العدل في نظر الإسلام يحظى بقيمة عالية حيث انتشر الدين الإسلامي بانيًا دولة إسلامية عريقة قائمة على العدل والمساواة، فهو ما يُشير إلى عدم التفرقة والتميز والنزاهة في النظر في الأمور، لذا يوضح موقع سوبر بابا أهمية العدل في الدين الإسلامي.

العدل في نظر الإسلام

تظهر أهمية العدل في نظر الإسلام بقوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ} وفي قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَىٰ أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِفلغياب العدل تأثيرًا كبيرًا قد يعاني منه الناس جميعًا وسببا في هلاك الناس والأموال ويؤدي لظهور التطرف والجرائم كرد فعل على الظلم.

يرى الدين الإسلامي الحنيف أن العدل هو أساس قيام الأمم وانتشار الأمن والسكينة بين المجتمعات ولأهميته وعلى شأنه خصه الله عز وجل في آيات من كتابه الكريم الذي لم يترك أمر ديني أو دنيوي إلا وفسره.

  • قال تعالى: {فَإِن جَاءُوكَ فَاحْكُم بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ ۖ وَإِن تُعْرِضْ عَنْهُمْ فَلَن يَضُرُّوكَ شَيْئًا ۖ وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُم بَيْنَهُم بِالْقِسْطِ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ}.
  • قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَىٰ وَيَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ ۚ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ}.
  • قال تعالى: {وَمِمَّنْ خَلَقْنَا أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ}.
  • قال تعالى: {وَالسَّمَاءَ رَفَعَهَا وَوَضَعَ الْمِيزَانَ * أَلَّا تَطْغَوْا فِي الْمِيزَانِ * وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَلا تُخْسِرُوا الْمِيزَانَ}.

ثم جاءت سنة نبي الله –صلى الله عليه وسلم- كمصدر ثاني للتشريع بعد القرآن الكريم، حيث أمرنا الرسول الكريم باتباع مكارم الأخلاق التي على رأسها العدل والمساواة.

فكان رسول الله صلى الله عليه يحكم بالعدل بين المتشاحنين ولا ينظر إلى أشكالهم أو دينهم أو غيره، فيفصل بينهم بكل نزاهة وعدم انحياز لأي سبب كان.

  • قال رسول الله –صلى الله عليه وسلم-: “إن المقسطين عند اللهِ تعالى على منابرَ من نورٍ، على يمينِ الرحمنِ، الذين يعدلون في حكمِهم وأهلِيهم وما وُلُّوا“.
  • عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ثلاثة لا تُرَدُّ دَعْوَتُهُمْ الإِمَامُ الْعَادِلُ وَالصَّائِمُ حِينَ يُفْطِرُ وَدَعْوَةُ الْمَظْلُومِ يَرْفَعُهَا فَوْقَ الْغَمَامِ وَتُفَتَّحُ لَهَا أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَيَقُولُ الرَّبُّ عَزَّ وَجَلَّ وَعِزَّتِي لأَنْصُرَنَّكِ وَلَوْ بَعْدَ حِينٍ.
  • كما أشار رسولنا الكريم في العدل بين الأبناء بقوله لـبشير بن سعد الأنصاري والد النعمان بن بشير: (أتحب أن يكونوا لك في البر سواء؟ قال: نعم …) أي يقصد أتحب أن يكونا متساويين لك في البر فأعدل بينهم.

اقرأ أيضًا: أنواع الحياء في الإسلام

أنواع العدل في الإسلام

لا يوجد نشاط أو سلوك للإنسان إلا ويحتاج إلى العدل فهو يدخل في جميع جوانب الحياة سواء أسريًا، اقتصاديًا، اجتماعيًا، سياسيًا.

أولا: العدل بين الزوجات

أباح الإسلام التعدد بين الزوجات لأسباب كثيرة، ولكن هذا التعدد لا يعني ظلم واحدة من الزوجات أو جميعهم أو الانتقاص من حقوقهم، فالعدل شرط في الزواج المُتعدد فإن لم يقدر الشخص على العدل بين زوجاته فلا يحقق شرط التعدد.

فروى أبو هريرة رضي الله عنه أن رسول الله –صلى الله عليه وسلم-: “مَنْ كانتْ له امرأتان فمال إلى إحداهما جاء يومَ القيامةِ وشِقُّه مائلٌ، لذا على الرجل أن يعي جيدًا قبل الزواج أنه قادر على العدل بين أكثر من زوجة.

ثانيًا: العدل بين الأبناء

الذرية الصالحة من أفضل أرزاق الله التي يبسطها للعباد، فهي سبب في اتصال عمل العبد بعد موته، لذا على العبد العدل بين أبنائه.. حيث يخص العدل الإنفاق والمعاملة والاهتمام.

فعدم تحقيق العدل بينهم قد يولد ضغينة في نفوسهم تجاه بعضهم البعض، حيث روى النعمان بن بشير أن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- قال:

“أَعْطَانِي أبِي عَطِيَّةً، فَقالَتْ عَمْرَةُ بنْتُ رَوَاحَةَ: لا أرْضَى حتَّى تُشْهِدَ رَسولَ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فأتَى رَسولَ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَقالَ: إنِّي أعْطَيْتُ ابْنِي مِن عَمْرَةَ بنْتِ رَوَاحَةَ عَطِيَّةً، فأمَرَتْنِي أنْ أُشْهِدَكَ يا رَسولَ اللَّهِ، قالَ: أعْطَيْتَ سَائِرَ ولَدِكَ مِثْلَ هذا؟ قالَ: لَا، قالَ: فَاتَّقُوا اللَّهَ واعْدِلُوا بيْنَ أوْلَادِكُمْ، قالَ: فَرَجَعَ فَرَدَّ عَطِيَّتَهُ”.

ثالثًا: العدل المجتمعي

كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته فعلى الحاكم أن يعدل مع المحكوم، والسلطان يعدل مع رعيته، ولا يجعل ضعف الآخرين وسيلة لظلمهم وإيذائهم والمدير يعدل بين موظفيه، فالعدل هو ضرورة لتحقيق الرخاء ويعم الأمان.

رابعًا: العدل فى الحكم بين المتخاصمين

أوجب الإسلام على الحكام أن يعدلوا بين الناس، دون النظر إلى أوطانهم، أو أشكالهم، أو أحووالهم الاجتماعية، أو لغاتهم كما قال الله تعالي: {يُّاأيهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلا تَعْدِلُوا}.

اقرأ أيضًا: أهمية حسن الخلق في الإسلام

الفرق بين العدل والمساواة في الإسلام

الإسلام دين العدل المطلق والمساواة فيه مشروطة.. فلا يمكن المساواة بين الرجل والمرأة لما يتعارض مع قوله تعالى: “ليس الذكر كالأنثى”، فلا تكون المساواة إلى في مواضع مُحددة.

حيث فرق الله عز وجل بينهم كلٍ منهم في إرثه، لكن الله أمر بالمساواة بين الناس دون أخذ اللون أو الشكل أو النسب في الاعتبار، فكل بني آدم خُلقوا من تراب لم يُفرق بينهم إلا تقواهم.

فقال الله تعالى “ياأيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبًا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم”، وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: “لا فضلَ لعربيٍّ على عجميٍّ، ولا لعجميٍّ على عربيٍّ، ولا لأبيضَ على أسودَ، ولا لأسودَ على أبيضَ: إلَّا بالتَّقوَى، النَّاسُ من آدمُ، وآدمُ من ترابٍ“.

ثمرات تحقيق العدل

تطبيق العدل هو امتثال لأمر الله ورسوله فتطبيق العدل ينظم كل جوانب الحياة ويحقق الرخاء والسلام لما له من ثمرات مُتعددة.

  • العدل أساس الملك.
  • بالعدل تتحقق السكينة والأمان.
  • يأمن الناس على أولادهم وأهليهم وأنفسهم بالعدل.
  • العدل في الرعية يحقق توحيد الصف بين الحاكم والمحكوم.
  • العادل ينال محبة الله سبحانه وتعالى.
  • تطبيق العدل هو الطريقة التي ارتضاها الله ليأخذ المظلوم حقه.
  • تحقيق العدل هي الطريقة التي يردع بها الظالم.

اقرأ أيضًا: معنى الإسلام لغة واصطلاحًا

عواقب غياب العدل

إن لغياب العدل عواقب كبيرة حتمًا تؤثر على الفرد والمجتمع فالظلم يسبب الهلاك لما قاله الله سبحانه وتعالى: {تِلْكَ الْقُرَىٰ أَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَعَلْنَا لِمَهْلِكِهِم مَّوْعِدًا}.

  • ضياع الحقوق في الأعراض والأموال.
  • سعي الظالم لأخذ حقه بنفسه.
  • الاستخفاف بالقضاء.
  • ظهور التطرف والإرهاب.
  • غياب الأمن.
  • تفرق الكلمة.
  • ظهور الجماعات المسلحة.

أمر الله عز وجل بالعدل والمساواة، لذا على الأمة المُسلمة أن تعتمد على هذه الأسس ليتسنى لها التقدم دون مشكلات اجتماعية مُعدية.