خبر اعتزال داوود عبد السيد كان له وقعًا ثقيلًا على كل عشاق السينما المصرية والعربية، لاسيما إن الكثير من النقاد يعتبرونه فيلسوف السينما المصرية وواحد من روادها المؤسسين، كما أن أعماله ما زالت خالدة ويشاهدها الناس حتى يومنا هذا بعد عشرات السنين، ومن خلال موقع سوبر بابا نتناول أسباب اعتزال هذا المبدع.

اعتزال داوود عبد السيد

اعتزال داوود عبد السيد

  • في إحدى حوارات المخرج القدير داوود عبد السيد على قناة CBC، سألته الإعلامية الشهيرة قصواء الخولي عن جديده، فأجاب عبد السيد بهدوئه وابتسامة التي تعودنا عليها (أنا خلاص اعتزلت الحمد لله).
  • موضحًا أن الحقل السينمائي أصبح لا ينسب نوعية السينما التي يصنعها، كما قال إنه لا يستطيع محاكاة الأفلام السطحية التي تجذب الجمهور حاليًّا ويدفع ثمن التذكرة من أجل الترفيه فقط.
  • كما أنه صرح بأن السينما لم تعد مُخصصة لمناقشة قضايا المجتمع والتغيرات النفسية التي تطرأ عليه، والتي اعتاد عبد السيد أن يطرحها في أفلامه.
  • أضاف المخرج الكبير داوود عبد السيد أن قرار الاعتزال جاء بعد أن صارت جميع أفلام التسلية مُمولة بشكل كبير وواضح، ويتم توزيعها على نطاق واسع بينما يفضل هو أن يكون تمويل الفيلم من تذكرة السينما فقط.
  • كما أشار إلى أن طبيعة رواد دور السينما هذه الأيام تمل من مناقشة القضايا، وتريد ما يخرجها من ضغوطات المجتمع وليس ما يعيدهم إليها، فالهروب من الواقع أصبح هو السمة الاجتماعية.
  • يعتقد عبد السيد أن السينما التي تخرج المشاهد من أعباء واقع أشبه بالمواد المخدرة التي تزيد من التأخر وتغييب الوعي.
  • كما أنه ينئ بنفسه عن المهزلة التي تحدث في السنوات الأخيرة على مستوى السينما، بينما يجلس الفنانين الحقيقيين دون عمل.
  • قال الفنان المعتزل (لم يجلس للتفكير في قرار الاعتزال أو عدم الاعتزال)، كما وصف القرار بأنّه (أبسط من ذلك بكثير).
  • أكد أيضًا على إنّه يستطيع تصوير أفلام من النوعية التي يفضلها الجمهور الحالي، لكنه غير مهتم بعمل أفلام تجارية، وإنما اهتمامه الأكبر كان بعمل أفلام فنية.
  • اقرأ أيضًا: سبب اعتزال روجير فيدرر أفضل لاعب تنس بالعالم

السيرة الذاتية لداوود عبد السيد

بعد معرفة أسباب اعتزال الفيلسوف داوود عبد السيد نتعرف الآن على بدايته وبعض ملامح سيرته الذاتية والفنية، ولد المخرج المصري داوود عبد السيد في الثالث والعشرون من نوفمبر لسنة 1946.

  • يقول عن بداياته (لم يكن حلمي أن أكون مخرجًا بل كنت ارغب في العمل بالصحافة) كما صرح عبد السيد أن الصدفة هي ما جعلته يكتشف حبه للفن، حيث كان أحد أقربائه يحب مجال التصوير السينمائي وكان لديه كاميرا.
  • كان يشاركه عمل بعض المحاولات الفنية في المنزل حتى وجد نفسه على علاقة بالعديد من العاملين في الوسط الفني، وكانت بداية تجربته السينمائية في أستوديو جلال.
  • يحكي عبد السيد أن أول موقع تصوير دخله كان للمخرج القدير أحمد ضياء الدين، وتعرف عليه بسبب زمالته لابنه في الدراسة، ويحكي عبد السيد عن انبهاره بالسينما واتخاذ القرار بدخول هذا المجال.
  • كانت بداية مسيرته في السينما بالعمل كمخرج مساعد في بعض الأفلام العظيمة مثل الأرض.
  • حيث تتلمذ على يد الأستاذ المبدع يوسف شاهين، عمل أيضًا في فيلم الرجل الذي فقد ظله للقدير كمال الشيخ.
  • لكن شغفه الأول والأخير كان لمهنة الإخراج، ولم يجد نفسه في مهنة المخرج المساعد، والتي رأى أنها تحتاج إلى التركيز طوال الوقت وهو شخص حالم بطبيعته.
  • لم يكن الإخراج السينمائي بالنسبة لداوود عبد السيد مهنة مثل باقي المخرجين، حيث يستلم النص ويقوم بتقسيم المشاهد ووضع ميزانية له.
  • إنما يقول إن الفيلم بالنسبة له هو تصور عن حالة إنسانية مُحددة يقوم بكتابتها وتصويرها وإخراجها.

اقرأ أيضًا: أفضل أفلام نور الشريف

أهم أعمال داود عبد السيد

بعد معرفة خبر اعتزال داوود عبد السيد علينا أن نتعرف على أهم محطات نجاح مسيرته، لم يكن عدد الأفلام التي قدمها عبد السيد للسينما المصرية كبيرًا نظرًا للمشكلات الإنتاجية التي كان يواجه، ونوعية الأفلام التي لا تناسب الجمهور، برغم قيمتها الفنية العالية، كما أنه استطاع أن يقدم نوعية تمامًا من الأفلام المجددة.

  • فيلم الكيت كات: يحكي الفيلم عن شخصية الشيخ حسني الذي يعاني من فقدان البصر ويحاول اكتشاف الحياة، ولديه الكثير من الشغف برغم حياته الصعبة وفشله في تحقيق أحلامه وتقديم الدعم لأسرته، الفيلم يعتبر من روائع عبد السيد بل من روائع السينما المصرية عامة.
  • فيلم الصعاليك: يحكي الفيلم عن شخصيتين يعيشان حياة الصعلكة ويبحثان عن الربح السريع، والذي يتحقق بالفعل من خلال تجارة المخدرات، ومشاركة إحدى الشخصيات ذات النفوذ، حتى يغدر بهم ويختلفان في النهاية حول الانتقام منه، بعد خسارة السلطة والمال والعودة لحياة الصعاليك مرة أخرى.
  • فيلم البحث عن سيد مرزوق: تدور الأحداث حول شخصية يوسف الذي يستيقظ في يوم من الأيام قاصدًا العمل؛ ليكتشف أن اليوم هو عطلة رسمية، لينزل إلى الشوارع ويجد أن وطنه قد تغير كثيرًا دون ملاحظة، لأنه كان لا يمارس حقة في الاعتراض على الأوضاع حتى سرق الوطن منه.
  • فيلم أرض الخوف: من أعظم أعمال داوود عبد السيد ويتناول شخصية يحيى الذي يتحول من ضابط شرطة إلى تاجر مخدرات، بتعليمات من مدرائه ليكتب لهم التقارير عن هذا الوسط الإجرامي، إلا أنه يواجه العديد من المشكلات النفسية والاجتماعية جراء هذه الخطة الجامحة.
  • فيلم قدرات غير عادية: تتناول قصة الفيلم شخصية يحيى الذي يفشل في عمل بحث عن القدرات الخارقة، فيذهب إلى فندق منعزل مطل على البحر ليتعرف على أنماط جديدة من البشر، مما يجعله يتعرف على السحر بداخلهم وبداخل نفسه ويرى الحياة بشكل مختلف، ويعد آخر فيلم قبل اعتزال داوود عبد السيد.
  • فيلم رسائل البحر: مثل عادةً داوود عبد السيد أن يسمي شخصيته الرئيسية يحيى في هذا الفيلم هو الطبيب شاب يعاني من مشكلات في التخاطب، ويتورط في العديد من المشكلات الاجتماعية، إلى جانب تعرضه للسخرية، فيقرر ترك الطب والعمل صياد ليقابل الشخصيات التي أثرت فيه وتأثرت به.

اقرأ أيضًا: أفضل 100 فيلم مصري في القرن العشرين

ملامح مدرسة داوود عبد السيد

بعد معرفة الخبر الحزين حول اعتزال داوود عبد السيد علينا أن نتعرف على أهم مظاهر عبقريته وملامح مدرسته الفنية، التي رسخها من خلال أعماله الخالدة، ويتم تدريسها في جميع معاهد السينما العربية.

  • الواقعية الساحرة هي السمة الأساسية في أعماله، فلا يلجأ عبد السيد إلى الفانتازيا، لكنه يحب إعطاء مذاق خاص للواقع الذي يجسده.
  • لا يقوم عبد السيد مثل بعض المخرجين بنسخ الواقع، كما هو وإنما ينتقي منه ما يناسبه ويعيد ترتيبه ويختار المنظور الذي يصور من خلاله هذا الواقع؛ لكي ينتج عنه عمل فني رائع ومعبر.
  • في المجموعة الأخيرة من أفلام عبد السيد تبنى نهجًا في الكتابة وهو دخول شخص في بعض الأحداث التي تُغير منظوره للحياة وتؤول به إلى التغيير، ظهر ذلك بشكل كبير في أرض الخوف وقدرات غير عادية ورسائل البحر.
  • اتسم الجانب البصري والسمعي بالإبداع والإبهار دون مبالغة أو تكلف، مما دعم العاني والمشاعر التي يريد إيصالها للمتلقي.
  • لأن عبد السيد يحب الفقراء لا يسخر منهم، ولكنه يعري حقيقتهم دون إهانة كرامتهم، لذلك نجد أنه مهتم بالطبقة الكادحة، وظهر ذلك بشكل كبير في فيلم الكيت كات.
  • لم يتأثر بالاتجاهات الفنية الغربية وعوضًا عن ذلك أنشأ لنفسه مدرسة خاصة به أبهرت العديد من الفنانين والنقاد، وتأثر به الكثير من المخرجين العرب.

يُعد داوود عبد السيد صاحب التحفة الخالدة فيلم الكيت كات الذي اعتبره النقاد والجمهور واحد من أفضل 100 فيلم في السينما المصرية.