أهداف حركة عدم الانحياز تجلّت إبّان الحرب الباردة وتُعد بدورها من نتائج الحرب العالمية الثانية، عزمت على تأسيس الحركة الدول النامية تحت القيادة المصرية لتكون بمعزل عن استقطابات القوى العظمى.. وفي سوبر بابا نوافيكم بالمزيد عن تلك الحركة السياسية.

أهداف حركة عدم الانحياز

إنّ حركة عدم الانحياز هي ذلك التجمع الدولي الذي ضم ما يقرب من 120 دولة من بين الدول النامية أثناء الحرب الباردة بين الاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة الأمريكية.. المعسكرين الشرقيّ والغربيّ على الترتيب.

سُميت حركة عدم الانحياز بهذا الاسم باعتبارها اختارت الحياد، فلم تتخذ موقفًا مواليًا لأي من القطبين الكبيرين حينذاك، ولم تتجه نحو جه متصارعة معينة، فهي رافضة للجهتين ولا ترغب في الاحتماء أو التبعية.. لذا كانت أهداف حركة عدم الانحياز:

  • إنشاء تيار فريد من نوعه لا ينحاز لأي من القوى العظمى على الساحة الدولية.
  • انتهاج سياسة مستقلة تقوم على التعايش رغم الاختلاف، فالدول المشتركة في عدم الانحياز مختلفة النظم السياسية والاقتصادية والاجتماعية إلا أنها متفقة في انتهاج سياسة واحدة.
  • عدم الدخول في حلف عسكري جماعي، كحلف وارسو وحلف الناتو، وهما المقيمان في إطار الصراع بين القوى العظمى.
  • تأييد حركات الاستقلال القومي في الدول العربية.
  • عدم إظهار اتجاه يفي بتحيز إلى معسكر ما، فيتنافى مع سياسة عدم الانحياز.
  • عدم السماح بوجود أي قواعد عسكرية خاصة بدولة أجنبية في إقليم دولة عربية مستقلة.. بإرادتها الحرة.
  • لا تخضع أي من الدول الأعضاء في عدم الانحياز إلى اتفاقية ثنائية مع أي من الدول الكبرى.

اقرأ أيضًا: أسباب الثورة الفرنسية المباشرة والغير مباشرة

مبادئ حركة عدم الانحياز

لم تكن أهداف حركة عدم الانحياز بمعزل عن المبادئ التي قامت عليها، إلا أن التحديات التي واجهتها وهددت من مسيرتها كانت عاملًا للتأكيد على تلك المبادئ.

  • تنمية القدرات العلمية والتكنولوجية للدول النامية.
  • التعاون بين الأعضاء في الحركة لما تتطلبه احتياجات الدول النامية.
  • وجود جهود واعية لتدعيم الروابط بين الدول على الجانب الثقافي والاقتصادي والاجتماعي.
  • خلق بيئة أفضل تتيح فرصة التعاون الإقليمي.
  • أي تهديد تتعرض له أي من الدول الأعضاء يُعتبر تهديد لأمن كافة الدول، من هنا يجب الاتفاق على التخلص منه بخطوات إيجابية.
  • الحرص على عدم انتهاك وحدة الدول أو سلامة أراضيها.
  • التوصل إلى تسويات سلمية نهائية في حال الصراعات على الحدود الإقليمية.
  • أن تحترم كل دولة النظام السياسي في كل الدول الأخرى.
  • من حق كل دولة أن تقرر نمط النظام الذي تتبعه، فلا تدخل خارجي في ذلك.

مزايا عدم الانحياز على الصعيد العسكري

رغم أن الظاهر من أهداف حركة عدم الانحياز هو مقتضيات المصالح القومية إلا أن هذا لا ينفي وجود بعض المزايا التي رآها زعماء الحركة جليّة في انتهاجهم سياسة عدم الانحياز.

  • دول عدم الانحياز في موقف أفضل يجعلهم طالبين المساعدات الاقتصادي من طرفي الصراع إبّان الحرب الباردة.
  • الدخول في أحلاف والتزامات عسكرية من شأنه تعطيل وعرقلة عجلة التنمية الاقتصادية التي تحتاجها الدول النامية.. في ظل الموارد المحدودة لاسيما للدول ذات العهد الجديد بالاستقلال.
  • حرية العمل هي المبدأ المُعلن عنه في السياسة، بيد أن الانضمام لأي من المعسكرين كان من شأنه إعاقة تلك الحرية.
  • لا شك أن سياسة عدم الانحياز تحيد بالدول عن التبعية، فتُعزز من المكانات الوطنية والاستقلال والحرية السياسية.

حركة عدم الانحياز واستراتيجية توازن النظام الدولي

من أهداف حركة عدم الانحياز المعلنة هو عدم الارتباط بأي من سياسات الدول الكبرى، أو أن يتخذ هذا الارتباط شكلًا للتحالف، وهو ما يجعلها كرمانة الميزان على الساحة الدولية.

إلا أنها على أرض الواقع كانت بحاجة إلى جهود مضنية للتمكن من عدم الانحياز الفعلي.. فقد قبلت بعض الدول بوجود قواعد عسكرية أمريكية على أراضيها، ناهيك عن عدم التمكن من حل النزاعات بين الأعضاء.

اقرأ أيضًا: أحمد حسن البكر السيرة السياسية

نشأة حركة عدم الانحياز

  • تُعتبر من نتائج الحرب العالمية الثانية.
  • تعود فكرة التأسيس إلى مؤتمر باندونغ في إندونيسيا.
  • نشأت عام 1961 بعد مؤتمر باندونغ الذي كان عام 1955م في أبريل.
  • تأسست في بلغراد وهي عاصمة يوغسلافيا، لتضم وقتها 29 دولة.
  • كانت إثر دعوة رئيس يوغسلافيا المارشال “جوزيف تيتو”.
  • تلاه الراحل عبد الناصر، ورئيس وزراء الهند “جواهر لال نهرو”.
  • كانت القمة الأولى في 1961 في سبتمبر، وحضرها ممثلو 25 دولة أسيوية وأفريقية.
  • من أطلق عليها ذلك الاسم هو نهرو في خطابه بكولومبو 1954م.. في إشارة منه إلى التيار الثالث البعيد عن المعسكرين.

مقررات مؤتمر باندونج لحركة عدم الانحياز

باعتباره الانطلاقة في سيل المؤتمرات التي غلفت حركة عدم الانحياز بأهداف ومبادئ.. يُمكننا ذكر أهم النقاط التي سلط عليها الضوء.

  • امتناع أي دولة عن الضغط على غيرها من الدول.
  • الامتناع عن التدخل في شؤون الدولة الداخلية.
  • احترام سيادة كل دولة على أراضيها.
  • احترام أهداف ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة.
  • الاعتراف بحقوق الإنسان الأساسية.
  • إقرار المساواة بين كافة الأجناس.
  • كل أمة لها الحق في الدفاع عن نفسها بشكل فردي أو جماعي.
  • عدم استخدام التنظيمات الدفاعية الجماعية في سبيل المصلحة الفردية.
  • احترام الالتزامات الدولية.
  • تعزيز التعاون المتبادل بين الدول.
  • تحقيق متطلبات التنمية المشتركة للأعضاء.
  • تجنب التهديدات العدوانية لأي من الدول.
  • عدم استخدام العنف ضد السيادة السياسية.
  • تسوية أي نزاع بالطرق السلمية.

أعضاء حركة عدم الانحياز

  • يُذكر أن الحركة تكونت من 120 دولة، في عدة قارات.
  • تكونت من فريق رقابي من 17 دولة + 10 منظمات دولية.
  • انضمت منظمة التحرير الفلسطينية إلى الحركة في 1970م.. وأخذت العضوية الكاملة في 1975م.

هيكلة حركة عدم الانحياز

  • الإدارة تكون بشكل شامل ودوري لجميع الأعضاء.. فلهم أحقية المشاركة.
  • لا يوجد دستور أو سكرتارية دائمة تابعة للحركة.
  • تم تخصيص مكتب دائم للتنسيق في أوضاع الحركة يضم ممثلي 36 دولة، وكان ذلك في عام 1973م.. ليبدأ أعماله في 1974م.
  • الاجتماع بانتظام في منظمة الأمم المتحدة.. بصفة سفير شؤون دول عدم الانحياز في المنظمة الدولية.
  • لا يوجد بنية إدارية يقبلها جميع الأعضاء، لأن مصالح الدول الأعضاء وأيدولوجياتهم تختلف بطبيعة الحال.
  • رئاسة الحركة تنتقل إلى الدولة التي تستضيف القمة عندها.
  • على أن تكون رئاسة الحركة 3 سنوات، ومن ثم يحدث تغيير.
  • الدولة التي تنتقل رئاسة الحركة إليها عليها إنشاء جانب في وزارتها الخارجية مختص بمعالجة قضايا الحركة.

قمم ومؤتمرات حركة عدم الانحياز

المؤتمر سنة الانعقاد الأهداف
هافانا 1979 ·       تحقيق الاستقلال الوطني والسيادة لكل دولة.

·       التأكيد على أمن الدول أثناء كفاحها ضد الاستعمار.

·       محاربة التمييز العنصري، والتدخل الأجنبي.

لوساكا 1970 ·       التأكيد على السلم العالمي.

·       تحقيق أهداف التنمية الاقتصادية.

القاهرة 1964 ·       تعزيز التعاون الاقتصادي الدولي.

·       مساعدة حركات التحرر الوطني.

الجزائر 1973 ·       النظر في الوضع الاقتصادي في دول العالم النامي.

·       تعزيز حركات التحرير.

بلغراد 1961 ·       وجوب التخلص من أي قواعد عسكرية لدولة أجنبية.

·       التأكيد على الحق في تقرير المصير.

هكذا تبلورت أهداف حركة عدم الانحياز فيما أقامته من القمم والمؤتمرات الهامة التي جمعت بين أعضائها على انتهاج سياسة واحدة.

اقرأ أيضًا: أسباب قيام ثورة 23 يوليو 1952

الأحادية القطبية وانهيار عدم الانحياز

كانت المواجهة السياسية وصراع الأيديولوجيات في أوجّها بين المعسكر الغربي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية والمعسكر الشرقي بقيادة المُحتل الروسي.

هي مواجهة لكن دون دماء، أي اتخذت شكلًا غير مباشر، لذلك سُميت بالحرب الباردة بين المعسكرين، على أنها امتدت منذ الحرب العالمية الثانية وحتى انهيار السوفييت.

أي من عام 1947 إلى 1991 بين أكبر قوتين في العالم، فانقسمت الساحة الدولية بينهما، ليكون هناك اتجاه شيوعي وآخر ليبرالي وفقًا للأيدولوجيات المتنافرة.. لذا كانت من أهداف حركة عدم الانحياز أن تكون بمعزل عن تلك الاتجاهات.

لكن آل الصراع في نهاية المطاف إلى انهيار المعسكر الشرقي.. فدخل العالم بأسره عصر الأحادية القطبية، متمثلة في الولايات المتحدة الأمريكية، القوة العظمى الوحيدة التي تربعت على عرش الانتصار.. وهكذا انهارت أهداف حركة عدم الانحياز.

فإن كانت تسعى الحركة إلى الابتعاد عن الثنائية القطبية.. إلا أنه بانهيار تلك الثنائية، انهار معها هدف الحركة، وأصبحت الدول جمعاء تحت السيطرة الأمريكية.

الفلسفة التي اتبعتها حركة عدم الانحياز جعلتها تجمع دولي ليست له صفة انتماء لأي من الكتلتين، وتجلت تلك الفلسفة في الخطابات السياسية للحركة.