ما هو الفرق بين الجن والشياطين؟ وما دلائل وجود الجن؟ إن عالم الجن من أكثر العوالم الغامضة التي سمع الإنسان عنها، والعبد المؤمن الحق عليه أن يؤمن بالغيبيات ومن ضمنها وجود الشياطين والجن، ولكن قد تختلط الأمور على بعض الأشخاص ولا يستطيعون التفرقة بين كلًا من الجن والشياطين، وهو ما نعرفه سويًا، من خلال موقع سوبر بابا.
الفرق بين الجن والشياطين
إن الله عز وجل خلق الإنسان وأمره بعبادته، وكذلك الجن والشياطين، ولكن لكل منهم العالم الخاص به، فعالم الجن خفيًا عن عيون الإنسان لا يمكنه أن يدخل إليه أو يتصرف في شؤونه، ولمعرفة الفرق بين الجن والشياطين تفصيليًا، سوف نتعرف على كل منهم على حدة.
أولًا: تعريف الجن
خُلق الجن لكي يعبد الله عز وجل، ويمكن الاستدلال على ذلك من قول الله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ)، بالإضافة إلى أن الجن عاقل ومُدرك لِما يفعله، كما أن لهم مطلق الحرية في فعل الشر أو الخير، وقد يتعجب البعض من سماع ذلك، الجن مثل الإنسان يوجد منه العاصي والمؤمن وهم أيضًا كذلك وهم من سكنوا الأرض قبل بني آدم.
بُعث رسول الله صلى الله عليه وسلم للإنس وكذلك الجن، مما يدل على أنهم مكلفون بكافة الأمور الشرعية التي يُكلف بها الإنسان، مثل الصيام والصلاة وذكر الله تعالى وتلاوة القرآن الكريم، وغيرها من العبادات، وبالفعل آمن بعض الجن بنبي الله محمد عليه أفضل الصلاة والسلام، وكفر البعض، مثلما حدث مع الإنسان.
يمكن الاستدلال على ذلك من قول الله تعالى على لسان الجن: (وَأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ وَمِنَّا الْقَاسِطُونَ فَمَنْ أَسْلَمَ فَأُولَئِكَ تَحَرَّوْا رَشَدًا*وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَبًا)، يمكن تلخيص هيئة الجن في أنهم أجسام تعقل ويغلب عليها الهواء والنار ولهم قدرة على التشكل، أصل الجن يختلف تمامًا عن أصل الإنسان، وتم إطلاق هذا الاسم عليهم نظرًا لاجتنانهم، أو استتارهم عن العيون.
اقرأ أيضًا: أقوى تحصين من السحر والعين والجان واللصوص والحسد
ثانيًا: تعريف الشياطين
كل من كفر من الجن بالله عز وجل أو رسوله فهو شيطانًا، أي أن الشيطان هو الجن ولكنه كفر وخرج من رحمة الله تعالى، ويمكن الاستدلال على ذلك من قول الله تعالى: “إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا” (الكهف: 50).
اسم الشيطان تم اشتقاقه من البُعد؛ وذلك لتمرده عن طاعة الله عز وجل، ويمكن إطلاق نفس الاسم على كل متمرد يكفُر بالله تعالى سواء كان جن أو إنس أو حيوان، وكل إنسان يوجد معه شيطان وملك، وذلك تصديقًا لقول الرسول صلى الله عليه وسلم:
(ما منكم من أحد إلا ومعه قرينه من الجن والملائكة، قالوا: وأنت يا رسول الله؟ قال: وأنا، إلا أن الله أعانني عليه فأسلم).
دلائل من القرآن والسنة على وجود الجن
لا يتسنى للإنسان أن يكفُر بوجود الجن والشياطين، فهو عالم الغيب الذي لا يعلمه إلا الله تعالى، وأمرنا بتصديقه والإيمان به، وبعد أن تمكنا من التعرف على الفرق بين الجن والشياطين، يجدر بنا ذكر الدلائل على وجودهما من القرآن الكريم، والسنة النبوية المطهرة.
- {قل أوحي إلي أنه استمع نفر من الجن فقالوا إنا سمعنا قرآنا عجبا} (الجن:1).
- {يا معشر الجن والإنس ألم يأتكم رسل منكم يقصون عليكم آياتي وينذرونكم لقاء يومكم} (الأنعام:130).
- {قال ادخلوا في أمم قد خلت من قبلكم من الجن والإنس في النار} (الأعراف:38).
- }وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ الْجِنَّ وَخَلَقَهُمْ وَخَرَقُوا لَهُ بَنِينَ وَبَنَاتٍ بِغَيْرِ عِلْمٍ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَصِفُونَ{ (الأنعام 100:).
- }قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا وَلَقَدْ صَرَّفْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ فَأَبَى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَّا كُفُورًا{ (الإسراء 89 / 88)
- }وَحُشِرَ لِسُلَيْمَانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ وَالطَّيْرِ فَهُمْ يُوزَعُونَ{ (النمل 17)
- }وَلَوْ شِئْنَا لَآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا وَلَكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ{ (السجدة 13 )
- }وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ يَقُولُ لِلْمَلَائِكَةِ أَهَؤُلَاءِ إِيَّاكُمْ كَانُوا يَعْبُدُونَ قَالُوا سُبْحَانَكَ أَنْتَ وَلِيُّنَا مِنْ دُونِهِمْ بَلْ كَانُوا يَعْبُدُونَ الْجِنَّ أَكْثَرُهُمْ بِهِمْ مُؤْمِنُونَ فَالْيَوْمَ لَا يَمْلِكُ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ نَفْعًا وَلَا ضَرًّا وَنَقُولُ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذُوقُوا عَذَابَ النَّارِ الَّتِي كُنْتُمْ بِهَا تُكَذِّبُونَ{ (سبأ 40/ 42)
- }وَجَعَلُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجِنَّةِ نَسَبًا وَلَقَدْ عَلِمَتِ الْجِنَّةُ إِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ{ (الصافات 158/ 159)
- }وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ{ (الذاريات 56 /58)
- }حُورٌ مَقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ{ )الرحمن 72/ 75).
- تروي أمّ المؤمنين عائشة عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه قال: “خُلِقَتِ المَلائِكَةُ مِن نُورٍ، وخُلِقَ الجانُّ مِن مارِجٍ مِن نارٍ، وخُلِقَ آدَمُ ممَّا وُصِفَ لَكُمْ”.
- أبو هريرة رضي الله عنه: ما بَالُ العَظْمِ والرَّوْثَةِ؟ قالَ: “هُما مِن طَعَامِ الجِنِّ، وإنَّه أتَانِي وفْدُ جِنِّ نَصِيبِينَ، ونِعْمَ الجِنُّ، فَسَأَلُونِي الزَّادَ، فَدَعَوْتُ اللَّهَ لهمْ ألّا يَمُرُّوا بعَظْمٍ، ولَا برَوْثَةٍ إلَّا وجَدُوا عَلَيْهَا طَعَامًا“.
- يقول صلّى الله عليه وسلّم: “إنَّ لِلَّهِ مِئَةَ رَحْمَةٍ أَنْزَلَ منها رَحْمَةً وَاحِدَةً بيْنَ الجِنِّ وَالإِنْسِ وَالْبَهَائِمِ وَالْهَوَامِّ، فَبِهَا يَتَعَاطَفُونَ، وَبِهَا يَتَرَاحَمُونَ، وَبِهَا تَعْطِفُ الوَحْشُ علَى وَلَدِهَا، وَأَخَّرَ اللَّهُ تِسْعًا وَتِسْعِينَ رَحْمَةً، يَرْحَمُ بِهَا عِبَادَهُ يَومَ القِيَامَةِ”.
اقرأ أيضًا: أدعية يومية قصيرة لتحصين النفس
أنواع الجن
من حيث الديانة فإن الجن له ثلاثة أنواع مختلفة، وكما ذكرنا سالفًا الفرق بين الجن والشياطين، علينا العلم أيضًا بأنواع الجن المختلفة.
1- الجن المسلم
يعتبر هذا الجن هو الذي يؤمن بالله تعالى ورسوله الكريم سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وحياة هذا الجن تختلف تمامًا عن غيره من الجن الكافر الذي رفض السجود إلى بني آدم، حيث إنهم لا يسكنوا المساكن التي تحتوي على القازورات أو الأماكن النجسة، بالإضافة إلى أنهم لا يقدمون على إيذاء الإنسان.
يقومون بفعل كافة العبادات مثل قراءة القرآن الكريم، والصلاة والصوم والحج وغيرها، وهو ما جعل حياتهم أشبه شيء بحياة الإنسان، ولكن لا يتسنى لبني آدم الاطلاع على هذه الحياة أو اختراق الحاجز الذي وضعه الله تعالى.
2- إبليس وجنوده
هذا من نوع الجن الكافر، وتكمُن مهمته الأساسية في إغواء بني آدم وإبعادهم عن طريق الحق، لكي يكونوا مثلهم خارجين عن رحمة الله عز وجل، ويمكن الاستدلال على ذلك من قول النبي صلى الله عليه وسلم:
“إذا أصبَح إبليسُ بثَّ جنودَه فيقولُ: مَن أضَلَّ اليومَ مُسلِمًا ألبَسْتُه التَّاجَ، قال: فيخرُجُ هذا فيقولُ: لم أزَلْ به حتَّى طلَّق امرأتَه، فيقولُ: أوشَك أنْ يتزوَّجَ، ويجيءُ هذا فيقولُ: لم أزَلْ به حتَّى عَقَّ والدَيْهِ، فيقولُ: أوشَك أنْ يبَرَّ، ويجيءُ هذا فيقولُ: لم أزَلْ به حتَّى أشرَك، فيقولُ: أنتَ أنتَ، ويجيءُ فيقولُ: لم أزَلْ به حتَّى زنى، فيقولُ: أنتَ أنتَ، ويجيءُ هذا فيقولُ: لم أزَلْ به حتَّى قتَلَ، فيقولُ: أنتَ أنتَ، ويُلبِسُه التَّاجَ“.
هناك أنواع مختلفة من جنود أبليس، ويتم ترتيبهم منازل تمامًا مثل المناصب التي يضعها الإنسان، وهم العفاريت والمارد والشيطان العادي.
3- جن القرين
شيطان كافر بالله عز وجل، ولكن له القدرة على الاقتران بالإنسان وسكن جسده منذ الولادة، وذلك رغبةً في إغوائه إلى طريق الضلال وإبعاده عن طريق الله الحق، ومهمة القرين تنتهي بمجرد موت الإنسان، ولا يوجد ما يشير إلى أين يذهب القرين إن مات الجسد الذي يعيش به.
لكن الإنسان الذي يؤمن بالله تعالى وقوي النفس ويقوم بفعل الطاعات لله تعالى لن يقدر عليه القرين، بل ويتغلب هو عليه، ويمكن الاستدلال على ذلك من قول النبي صلى الله عليه وسلم: “إنَّ المؤمنَ ليُنضي شياطينَه كما يُنضي أحدُكم بعيرَه في السَّفرِ”.
اقرأ أيضًا: آيات تحصين النفس من كل شيء
التحصين من شر الجن والشياطين
إن الجن قادرًا على دخول حياة الإنسان وتغييرها رأسًا على عقب، فيمكن أن يغويه ويُبعده عن طريق الحق، وهو ما حذرنا منه سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم في العديد من الأحاديث النبوية الشريفة الواردة عنه، ومن طرق التحصين الصحيحة:
- الإكثار من استغفار الله عز وجل.
- الاستعاذة بالله تعالى من الشيطان الرجيم.
- قراءة المعوذتين قبل النوم.
- المداومة على الرقية الشرعية الصحيحة.
- المحافظة على كل ما أمر به الله تعالى من فروض مثل الصلاة والصيام.
- قراءة أواخر سورة البقرة قبل النوم.
- التسبيح والتهليل والتكبير طوال الوقت.
- الابتعاد عن فعل الفواحش ومشاهدة المحرمات.
- الدعاء لله عز وجل في كل وقت وحين؛ حيث يعتبر الدعاء من أسمى العبادات وأكرمها على الله تعالى.
هناك العديد من الدلائل التي توضح الفرق بين الجن والشياطين، ويجب العلم بأن الله تعالى جعل هذا العالم بعيدًا عن الإنسان لحمايته وحفظه من شرورهم، وعلى الرغم من ذلك يحاول السحرة اختراقه.