفى من دبيبِ النمل) رواه أحمد.

لا يمكن معرفة هذا الشرك ولا الجزم بوجوده لأنه يخفى على الناس كلهم ولا يعرفه إلا الله الذي يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور، ولكنه رغم خفائه الشديد عظيم الخطر وقد يحبط كل العمل.

3- حالة الشرك أعظم من الكفر

رغم العجب في هذا العنوان إلا أنه صحيح، فإذا اجتمع الشرك الأكبر مع كفر الجحود بأن يوجه الإنسان شكره لمخلوق ويظن أنه الذي وهبه تلك النعم التي أنعم الله عليه؛ فالشرك حينئذ يكون أكبر بكثير.

فالشرك يتحقق إذا توجه العبد بأي مظهر من مظاهر العبادة لغير الله سبحانه فيتركه الله ولا ينظر لهذا العمل؛ فالله لا يقبل إلا العمل الخالص.

كيفية التخلص من الشرك والكفر

الشرك والكفر ذنوب عظيمة قال الله عنهما: “إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء“، وأخشى ما يخشاه المسلم أن يموت وهو يشرك بالله، فمن وقع في هذا الذنب بعلم أو بجهل فإن باب التوبة مفتوح على مصراعيه بشرط أن تكون قبل الموت.

فكل الذنوب يغفرها الله لمن تاب ولكن بشرط أن تكون قبل غلق الباب الفردي قبل الغرغرة، والجماعي بطلوع الشمس من مغربها؛ فحينها لا توبة ولن ينتفع بها التائب، لأن توبته بعد أن أغلق الباب.

التوبة من الشرك والكفر بالتوحيد الخالص لله فهو الذي يستحق وحده العبادة ولا يوجد في كونه مخلوقات يمكننا مقارنتها به، فالله أكبر وأعظم وأجل وأقدر من كل مخلوقاته، فكيف يكون له نظير أو ند في ملكه فضلًا عن أن يكون بديلًا عنه.

فتوحيد الله شكره هو الذي يرضاه ربنا سبحانه من عباده فيقول سبحانه لعباده: “إِن تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنكُمْ وَلَا يَرْضَىٰ لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ وَإِن تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ“؛ لأنه يحب أن يغفر لنا ولا يريد أن يعذبنا فنرضى بما رضيه الله لنا.

 

إن الله تعالى لا يغلق باب التوبة أمام أحد من عبادِه، بل إنه دائمًا في انتظار عودتهم إليه؛ راغبًا أن تكون تلك التوبة النصوحة قبل فوات الأوان عن كُل ذنب يرتكبه ما عظم وصغر منه.