العاطفة والعقل في التعامل مع الآخرين هما المتناقضان اللذان يتحكمان في سلوكيات الإنسان وتصرفاته، فالأمر يكون على ما يرام عندما يتفق كلٌ من العاطفة والعقل، أما إذا اختلفا فإن هذا يؤثر على الإنسان من خلال نشأة الصراعات الداخلية بين تحقيق رغبة عقله أم رغبة عاطفته فلمن تميل الكفة للعقل أم العاطفة؟ فهذا ما سنتعرف عليه عبر موقع سوبر بابا.

العاطفة والعقل في التعامل مع الآخرين

إن كل من العقل والعاطفة لا غنى عنهما في التعاملات الإنسانية والشئون الحياتية، فهما يمتلكان القدرة على تأمين سعادة الإنسان إذا استطاع أن يوازن بينهما بالشكل المطلوب.

أما إذا لم يستطع أن يوازن بينهما فهُنا تكمن المشكلة، وعند التأمل في السيرة النبوية فنرى رسول الله –صلى الله عليه وسلم– كيف تعامل مع هذا الأمر، فكيف كان مُحافظ على حدود الله وحقوق العباد؟ وكيف كان حليمًا ساحرًا في أسلوبه فقد كان لديه القدرة على أن يتعامل مع كل فرد بما يناسبه من القول والفعل.

أكدت الدراسات العلمية الحديثة أن العقل البشري يواجه الكثير من النزاعات والصراعات الناشئة بين العاطفة والعقل، والتي تتحكم بسلوك إنسان على وشك أن يقوم باتخاذ قرار يمكن أن يشبع فيه العاطفة على الفور، أم يحقق من خلاله الأهداف البعيدة للعقل!

عندما تم إجراء تصويت على موقع التواصل الاجتماعي “انستجرام”، وسؤال المتابعين ما إذا كانوا يفضلون العاطفة أم العقل في التعامل مع الآخرين؟

فالمعظم رأى وجوب الإصغاء في العديد من الأمور فهو بالعقل يتلاشى كثير من الأخطاء، ولكن هذا لا ينفي دور العاطفة في أمور مُعينة لا يستطيع العقل أن ينتصر فيها، فمثلًا عملية القدرة على الإقناع فهي تعتمد اعتمادًا كليًا على العاطفة، حتى تتم وإن كان البعض في هذه الحالة أيضًا يلجأ إلى بعض الأدلة المنطقية باستخدام العقل حتى يكون أكثر قدرة على الإقناع.

في إطار هذا الحديث يقول “هاري ميلز” مؤلف كتاب “فن الإقناع” أن العاطفة لها العديد من المميزات، فهي تؤدي إلى تغيير سلوك الفرد بشكل أسرع مما يفعل العقل والعاطفة تتطلب مجهودات أقل من التي يحتاجها العقل وتكون أكثر تأثيرًا.

إن العقل يعمل هو الذي يساعد الإنسان على تخطي معظم الأزمات التي يمر بها في حياته لاعتماده على المنطق في حل المشكلات كما أنه يقود صاحبه إلى تنمية الذكاء الاجتماعي والذي يقوم بدوره في تقدير الذات والثقة بالنفس.

أما إذا كان الفرد تقوده عواطفه دائمًا فسوف يكون أسيرًا لها غير قادر على اتخاذ أي قرار يخص المنطق؛ لذلك فإنك تجد هذا الشخص أكثر عُرضة للاستغلال الأمر الذي يجعله يقوم بتضحيات كبيرة لإشباع رغبات عاطفه.

أما في علاقات الحب فلا وجود للعقل من الأساس، فالكفة هنا ترجح للعاطفة وأما بالسؤال عن العلاقة الأقوى هل هي بالعقل أم العاطفة؟ فالجواب سوف يكون طبقًا للحالة والموقف.

إن العقل والمنطق يعتبر كل منهما جزء للآخر فمثلًاعند النساء تتغلب العاطفة بشكل كبير على كل قرارتهن وأفعالهن، أما الرجال فتجد أنهم يفضلون العقل في التعامل مع الآخرين؛ لذلك فإنك تجد أن الأم حنونة على أطفالها لتغلب عاطفتها، أما الرجل فيكون هو العقل المدبر للأسرة.

يستمر صراع العاطفة والعقل في التعامل مع الآخرين عندما يتطلب اتخاذ قرار عاجل وحاسم، فتوضع أمامك خيارين هل تعتمد على الحكمة والمنطق أم تأخذك عواطفك المستمدة من المشاعر والأحاسيس لاتخاذ قرارات مختلفة لا ندرك عواقبها فالقرار لك..

اقرأ أيضًا: الفرق بين الروح والنفس علميًا وفي الإسلام

كيف يمكن أن نحقق التوازن بين العقل والعاطفة؟

منعًا لاتخاذ القرارات الخاطئة وتكون عرضة للقلق والحيرة فلا بد من وجود التوازن بين العقل والعاطفة.. حيث توجد بعض النصائح التي تساعدك على تحقيق هذا التوازن.

  • العقل والعاطفة يكملان بعضهما البعض: لتحقيق التوازن بين العقل والقلب يجب أن تكون على علم أن كل منهما يدعم الآخر ويكمله، فالعقل دائمًا يكون بحاجة إلى العاطفة لإعطائه شيئًا من المرونة اليسر والعاطفة تكون بحاجة إلى العقل؛ لإضفاء نوعًا من المنطقية.
  • استشارة أهل الخبرة: فلا مانع إذا كنت لا تستطيع أن توازن بين العاطفة والعقل في التعامل مع الآخرين ولا تستطيع اتخاذ القرار الصحيح، فعليك ألا تتسرع في الحكم وتستشير أحد أهل الخبرة؛ ليساعدك ويوجهك إلى النقاط التي تجهلها عن نفسك.
  • الاستماع إلى المشاعر: إنكار وجود المشاعر هو ما يسبب الأزمة، ولكن يجب الاستماع عما يدور بداخلك، مع محاولة الاعتدال بين صوت العقل وصوت القلب حتى يتم تحقيق التوازن.
  • السيطرة على العقل والقلب: إن امتلاك زمام الأمور وعدم الانجراف وراء آراء القلب، إلا في حالات معينة مع تحقيق الموازنة بينهما، حتى يتم الاستمتاع بقلبك الودود بالإضافة إلى رجاحة عقلك.
  • كن إيجابيًا: كن مسئولية كاملة عن تصرفاتك وتعاملاتك مع الآخرين لذلك يجب أن تكون قراراتك مبنية على مواقف إيجابية وبناءً على علاقاتك مع من حولك.

اقرأ أيضًا: هل الزواج التقليدي ناجح

الخلطة السرية.. هي الذكاء العاطفي

في صدد الحديث عن العاطفة والعقل في التعامل مع الآخرين، فمن الجدير بالذكر أن تحقيق التوازن بينهما يستلزم “الذكاء العاطفي” الذي هو من أهم المهارات التي تستطيع من خلالها أن تصبح شخصًا ناجحًا سواء في حياتك المهني أو الشخصية، ولكي تستطيع أن تحققه عليك اتباع بعض الإرشادات.

  • كن صادقًا مع نفسك رقيبًا على ردود أفعالك، احرص على تفهم مشاعرك وكيفية التعامل معها، بالإضافة إلى فهم مشاعر الآخرين ومساعدتهم في عملية تقدير الذات.
  • معرفة كيف يتم السيطرة على المشاعر؛ لكي تتجنب إصدار الأحكام غير المنطقية والتي تؤدي إلى الفشل فيما بعد.
  • ضع أهدافك أمام عينيك واسعى إلى تحقيقها.
  • كن مصدر إلهام لمن حولك ويكون ذلك من خلال التواصل معهم وكسب احترامهم بطريقة الحب والود.

 العاطفة والعقل هما هبتان من الله – عز وجل – للإنسان، فأحيانًا تتغلب العاطفة على العقل لأسباب معينة والعكس صحيح فالأمر متوقف على الموقف والظرف الذي يوضع فيه الإنسان.